تنهض من جديد وتنتظر ألمزيد المرأة العراقية/ سلوى فرهود الناصري

Sun, 17 Feb 2013 الساعة : 1:21

من المعروف، أن ما يحدد المكانة الاجتماعية للإنسان امرأة كان أم رجل هو موقعه في العمل أي وجوده ودوره في العملية الإنتاجية والذي يحدد بدوره شكل ونموذج العلاقة الإنسانية بين الجنسين على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ثم الفكري، وهذه هي لب الإشكالية التي تتمحور حولها عملية الحقوق والواجبات البشرية لكلا الجنسين والذي يؤكد على أن العمل وحده يتيح للمرأة الاستقلال المادي الذي يساعدها على الاستقلال الفكري والنفسي وينمي مداركها ويوسع أفاق وعيها لذاتها وقدراتها.
بقيت المرأة العراقية ولازالت تصارع حزمة واسعة من الاعتراضات والعوائق المصطنعة والمفاهيم المتشددة التي وضعت في طريق انعتاقها ونيل حقوقها،وباتت المرأة العراقية أسيرة ضمن نظم وأطر سياسية واجتماعية واقتصادية جعلتها بعيدة جدا عن الموقع الاجتماعي المناسب لقدراتها الجسدية وكفاءتها الفكرية والمهنية.وتم بشكل منهجي وقسري أبعادها عن المشاركة في العملية الإنتاجية والسياسية، ويعود السبب في ذلك الإقصاء الى عاملين أساسيين.
الأول يتمثل في النظام الأبوي الصارم الذي أجبر الغالبية من نساء العراق على أن يبقين فقط كربات بيوت يلبين حاجات الرجل والعناية بالأطفال،أما العامل الثاني وهو الأشد سطوة وقسوة فتمثله منظومة الأفكار الاجتماعية والدينية التي تضع المرأة دائما في مقام أدنى من مكانة الرجل وتحجب عنها أي فرصة للحراك الاجتماعي الاقتصادي الذي تنال به حقوقها الإنسانية.
تلك المسألة كانت دائما وستضل قضية المرأة العراقية الأولى في نضالها من أجل حرياتها ومشاركتها في قضايا العراق المصيرية، وهي أيضا في صلب مهمات العراقيين جميعا من التقدميين والديمقراطيين الساعين لتفكيك المنظومة المشوهة من المتاريس والعقد التي تقف في وجه حرية المرأة والمساواة والعدالة الاجتماعية.
أنها مهمة عسيرة وكبيرة ولكنها موجبة وضرورية ليست فقط للمرأة بقدر ما هي تتعلق بالمطلق بقضايا الشعب العراقي في مجال الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي توجب أن تأتلف من أجلها الكثير من الجهود لرفع الحيف عن الجميع بمن فيهم المرأة العراقية، ولضمان تشريع متوازن ومنصف يحوي مباديء وقوانين تؤكد على حقوق النساء وترفع الإجحاف الكبير الواقع عليهن، بدأ بإعادة النظر بقانون الأحوال الشخصية وما يحويه من تشريعات تتناقض كليا مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتشريعات العالمية الخاصة بالمرأة كالاتفاقية الدولية لإزالة جميع إشكال التمييز ضدها.
أن التمعن في التشريعات الخاصة بالأحوال الشخصية المنصوص عليها في القوانين العراقية المعنية بحقوق النساء سوف يظهر مدى الإجحاف والإيذاء الذي يطال حياتهن ووجودهن المعنوي وكيانهن الإنساني، وتلك التشريعات تشير لاستعصاء قضايا المرأة العراقية وفي ذات الوقت تكشف المأزق الحضاري السياسي والاجتماعي الذي يعيشه المجتمع العراقي.
المهمات الملقاة على عاتق القوى الديمقراطية تبدوا عسيرة وصعبة للغاية ولكنها تحتم اليوم خوض نضال مستمر لا هوادة فيه من أجل حقوق النساء العراقيات والحقوق الأخرى لباقي شرائح ومكونات المجتمع، وفي المقدمة من هذه الأهداف يأتي الإصرار على تغيير القوانين والتشريعات المبخسة لحقوق النساء وإبدالها بما يناسب ويتفق مع روح العصر ومعايير الحضارة الإنسانية التي تكفل للجميع ذات الحقوق وتزيل الغبن والإجحاف الذي طال النساء العراقيات وألحق الخراب بالمجتمع العراقي في مختلف المجالات.أن النضال يجب أن يتركز من أجل وضع نهاية للتعديات اليومية الواقعة على حقوق النساء العراقيات وفي المقدمة من تلك التعديات والتشوهات تأتي.

Share |