فلسفة البيع والشراء في القرآن الكريم / جزء(2)- عقيل عبد الجواد
Thu, 7 Jul 2011 الساعة : 10:18

وهناك مثل الفتى" مسلم" الذي خرج يوم الجمل ناصحا ً لجيش عائشة حيث قال امير المؤمنين (ع) لقومه من يأخذ هذا القرآن الى القوم ويدعوهم الى ما فيه فقام هذا الفتى وقبل بعد ان ذكر له الأمام ( ع) ان مصيره سيكون التقطيع بالسيف ( المصادر : تاريخ الطبري /اعيان الشيعة الجزء( 1) ص 457 ) إذ اشترط الله عليه - من خلال وصي رسوله والناطق عنه جل ّوعلى وبعملية بيع وشراء مباشر - انه أذا بعتني كذا أي أذا قمت بكذا –رغم عدم حاجتي له- سأشتري منك مباشرة وبسعر خيالي ومن غير أبطاء ...
فقبل الطرفان وتمت الصفقة وخرج الشاب ناصحاً ملقياً الحجة على أصحاب الجمل رغم علمه بمصيره قارئا ً عليهم الآية (( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء لأمر الله )) [آية 9 الحجرات ] .
فهل هناك من ملكٍ عظيم عامل رعيته على قدم المساواة معه ! وان كان ذلك فكيف عندما يكون ذلك من الخالق تجاه المخلوق ..فتقدس العظيم المهيمن لأنه اهلٌ للعبادة.
وهناك الآية الكريمة ((ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتِلون وَيُقتلون وعداً عليه حقاً في التورية والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)) [ آية 111 التوبة ] التي تحوي تحفيز وتحريض للمؤمنين بأسلوب بالغ الروعة والوضوح بل بالغ المادية الظاهرية والفائدة المطلقة المرجوة .
ثم تأتي الآية (( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللهط والله رؤوف ٌ بالعباد)) [ آية 207 البقرة ] لتلقي الضوء على المؤمن المجاهد ودوره في ذلك فهو الذي قام بشراء نفسه أي انه باع نفسه لله فجازاه الله بالسعادة الأبدية أذن فهو اشترى نفسه وسعادتها فركزت الآية على النتيجة المرجوة وهي شراء النفس أي تحقيق السعادة المطلقة لها وتخليصها من النار ويكون ذلك ببيعها ظاهرياً لكن شرائها قد تم في الحقيقة.
أما لماذا ابتغاء لمرضات الله في حين ان الآية السابقة ((ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم...)) تركز على الجزاء المرجو والأثر المرتقب وهو الجنة كجزاء على البيع فصورت لنا العملية برمتها وكأنها صفقة مادية ..
هنا قد ننظر للأمر بأن هناك تناقض ولو ظاهري بين الهدف المذكور هنا وبين الهدف المذكور في الآية (( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله )),لكن الأمر ليس كذلك والسبب ان الآية ((ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم...)) أرادت التحريض فذهبت الى خفايا النفس وأرادت دخول أعماقها فحّركت نوازع السعادة لديها فجاءت بهذا الأسلوب والتي وصفت الجنة والنار بأبلغ تصوير تحفيزاً وترغيباً لأعتناق هذا الدين الجديد وهذه الفكرة التي ليس من السهل اعتناقهما .
إذ ان المحفزات المادية أنما هي طريق للوصول بالانسان لهذه الغاية وأعداده لها . في حين ان الآية(( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله )) تركز على النتيجة فيكون عمل المؤمن هدفه مرضات لله سبحانه فتتجلى له صور القرب الالهي فيحوي الله في قلبه ولا يرى إلا الله فيكون عمله ابتغاءً لمرضاته وحباً للحق .
أذن الجنة- بحسب الآية- تكون بمثابة الوسيلة لبلوغ الانسان ذلك الهدف الاسمى والأعظم ..مرضات الله .
