ائتلاف دولة القانون ومدى تأهله لقيادة المسيرة الجماهيرية في العراق/عبد الامير محسن ال مغير
Thu, 14 Feb 2013 الساعة : 23:50

بعد ان مضت 10 سنوات على عملية التغيير التي جرت في العراق فلابد ان يتم التمحيص في العوامل التي احاطت بتلك العملية وما حققته الحركات السياسية التي قامت بأعبائها من منجزات ومدى تأثر الجماهير بمسيرة تلك الحركات وقبل ان نخوض بتاريخ الحركات المذكورة علينا ان ندرك بان الاحزاب السياسية في العراق وكغيرها من بلدان المنطقة خضعت ومنذ استقلال العراق عام 1921 لتأثير القوى الدولية وبمختلف السبل لعمليات المراقبة وخلق التناقضات بغية التخلص من تلك الحركة او من يتزعمها عندما تحصل على جماهيرية واسعة وتصبح ذات تأثير كبير على المصالح الدولية كما ان علينا ان ندقق في بادئ الامر على الظروف الذاتية والموضوعية المتعلقة بتلك الحركة ومن يناقش مسيرة ائتلاف دولة القانون عليه ان يراعي ويأخذ بنظر الاعتبار بالدرجة الاولى بان من يقود ذلك الائتلاف هو حزب الدعوة وان ذلك الحزب نشأ عام 1957 وكان من مؤسسيه السيد المرحوم محمد باقر الصدر وهو رجل يعتبر عملاق في الفكر المعاصر ولديه مؤلفات غاية في الاهمية تدرس في الجامعات الاجنبية كفلسفتنا واقتصادنا والبنك اللاربوي والمنطق والاول يناقش فيه الصدر مقارنا بين الفكر الديني والفكر العلماني وقد تعرض هذا الحزب كغيره من الاحزاب ذات النهج (الراديكالي) الى ملاحقة واضطهاد سيما بعد انقلاب 17 تموز 1968 كغيره من الاحزاب ذات التاريخ النضالي في العراق والتي اثرت وبشكل كبير في المسار الجماهيري لهذا الشعب كالحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والجناح اليساري لحزب البعث حتى ان تلك الاحزاب قد قوضت وبشكل يكاد ان يكون تام بعد قيام صدام بانقلابه عام 1979 حيث افرغ المتبقي من حزب البعث من اي محتوى سياسي او جماهيري واصبح هدف السلطة هو البقاء في الحكم وباي ثمن كان وبعد التغيير كان تأثير ذلك التشرذم لقواعد تلك الاحزاب قد اثر وبدرجة كبيرة على المسيرة الجماهيرية حيث قد تجد قيادات في اعلى الهرم في تلك الاحزاب تتمتع بروح نضالية وقدرة على المطاولة الا انها تفتقر الى القواعد الجماهيرية مما دفع البعض منها ان تسلك في عمليات الكسب اساليب شبه انتهازية رغم ان حزب الدعوى كان يدقق الى حد ما في اسلوب ذلك الكسب الا ان هناك مؤشرات ثبتت عن تلك الاساليب واي باحث في تاريخ تلك الاحزاب عندما يربط بين ذلك الماضي النضالي وبين الحاضر المتعثر عليه ان يأخذ الى جانب العوامل الذاتية التي سبق ذكرها العوامل الموضوعية من حيث الفاصل الطويل بين عموم الجماهير والفكر الذي تحمله تلك الاحزاب جراء الحقبة الدكتاتورية وما تعرضت له هذه الاحزاب من اضطهاد ربما لم تمر بمثله احزاب بمنطقتنا العربية والعراقيون يتذكرون وبشكل جيد بيان الحاكم العسكري العام بعد انقلاب 8 شباط 1963 بالسماح بقتل اي شيوعي يصادفك في الطريق العام كما انهم يتذكرون ايضا البيان الذي صدر في ظل حقبة ما بعد انقلاب تموز 1968 بإعدام كل من ينتمي الى حزب الدعوى ورغم انك تجد الكثير من الناس ونتيجة شعورهم بالظلم يتشبثون عن وجود الحركة السياسية التي يريدون الانضواء اليها في ظل ذلك الحكم الا ان ظروف العمل السياسي تحول دون وصولهم لما يهدفون اليه كما ان حقبة الاحتلال تركت اثارها وبشكل واضح على دور هذه الاحزاب فلابد ان يأخذ الباحث بنظر الاعتبار اساليب نهج الثقافة الغربية وتخطيطها بربط الكثير من خيوط السياسة في اي بلد تهيمن عليه بعجلتها ونحن وبقدر كبير نتأثر بالسياسة الغربية التي تأخذ بنظر الاعتبار