عمال النظافة .. بناة للحضارة/عبدالرزاق العبودي
Sun, 17 Feb 2013 الساعة : 1:39

قد يستغرب البعض لتناول موضوع عمال النظافة في مقال صحفي أو يعتبره ضربا من الخيال والخزعبلات و نوعا من الدعاية الانتخابية ... الخ من الفرضيات الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، الا انني أؤكد ان لاهذا ولاذاك من افتراضاتكم صحيح و لا نبغي من وراء ذلك الا احقاق ا لحق وأ زهاق الباطل ، عسى او لعل البعض من كلامنا هذا يصل الى اذهان العقلاء من المعنيين ليضعوه في حساباتهم عند تحكيم الضمير يوما ما.
ان بناء الوطن يحتاج لتظافر جهود جميع ابنائه وهذا يستلزم ان نقف باجلال الى بناة الحضارة وصناع المجد فهم الاولى بذلك لان الشعوب الاصيلة هي التي تحترم تاريخها وتمجد ابنائها ممن ساهم في البناء جيلا بعد جيل، وانا اقول وبدون ادنى شك وبلا استهزاء او استصغار بان عمال النظافة من بناة الحضارة الذين ينطبق عليهم وصفنا اعلاه.
قد يقول قائل كيف يجوز لنا ان نعتبر مثل هؤلاء صناع حضارة وهل يمكن ان تكون وصفتنا جاهزة للانطباق على من هب ودب وابسط الناس هم هؤلاء؟ ، وبغية الاجابة على تساؤل افتراضي كهذا نقول :-
عند ذهابك لبلد متقدم ومتطور كامريكا مثلا فماذا يبهرك وماذا يعجبك وماذا ترى لكي تقول بانني رايت كذا وكيت ؟، بالتاكيد سوف لاتتحدث عن الصواريخ او الطائرات المقاتلة او الاقمار الصناعية لانك سوف لن تراها ابدا لانها من اسرار البلد ، الا ان ماتراه ومايمكن ان يسرك وتتمناه لبلدك هو نظافة الشوارع والاماكن العامة والتزام الجميع باحترام القوانين وستقول وبسرعة وبلا تردد ياله من بلد متقدم .
لقد ذهبنا في العام 2004م ضمن وفد صحفي عراقي الى ايطاليا وكان مما اثلج صدورنا لاول وهلة جمال روما بعماراتها الشاهقة وحدائقها الغناء وشوارعها النظيفة ولاغرابة في ذلك فهي من الدول الاوربية المتقدمة ، الا ان ماأثار انتباهي وجود عدد من شقراوات روما الجميلات ضمن طاقم تنظيف الشوارع وهو ما زادفي فضولي مما اضطرني لتوجيه السوال لمرافقنا الايطالي عن فحوى ذلك واسبابه ، فكان الجواب مفاجأة مذهلة تستحق الوقوف عندها ودراستها بتمعن ودقة من قبلنا ... لقد قال وبالحرف الواحد:-
ان هؤلاء النسوة يقمن بخدمة عظيمة لبلدهن ويحصلن مقابل ذلك على اعلى المرتبات من بين كل الموظفين وازيدك علما بان هذه المهنة لايعين فيها الا ابن البلد فقط ؟؟
والان اتسائل وسولي موجه لمن يعنيهم الامر من وزير بلديات او محافظين او رؤساء واعضاء مجالس محافظات او مدراء بلديات وغيرهم ممن ذهبوا في ايفادات رسميه ( وبعضها الى روما) :- الم ترون مارايت انا ؟ وان رأيتموه هل تسائلتم عن السبب؟ واخيرا الم تجدوا حلا لمعضلة عمال التنظيف المساكين في بلدنا ؟
سأجيبكم وبلا خوف او تردد ان عمال التنظيف عندنا مظلومون بل هم اكثر الناس مظلومية اتدرون لماذا ؟ والجواب لانهم اولا غير معينينين اطلاقا لابشكل مؤقت ولادائمي ولابعقد مؤقت او وزاري بل هم ينسبون للعمل براتب مقداره (210ألف دينار ) في احسن الاحوال والادهى والامر من هذا كله انهم لايستلمون رواتبهم في نهاية الشهر بل انهم لايستلمون الرواتب الا بعد مرور 10 – 15 يوم واحيانا تمضي شهرين بدون راتب ، والويل كل الويل والثبور وعظائم الامور لمن يطالب براتبه ، وعندما يصيبه الملل يترك عمله وياتي اخر بدله وهكذا دواليك.
اليس من العيب علينا ان نترك هذه الشريحة وهم جميعا من الشباب العاطلين عن العمل دون محفزات ورواتب مجزيه ، ثم لماذا لايعينون على الملاك الدائم ، ولماذا لاينصفون ... اننا نتسائل ومعنا كل هؤلاء وعوائلهم الا من منصف ينصفهم ويرفع الحيف عنهم وينظر الى مظلوميتهم ؟
اللهم أ شهد بانني بلغت وقلت ماعندي والباقي عليكم فانظري في مظلوميتهم ياحكومة وانصفوهم ياناس واعطوهم حقوقهم فهم يستحقون الاكثر والافضل لانهم بناة الحضارة فعلا.