ولا ننسى خصوصية نزولها بحق الأمام علي (عليه السلام) ليلة مبيته في فراش الرسول (صلى الله عليه واله) [[ المصادر : كتاب علي من المهد الى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني نص المؤلف " وقد ذكرنا فيما مضى نزول قوله تعالى ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) أنها نزلت في مبيت علي عليه السلام على فراش رسول الله ,وقد ذكر ذلك المفسرون من الشيعة والسنة ]] انتهى الاقتباس..
أذن فقد جعل الله من علي (ع) النموذج الذي يجب ان يقتدى به فهو أفضل الأفضل. كما اظهر انه قد بلغ أعلى المراتب في القرب الالهي وما يفترض حصوله من المؤمنين لكنه لم يحصل إلا من علي ولن يحصل حتى من أهل الجنة وهم في العالم الآخر حيث التجلي الالهي في أوجه
حيث تذكر الأحاديث القدسية ان الله بعد ان يغدق نعمه وكراماته على أهل الجنة يعود ليسألهم عما يريدون اكثر فيعجزون عن الطلب , فيقول لهم سبحانه انه سيرضى عنهم ولن يغضب عليهم ابدا ً .
الرضا الذي نسي اهل الجنة ان يطلبوه من الله لكن علي كان واعيا ً لدرجة ان يجعله غايته القصوى ويطلبه في الدنيا وبذا تميز عنهم فلا عجب بعدها ان يكون اميرا ً للمؤمنين .
وعلى أية حال فأن المؤمنين بصنفيهم المذكورين مشمولين بالبشرى الالهية ((فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به))
2- أما الصنف الثاني : فهم الكفار وهنا ايضاً تم البيع والشراء لكن دون تحقيق المرجو من الفائدة فالآية الكريمة ((اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين))
تركز على تناقض رهيب قد يقع فيه الانسان وهو أن الانسان يقدم على البيع والشراء لغرض الربح أما ان يبغي العكس فهذا عين الجنون والآيات الكريمات بهذا الخصوص كثيرات فهذه الآية وأشباهها تذكر بوضوح لا لبس فيه أنهم باعوا واشتروا لكن من اجل الخسارة وان بيعهم كان متعمد من غير ان يكون مصحوباً بالسهو فهم قد باعوا الهدى واشتروا الضلالة والآية ذكرت شراؤهم للضلالة كتركيز على المحصلة النهائية فتخلوا عن هدى الله وعن الفطرة السليمة فكانوا كمن اشترى العذاب بالمغفرة وهاهنا تكمن السخرية المأساوية فهم قد أقدموا على ذلك على علم منهم وعن سابق إصرار ودراية .
وآيات العذاب التي تصف عذابهم الأليم كثيرة وتصف صبرهم عليه وعلى الأشد منه - العذاب النفسي - المتمثل بلوم النفس والندم فهو أعظم من عذاب جهنم رغم خطره وتناهي شدته حيث توضح احدى الآيات الكريمة لسان حالهم بقولها ((فما أصبرهم على النار)) التي اشتروها بأعمالهم بدليل شراؤهم للضلالة بدل الهدى والعذاب بدل المغفرة فيلومون أنفسهم ويندمون اشد الندم لما أوقعوا انفسهم فيه فيقولون واحسرتاه لأنهم باعوا الجنة واشتروا النار افهناك من يعمل بنفسه هذا فيلومون بل ويتألمون من شدة اللوم حتى يكون الهم النفسي مقارب لعظم عذابهم المادي وحتى تكون حرارة لومهم انفسهم مؤذية لهم كحرارة نار جهنم .
أن الله سبحانه عند تركيزه على مفهوم البيع والشراء فهو أنما يعطي الأهمية لمسألة في غاية الجوهرية وهي (العمل) .
فالعمل هو المحرك للبيع والشراء وهو بذل الجهد حتى وأن كان عقلياً بل كل عمل يتطلب بذل جهد عقلي .والعمل هو المُوصِل لكلتا النتيجتين المستحصلتين من البيع والشراء سواء ربح أم خسارة ولعله أي العمل سبب رئيسي وراء ان يطرح الله مفهوم البيع والشراء كقاعدة مؤطرة وواصفة للطاعة الالهية باعتبار ان البيع والشراء بحاجة للعمل وبالتالي يتم التركيز عل عنصر العمل ويُعطى-هذا العامل- ما يستحق من الأهمية .