المصالح النفطية وامن اسرائيل سيما في منطقتنا العربية ومع هذا فقد كانت جوانب ايجابية في تلك المسيرة فقد حققت امكانية التوجه نحو ممارسة ديمقراطية والتمتع بالحريات العامة ومع هذا لابد ان نثبت بان هناك معاناة كبيرة بحكم ما اتصفت به هذه الحقبة من ضيق في الرزق واستمرار بالقتل على ايدي القوى الارهابية ومعاناة لمن يتحملون اعباء ادارة الدولة بنتيجة مضمون الدستور النافذ لوجود ثغرات فيه تعتبر الغام تتفجر بين الفينة والاخرى ورغم ان الكثير من المحللين يعتبرون الوصول الى عضوية مجلس النواب او اعضاء مجالس المحافظات لم يكن ناجم عن رضا الجماهير بقدر ما هو متأثر بعوامل اخرى كالرابطة العشائرية واسلوب استغلال السلطة وحتى التزوير وكما يقول عضو مجلس النواب السابق السيد وائل عبد اللطيف بانه وفي احسن الاحوال لا يتجاوز دور الجماهير في تلك الانتخابات بالحصول على نسبة 30% من بين العوامل الاخرى وهذا القول بنظرنا يتمتع بكثير من الصحة ففي محافظتنا مثلا كانت الدورة التي سبقت الدورة الحالية بمجلس المحافظة فيها الكثير من العناصر الجيدة من ذوي الاختصاص والاخلاص والبعيدين عن الشبهات والذين اوقفوا انفسهم لخدمة الجماهير ولكن هؤلاء قد حوربوا وبشكل علني وقسم منهم لم يرشح اصلا والقسم الاخر طردوا طردا من ذلك المجلس ولابد ان ندرك وبنسبة معقولة ان التأثر بالرضا الجماهيري يترك اثرا مباشرا على تصرف تلك الاحزاب فان حزب الدعوى وان كان يفتقر الى قاعدة جيدة الا انه يتمتع بقيادة سياسية وفكرية رصينة على مستوى التصرف السياسي في مجلس النواب او على مستوى التنظير الا ان هذا الحزب رافقت عمله اخطاء عدة ايضا وسيأتي وقت لتوضيحها اما المجلس الاعلى فكان لأخطاء بعض قياداته اثرا كبير على ما اصابه من تلكؤ بنتيجة الانتخابات التي جرت في 7/3/2010 واما التيار الصدري فقد استثمر اخطاء الحركات السياسية الاخرى سيما ممن هم ضمن الكيانات التي تشكل الائتلاف الوطني حيث تبنى التيار المذكور الموقف النقدي وسحب وزرائه من الحكومة ليستطيع استقطاب الجماهير الا ان بعض قياداته سيما في مجلس النواب عكست عدم رضا هذه الجماهير لان قسم من تلك القيادات ذات ماضي غير مرضي جماهيريا كما ان مواقفها تتسم بنوع من الانتهازية والوصولية ومع هذا فان قسم من هذه القيادة ذات باع كبير في حسن التصرف السياسي واذا اردنا ان نعطي كل ذي حق حقه لابد ان ننقل اوجه ذلك الرضا وبالاسم عن ما ينقله الشارع ووسائل الاعلام عن السيد قصي السهيل النائب الايمن لرئيس مجلس النواب من حيث التوجه داخل المجلس والدقة والموضوعية في نتائج التحقيق التي يكلف بها ومن حقنا ان ناخذ في عملية النقد على المستوى الجماهيري عينات في محافظة او محافظتين من خلال اخذ اعداد من الجماهير ومن اوساط متنوعة كاستفتاء مبسط فمما يثير التعجب بان الاحزاب الدينية التي تشكل الائتلاف الوطني ذات الاكثرية المؤثرة في المسيرة السياسية الان تتنافس فيما بينها مبتعدة عن ما يحيط بالعراق من ظروف موضوعية غير ملائمة وان ذلك التنافس يعرض البلد لمخاطر كبيرة صحيح ان التعددية في بلدان العالم الثالث تختلف اختلافا جذريا في التعامل مع الجماهير عن الحزب الشمولي الواحد حيث ان الاخير عادة لا يصطدم بمفاجآت يخلقها الخصوم السياسيين وقد يسعى اولئك الخصوم لبلورة التناقضات داخل ذلك الائتلاف بغية استثمارها لإضعافه والعمل السياسي في ظل الانظمة الديمقراطية له ثوابت محددة اذا ما اردنا ان نراعي مفهوم الحرية السياسية ومن اهم تلك الثوابت هو نشدان مصلحة الوطن والمواطن بالدرجة الاولى لا الكسب الحزبي وتتحول بعض القواعد الحزبية