سنة العراق ومحاولة تقمص الدور الشيعي /سمير القريشي
Wed, 20 Feb 2013 الساعة : 23:33

قالوا أن صناديق الاقتراع كفيلة بحسم الصراع على السلطة في العراق. وان الديمقراطية ستقضي والى الآبد على هاجس التناحر الطائفي الذي مابرح يوما من أيام العراق دون أن يرهقنا بارهاصتة وألمه وإرهابه. لكن كل هذه الآمال ذهبت أدراج الرياح .لان المشكلة اكبر من انتخابات وبرلمان ودستور وصناديق اقتراع..وها نحن نواجه في مرحلة ما بعد الربيع العربي ( الربيع السلفي ) تحديا يعتقد الكثيرون بأنه سيرسم الخارطة السياسية لأكثر من خمسة عقود قادمة . وكل هذا بعد دخول العراق في نفق حربا أهلية أكلت الأخضر واليابس..
أن التنوع المذهبي في العراق لا يسمح بمنط الديمقراطية التوافقية والتي حكمته بعد الاحتلال عام 2003 مع أنها أسوء أنواع الديمقراطية ..وبالتالي فان الحل الأمثل كما كان يتوهم البعض التقسيم باعتباره العلاج الناجع .لكنه لم ولن يكون لا من اجل الوحدة الوطنية والحافظ على سيادة العراق على كامل ترابه الوطني من اجل عراق وقوي ومتقدم ومزدهر , بل لان طائفة من طوائفه سوف تخسر مع التقسيم الكثير أو أنها لا تستطيع أن تنشأ دولة قوية في غرب العراق بمقدورها مقارعة دولة جنوب العراق... سيخسر السنة عائدات النفط الثرية اقتصاديا وسياسيا واستراتجيا بينما سينفتح الجنوب العراقي إلى إيران لتشكيل قوة شيعية كبيرة بمقدورها تغير سياسية أحادية القطب التي حكمت العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق . الآمر الذي لا يدع مجالا لتقسيم العراق.. وعلى هذا نحن أمام خيارين فإما أن يحكم العراق من السنة على أن يكون للشيعة دورا ثانويا في السلطة. بينما سيقبل الشيعة بحكومة يتنازلون فيها عن استحقاق الأكثرية, وهذا ما حصل فعلا في تجربتين انتخابيتين سابقتين . قبال أن يكون لهم مشاركة أساسية في السلطة ,بل أنهم سيقبلون بتقسيم العراق حتى يتخلصوا من العقدة التاريخية التي أكلت منهم ملايين الشيعة. لكن السنة لن ولم يقبلوا آلا بحكم العراق لوحدهم .
جدلية الصراع الطائفي في العراق ليس حدثا عابرا أو نتيجة لظروف خاصة طرأت على الواقع الاجتماعي والسياسي. أنها جدلية متجذره منذ أن دخل الإسلام العراق, فعلى الرغم من المحاولات الكثيرة لحل هذه العقدة آلا أن كل المحاولات باءت بالفشل ..وقد ترشح عن هذا الصراع الطويل نتائج منها أن السنة دائما ما حكموا العراق فكانوا ونتيجة لوضعهم الطويل في الحكم في موضع الجلاد ( ولا أقول هنا السنة كمسلمين ) بل اقصد بالجلاد الجهاز الحاكم..بينما كان الشيعة في موضع الدفاع والمقاومة ولا أبالغ أذا قلت أن الشيعة على طول التاريخ في موضع الدفاع عن النفس ..لم يأملوا من الحاكم السني بأكثر من دفع الشر ..حملات إبادة. ومقابر جماعية .وتدمير لرموز المذهب .وقتل لعلمائهم .وهتك حرمات وإعراض وسجن وعذاب وسجون سريه وحروب دامية ووو..
ما لفت الانتباه في اعتصامات واحتجاجات محافظات غرب العراق الحالية محاولة السنة تقمص دور المظلومية الشيعية وهي محاولة تثير الضحك والسخرية في ذات الوقت ..ففي نظام ديمقراطي يحكم فيه السنة بأكثر من تمثيلهم الحقيقي( من اجل إيقاف أساليب القتل الهمجي ) وفي محافظات تحكم من قبل أهلها في غرب العراق ..وفي ظل مظاهرات مستمرة منذ أكثر من شهرين لم يتعرض لها احد بسوء ..ومطالب لبت الحكومة الاتحادية أكثرها أن لم نقل جمعيها بما فيها أطلاق سراح من تلطخت أيدهم بدماء الأبرياء..وفي موقع فيه السنة يتحكمون بمجلس النواب من خلال رئيسة ,وهو أعلى سلطة تشريعية في البلد ..وفي ظل حرية إعلام لم يترك فيها المغرضون وسيلة من وسائل الأعلام المغرض الخبيث ألا وقدموه من اجل الفتة والقتل والدمار..وفي ظل قوة مسلحة تعد الأكثر فتكا وقتلا ورعبا وإرهابا وتخلفا وإجراما وتحجرا تدعي الانتساب إلى آهل السنة لم تدخر جهد ومنذ عشرة سنوات في قتل الشيعي تحث كل حجر ومذر وشجر وفي آناء الليل وإطراف النهار ..وفي وجود ممثلين للسنة وبشكل مناصفة مع الشيعة في المحكمة الاتحادية وكل الوزارات والمؤسسات الحكومية ..وفي وجود وزير للمالية بمعيته تقسيم عائدات النفط العراقي وووو.. كيف يدعي السنة المظلومية ..؟؟لا أقول هنا ليس من حق احد أن لا يتظاهر أو يحتج. لكن ليس من حق احد أن يدعي كل هذا المظلومية الكاذبة وهو يتناصف مع الآخر في الحكم ..وهذا يعني أن المخطط ليس تلبية المطالب بل العودة إلى ما قبل 2003 حتى يستأنف المستبدون من أخواننا آهل السنة حكم العراق ..
سمير القريشي