ان العمل - قبل ان يكون خصلة انسانية وقدر الهي كُتب علينا – لهو سلوك الهي فهذا القرآن عندما يأتي الى مسألة خلق الكون يوحي بأن هناك عمل تم من جانب الجّبار الذي يقول للشيء كُن فيكون حيث يقول الله سبحانه انه خلق السموات والأرض في ستة أيام وآية أخرى تذكر انه خلق الأرض في يومين وقّّدر فيها أقواتها في كذا يوم ...فالله عمد الى خلق كل مرحلة على حدة بأن يقول كن فيكون وليس خلقاً كلياً شاملاً رغم قدرته المتناهية لأنه اراد ان يكون المثال الاكبر على أهمية العمل .
أما لماذا الله هو قدوتنا وهو المطبق الأول لما يأمرنا به او ينهانا عنه ؟ فلأنه هو المؤمن بنفسه وبدينه الاسلام ((ان الدين عند الله الاسلام)) أذن فالله لاشك سيكون المطبق الأول لأنه المؤمن الأول واسمه ((المؤمن)) والله عز وجل لم يطلب منا فضيلة ألا كان قد اشتقها من اسمائه الحسنى .
وهناك آية أخرى تبين اهمية العمل لكن من وجه آخر قارنة ٍ اياه بالطارئ الأعظم يوم القيامة (( يا أيها الذين امنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلةٌ ولا شفاعة ط والكافرون همُ الظالمون )) ان دنيانا التي ستنهار بنهوض يوم القيامة كأضغاث أحلام النائم والتي ستختفي معه كل تفاصيلها اللامتناهية – الدنيا -
مع ذلك يذكر لنا الله هذه المفردات الثلاث من الدنيا ( البيع – الخلة – الشفاعة ) فكأنه تمتد بها الحياة الى العالم الآخر .
وعلى رأسها البيع لبيان فداحتها وأهميتها . بل الأكثر من ذلك ان كلمة البيع هنا قد استخدمت كمرادف بديل لكلمة عمل فهما وجهان لذات الشيء بدليل أننا نعلم ان الدنيا هي دار العمل بلا جزاء والآخرة دار الجزاء بلا عمل فكأن الآية تقول ((.....لا عمل فيه ولا خلة ولا شفاعة)) .
وان خير العمل والعبادة –أي خير التجارة_ هو التفكر أي نفاذ البصيرة ((تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة )) [ المصادر : بحار الأنوار ج 66 ص 293 باب 37 ح 23 ] . والحر الريا حي هو المثال الأصدق على ذلك أما لماذا نفاذ البصيرة فلأنها تكون عبادة عن علم ((واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار))[ ايه 45 سورة ص ] ثم انه أي التفكر هو منقذ الانسان من الفتن المتلاطمة حينما يكون الانسان قادراً على التمييز بين الفتنة- وهي قليل من الحق مُزج مع باطل- وبين الحق الواضح .
والله سبحانه وبقدرته المتناهية يستطيع ان يلغي العمل (البيع والشراء) فيرى بعلم غيبه مآلنا وما نصنع فيثيب كل منا بالجنة او النار بحسب علمه وشهادة غيبه وكفى بالله شهيدا ,وهو ممكن طبعاً لكن حكمته خلقت العمل ليكون العلة والحكمة البالغة لأمرين:
اولهما: ان لله الحجة البالغة فإذا القى آهل النار بنارهم احتجوا وقالوا بأننا يا إلهنا لو عملنا في الدنيا فعلاً لكنا عكس ما رايتنا بعلم غيبك .
لذا اراد الله ان تكون له الحجة البالغة بان يقول لهم قد خلقتكم وذراتكم في الأرض لتعملوا وهذا جزاء ما عملتم عندها لا تكون لهم حجة عليه سبحانه.