في بعض الاحيان متأثرة بما يخطط لها من قبل عناصر مشبوهة وانتهازية من موظفي النظام السابق ممن ينشدون تحقيق المصالح المالية وكسب رضا المتنفذين في المناطق لحماية انفسهم ويجدون من رضا المسؤول الحزبي المحلي نوع من الحماية ايضا وان ذلك المسؤول لا يجد ضيرا بان يستجدي موافقة اولئك الموظفين على تعيين هذا او ذاك او مساعدته فبدلا من ان نأخذ بالمكاسب التي حققتها تلك الحركة سواء على مستوى الدولة او مستوى المحافظة وبشكل عام نأخذها على المستوى الفردي فنجد في ديوان محافظة ما اشخاص من بقايا امن النظام مهمتهم عملية التخريب وابعاد الجماهير عن الحزب بأساليب مكشوفة فشرطي الامن المحكوم بالرشوة مهمته ان يتبنى المواقف التخريبية دون ان يعطى لذلك ادنى اهتمام من قبل المسؤول المحلي صحيح ان الرأي محفوظ للمواطن ولكن بشرط ان يكون غير ماسا بأمن الدولة او حسن مسيرتها ومدير حسابات مثلا ذو ماض مشبوه ويوفر حماية لنفسه من تبني مصلحة بعض اعضاء مجلس المحافظة وبعض المقاولين وحتى المسؤول الحزبي في المحافظة ليقترف ابشع الجرائم بحق المال العام وهو فارغا من كل ما يتمتع به الموظف ضمن اختصاصه ويصدر المحافظ سبعة اوامر ادارية بنقله الا انها لم تنفذ بتأثير ممن يقومون بحمايته وتجد بدء الحملة الجماهيرية لمجالس المحافظات تسير وبشكل مخجل فالجماهير التي لم تذكر طيلة الاربع سنوات تصبح الان كصنم التمر لدى عرب الجاهلية فيقول كثير من المواطنين اننا نفاجئ بمجيء مسؤولين واعضاء مجالس محافظات وحتى اشخاص مرشحين لا نعرفهم الى الفواتح والاعراس عند اقتراب انتخابات تلك المجالس مما يثير استهجان اولئك المواطنين ويذكرونهم بان في الانتخابات السابقة كتب احد اعضاء مجلس المحافظة الحالي شعارا متضمنا (اذا اردتم استقرار الكهرباء عليكم انتخاب السيد فلان الفلاني) وما ان انتهت تلك الانتخابات حتى نسي ذلك الشعار كليا وطبيعي ان مثل هذا الاسلوب بقدر ما يخرب اسلوب الادارة الطبيعية المستندة لنصوص القانون وسلامة القرار الاداري المبني على الحسم تتحول الادارة الى ادارة سائبة تفتقد الاحترام اضافة الى ان الجماهير لديها احساس واسع بما يدور حولها واذا كان البعض يعتقد بان مثل هذه الاساليب لا تدركها الجماهير فهو مخطئ وان مثل هذا التخبط سببه بالدرجة الاولى عدم صدور قانون الاحزاب وعدم التعامل مع الجماهير بشكل يتسم بالوضوح والموضوعية مما يعرض هذه المسيرة لتفسيرات عدة كما يجعلها محط شبهة احيانا فلابد من الوضوح في التعامل مع القواعد سواء الحزبية او الجماهيرية فالعراق امتاز بأجواء سياسية خصبة لما قبل ثورة 14 تموز عام 1958 وهي التي فجرت تلك الثورة وانتقل تأثيرها الى نظام الزعيم عبد الكريم قاسم وكان ذلك التأثير بليغا وطبيعي اي حركة سياسية لابد ان ترافقها بعض الاخطاء واذا كان وكما ذكرنا ان قواعد تلك الحركات ضمرت الى درجة مذهلة الا ان تأثيرها لازال باقيا ولا يمكن لاي اتجاه سواء علمانيا او دينيا ان ينفرد بقيادة العراق للتاريخ الطويل الذي اتسمت به تلك التقلبات السياسية فمسألة القبول ومحاولة امتزاج الحركات الدينية وقياداتها بالقيادات العلمانية تعطي قبولا جماهيريا اذا اريد لتلك الحركات ان تتبنى ديمومة العمل السياسي ونجاحه ففي بداية النهضة الاوربية ائتلفت احزاب ذات طابع ديني مع احزاب علمانية وكونت جبهات بسبب اتفاق مسيرة هذه التيارات لما يوفر خدمة الجماهير ونحن نأخذ طبعا وكما ذكرنا بما يحيط هذه الاحزاب من تناقض وتحديات وضغوط واسعة مخطط لها من قبل اعداء العراق وخصومه فالحركة السياسية سيما التي تستلم القيادة الجماهيرية على المستوى السياسي