ثم انه العدل فكيف يثيب بأعظم الثواب لشيء لم يفعله الانسان حقيقة ولم يمر باختبار وتمحيص .
وان بهذا رفع شأن للانسان – بلا موجب - وظلم لغيره كالملائكة فلماذا يكرم الله الانسان لما لم يفعله في حين لا يكرم الملائكة بالجنة وهي الخالصة لعبادته ؟ لذا ان عدله سبحانه قد قضى بالعمل .
اذن العمل هو الفيصل بين أهل الجنة والنار وعلم الله بأهل الجنة والنار سلفاً لا يغير من اهمية العمل لان كل منهم لن يصل لذلك أي لما رآه الله من مآلهم بعين غيبه ألا بالعمل فلا بد من تحققه على ارض الواقع .
علماً بان تسديد الله وهدايته لا تنفك عمن أراد الهداية. وهو سبحانه لا يهدي من يريد الضلال فرحمته مرافقة للمؤمنين ليهديهم الى الصراط ولن يتركهم هباءً بل هو معهم وانه ما من شك أن ما من انسان مستحق للهداية في كل زمان ومكان ألا وهداه الله أليه فرحمة الله هي اكبر دائماً من عملنا وهذا ما يجب أن نعرفه جيداً ,وان نعرف ايضاً أن ما نقدمه من نجاح فيه فهو ضئيل مقارنة بجسامة ما سوف نناله إذ ينعدم كل مقياس بينهما.
والعمل الصالح على نوعين: أ- العمل الصالح ب- العلم
أما العمل الصالح فهو تقرب الانسان الى الله ويكون ﺒ (1) - العمل الصالح الخاص كوحدة مستقلة عن المجتمع أي علاقة خاصة بين الانسان وربه ويدخل ضمنها ما يسمى فقهياً بالعبادات مثل الصلاة ,الصيام....الخ ورغم أن العمل هنا يتركز بالعلاقة الفردية مع الله ألا انه يكون لها اثر ايجابي جداً على المجتمع والناس لأن الفرد عندها سيمتنع عن أي دور سلبي في المجتمع ولن يكون له أي أذى وامتناعه عن أذى المجتمع هو بحد ذاته مصلحة للمجتمع وحديث الرسول ص (( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده)) هو خير واصف للعمل ضمن هذه المرحلة.
2- العمل الصالح الاجتماعي : وهو متعلق بعلاقة الفرد مع باقي أفراد المجتمع أي تحوله الى لبنة أساسية في بنيان المجتمع بعد ان كان لبنة مستقلة وهنا يتحول الفرد من متفرج أو منعزل ايجابي الى صاحب دور كبير في صنع خير المجتمع حيث تبدأ الأخلاق بنشر تأثيرها الاجتماعي الايجابي على علاقات الفرد الاجتماعية مثل الصدق والوفاء بالعهد ....الخ من قوافل الأخلاق التي لها أول ويكاد لا يكون لها آخر.
((وتعاونوا على البر والتقوى...)) ( أحبب لأخيك ما تحب لنفسك) ( ليس من أمتي من بات شبعان وجاره جائع ) ( المسلمون كالجسد الواحد... ) ( المسلم للمسلم كالبنيان.....) واحايث كثيرة جداً توضح البعد الاجتماعي الكبير للعمل الصالح . وكلمة صالح في الصنفين الأول والثاني تعني ان يتم العمل بنية القربة الى الله أو من اجل الله ومحبة له .
وحتى حين يتوفى الانسان وينتهي الأثر الدنيوي لأعماله التي تنتمي لقسم العمل الصالح الفردي لكن مع ذلك يبقى الاثر الدنيوي لأعماله ذات الطابع الاجتماعي . لذا ورد في الحديث الشريف " اذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء : صدقة ٌ جارية أو علم ٌ ينتفع به أو ولد ٍ صالح ٍ يدعو له " فإنفاق المال ليحدث تغيير بالمجتمع او الآتيان بالعلم ايضا ً ليخلق تغييرا ً ايجابيا ً بالمجتمع او خلق انسان مؤمن يحدث تغييرا ً ايجابيا ً بالمجتمع من خلال سعيه لعمل الخير , فنلاحظ ان كل الأعمال التي ذكرها الرسول صلى الله عليه واله في هذا الحديث تنتمي للعمل الصالح الاجتماعي ولشدة اهميتها فقد خصها الله ان اثرها مستمر حتى بعد وفاة الانسان ورحيله عن العالم .
ب- العلم وهو أما علوم دينية من اجل وضع القوانين والأسس التي تنظم علاقة الانسان بربه .
أو علوم دنيوية نافعة للانسان بناءة لا هّدامة تستثمر العقل على أساس الأخلاق .وهنا يثار التساؤل التالي ..ان هناك الكثير من أعمال البر والأحسان والمساعدة تتجلى فيها أعلى صور الإنسانية رغم ان هدفها قد لا يكون لبناء الفرد المؤمن , كالمساهمين في المنظمات الإنسانية مثل الصليب الأحمر أو أطباء بلا حدود وغيرها أو تقديم الانسان العون لأخيه الانسان كمحض انسانية من دون نية تقرب الى الله بل تقرب الى فطرة الانسان والى ما يراه جميلاً في الحياة.
والجواب ان هذا العمل وكل عمل خير وعمل أنساني_ وأن لم يكن بنية التقرب الى الله الأمر الذي يفقده النية المشترطة في العمل الصالح وما يترتب عليه من حسابات أخرى لا يعلمها ألا الله في أعطاء الثواب الكامل أو بعضه أو الله اعلم _فان نتيجته تدخل ضمن عنوان العمل الصحيح الذي يقوم به الانسان في أي زمان ومكان تجاه أي انسان أو أي شيء آخر في هذا الكون ويبقى معتبراً كلبنة أو حلقة في سلسلة تؤدي الى بناء المؤمن وبناء المجتمع الإيماني فهي درجة على سلم طويل لبلوغ الانسانية النتيجة التي ارادها الله في بلوغ ذلك المجتمع المؤمن وبذا تكون هذه الأعمال وأن اختلفت مسمياتها وابتعدت مبرراتها تبقى خطوة نحو ذلك الهدف ونتيجتها وأثرها لهو عبارة عن انجاز حققه الانسان بمباركة من الله والسبب ان الله هو الحق والحق في كل شيء هو وضع الشيء في موضعه أي ان تعمل الصحيح لذا فأن القيام بالعمل الصحيح في كل مجال من مجالات الحياة وفي أقصى بقاع العالم ما هو ألا حق وصحيح بسيط يليه تحقيق حق وصحيح آخر بدرجة أعلى حتى بلوغ الحق بالصيغة والطريقة التي ارادها الله .وبالتالي فأن كل عمل صحيح ينصّب ضمن مجال العمل الصالح أو بصورة أدق فأن نتيجته تنصب في هذا المجال وان اختلفت المسميات والنوايا.
أما ما يترتب عليها من إثابة فأنها تبقى من مهام الله وشؤونه التي لا طائل لنا من بحثها لكن يبقى المهم ان كل تلك الأعمال بمسمياتها وروافدها المختلفة ما هي ألا روافد بمسميات شتى ,رافد العمل الصالح ,رافد عمل الخير,رافد العمل الصحيح,رافد العمل الانساني,رافد الود والمحبة,رافد التطور والتقدم, تتجمع وتصب كلها لتكّون نهر الحق بالصبغة الالهية.
فكل عمل صحيح في كل الدنيا سواء تقدم اقتصادي في أي دولة او تطور تكنولوجي او اكتشاف علمي او تطور لوسائط النقل او حب المرأة لزوجها أو تربيتها لابناءها بشكل صحيح او قيام أسرة صغيرة ناجحة في أي مكان من العالم او حفاظ على البيئة او أي اكتشاف آخر فان كل ذلك يمثل اقتراباً ولو جزئياً من النظام الالهي الروحي لان ما يريده الله هو مفهوم مرن يستوعب كل حق وصحيح في العالم.
[email protected]
سكريبت اتصل بنا 2.5 من إنترنت بلس