لابد ان تربط بين تاريخها النضالي وظرفها الحالي وينبثق عملها الجماهيري على مستوى القواعد بما تحققه من مكاسب لتلك الجماهير فهناك حساسية عالية يتصف بها الحس الجماهيري والعراقيين يتساءلون عما حققته هذه الحركة او تلك ويأخذ الكثير من المثقفين وبشكل منصف انشغال الدولة بمكافحة الارهاب وآفة الفساد والمبالغ الطائلة التي تصرف لتلافي عمليات التخريب وتعويض الناس جراء تلك العمليات ولكن اضطرار الائتلاف على ان يمنح هذه الجهة السياسية او تلك الهبات لمجرد رضا تلك الجهات فيفسر العراقيون ذلك بانه مناورة سياسية للبقاء في السلطة والامثلة وكما ذكرنا تقرب الفكرة من القارئ الكريم فالمواطنين ولما اصابهم من ظلم وقهر تعاني النسبة الغالبة منهم كثير من الحرمان وعندما يرون انفسهم يمتلكون ثروة طائلة وتفاخر السلطات التي تحكمهم بان العراق وصل بان يقترب ان يكون الدولة الاولى المصدرة للنفط في العالم فالمعالجات هنا يجب ان تكون عامة وليس حزبية وتأخذ بالشمولية وتعتمد التخطيط والاستمرار بإعادة البنى التحتية وسرعة تقويض الارهاب والسعي بكل ما تستطيع من جهد بتأليف حكومة الاغلبية تخلصا من المحاصصة فهي تسبب 90% مما يعاني منه العراقيون فحكومة الشراكة التي ولدت المحاصصة وجعلت الشركاء في تلك الحكومة يناصبون العداء لبعضهم البعض حتى الموت ولا توجد شراكة من هذا النوع في جميع دول العالم ذات النهج الديمقراطي فالمواطن الذي اعتقل ولو لفترة قصيرة في عهد صدام ويتم نسيانه ويبقى لفترة يعاني من الفقر مع ان سبب اعتقاله لموقف ديني فهو لا يجد حراجة باخذ اهله وعائلته لانتخاب اياد علاوي العلماني ويظهر منه التحدي علنا للحركات الدينية وما ان يأخذ حقه حتى يتحول الى انتخاب هذه الحركة الدينية او تلك لأنه ينسجم بين اخذه لحقه وما يحمله من فكر سياسي او عاطفة تشده الى ذلك التيار واجد من المفيد ان اصارح القارئ الكريم بما فعلته انا كوني شخص مستقل ففي بادئ الامر انتخبت اياد علاوي معجبا بحملته ضد الارهاب وموقف له اتخذه تطبيقا لنص القانون ضد وزير الصحة الاسبق علاء عبد الصاحب العلوان حيث قام ذلك الوزير بفصل المفتش العام في تلك الوزارة وان ذلك المفتش هو من حزب الدعوى ردا على تصريحه في قناة الحرة بان وزارة الصحة استوردت ادوية بنصف مليار دولار من الامارات العربية المتحدة ولم يعرف مصير ذلك المبلغ كما ان تلك الادوية لم تصل الى العراق على حد قول ذلك المفتش كما اصدر علاوي بيانا جعل بموجبه تعيين وعزل المفتش العام يكون بناء على ترشيح رئيس الهيئة العامة للنزاهة وموافقة مجلس الوزراء وفي حالة العزل اعطاه ذلك الامر حق ان يميز قرار العزل امام مجلس النواب الا انني في الدورة اللاحقة انتخبت المجلس الاعلى متأثرا ببعض السياسيين في ذلك التيار وتحديدا باقر الزبيدي وهمام حمودي اما في انتخابات 7/3/2010 انتخبت ائتلاف دولة القانون لما وجدت بان هذا الائتلاف لديه القدرة اكثر من غيره على ضمان مسيرة الدولة الا انني الان اصبحت لدي قناعة جديدة بافتقار هذا الائتلاف لعنصر المصارحة مع الجماهير والمعالجات الجذرية مما يحملني الى عدم انتخاب اي حركة سياسية في الانتخابات القادمة وقد يرد عليك البعض بان حصيلة الانتخابات لم تكن تأتي بتمحيص كما يفعل المثقف وانما تنتج عن عشوائية متأثرة بعوامل كثيرة كما ذكرنا كالعامل العشائري والمصلحي واسلوب الاحتيال من قبل بعض الممسكين بالسلطة في بعض المحافظات ومع هذا علينا ان لا نغفل تأثير النخبة المثقفة على مجرى الانتخابات تلك وهذا ما ثبت فعلا من خلال توالي تلك الانتخابات التي مرت خلال الحقبة الديمقراطية هذه.