الوضعُ العراقيُ الرّاهن/قاسم محمد الكفائي- كندا

Thu, 14 Feb 2013 الساعة : 22:49

الوَضعُ العراقيُ الراهنُ المتأزمُ والخطير في ظلِّ التظاهراتِ التي قامت بها شريحة ٌواسعة ٌ من العراقيين ، ابناء المنطقة الغربية ، وديالى ، والموصل في الشمال ، يُعَدُّ حالة إرباكٍ أخرى  ُتضافُ الى الحالاتِ السياسيةِ المتعثرة التي سبقتها ، مما يدلُّ على وجودِ تراكماتٍ لأخطاءٍ نتيجة َ سوءِ الأدارة ِمن جهةِ الدولةِ والحكومةِ ، وأخطاءٍ أخطرَ منها وأعظمَ في خارطةِ العمليةِ السياسيةِ التي ترتكزُ على المُحاصصةِ والتوافقات في غياب عمل جهاز المخابرات على وجهٍ أسلم وأكمل         (خلف هذه الكلمة - المخابرات - أكثر من مليون كلمة أخرى .... وفي بحوث سابقة كنت قد ذكرتُ فيها المعنى الوطني والأخلاقي والثقافي لجهاز المخابراتِ ودورَه في صناعة الدولة والحكومة والمجتمع ....  الروابط أدناه ) . 
فالمراقبُ المتخصصُ الذي يتابعُ الوضعَ العراقي ما بعد سقوط نظام صدام حسين والى اليوم يجدُ نفسَه مبهورا ، مندهشا من حالةِ الأستسلام المفاجئةِ التي تبرّعت بها الحكومة ُ تحقيقا لمطالب المتظاهرين . التوصيفُ الرسمي الذي استُقبل به الحراك كان عفويا أوَّلَ مرة ٍ، غير محسوبٍ عندما نعَته ُ بنعوتاتٍ لا تليق وحالة الرضوخ المفاجىء والهستيري لتلك المطالب ، وما زال الرضوخ يتعاظم . لقد تحوَّلَ في هذا الرضوخ عشراتُ الذباحين ، ومئاتُ المُفجرين ، وآلافُ المجرمين المقاتلين المُعتقلين الى مغدورين يتوجب على الحكومة الأعتذار منهم  بعد تحريرهِم من سجونهم واطلاق المساعدات لهم تعويضا لمظلومياتِهم .
فالأخطاءُ التي ارتكبتها حكومة ُالتوافقات والشراكة كانت جسيمة ً يتحمل وُزرَهَا رأسُ الحكومة أولا  لاعتباراتٍ رسميةٍ وقانونيةٍ ما قبل الوزير ، وعضو البرلمان ، والمدير العام ، والموظف الآخر ، ولا يتحملها المواطن أيضا . هذا التفسير يلمسُه ويتحسسُه المراقبُ المهني كمتابع ٍ لما يجري على الساحة العراقية ما قبل غيره عندما يرى الوزيرَ( المُستَوزَر ) يحاولُ الأفلاتَ من المُحاسبة والعقاب في أية قضية تُفتَح ضدّه بسببِ تقصيرٍ أو إهمال ٍ أو اختلاسٍ ، ليرمي الكرة َ في ملعبِ رئيسهِ وليس في ملعبهِ هو ، أو ملعبِ حزبهِ  والكياناتِ السياسيةِ الأخرى التي تدفع بذنوب وزرائِها باتجاهِ  قمّةِ الهَرَم ، فيبقى رئيسُ الوزراء لوحده يدفع باللوم على الآخرين ذاتَ العلاقة دون أن يجدَ له من ظهيرٍ أحيانا سوى ( إئتلاف  دولة القانون ) . هذا مَرَدُهُ الى عامل ٍ رئيسٍّي واحد ، هو أن رئيسَ الوزراء يتخطى العملَ بالمحسوبية الحزبية ، والأستحياء السياسي وليس القانون والمصلحة الوطنية ، ولا يدفع بها . فمثلا لو أساءَ وزيرٌ ، وتلكأ في عملهِ فان من حق الرئيس محاسبته ومعاقبته كوزير ٍ يعملُ تحتَ أمرتهِ فيرمي به الى جهنم لو اقتضى الأمر في معاقبته ، وليس من حق الرئيس أن يبقى مشغولا بالتصريحات على الفضائيات ليفند زيد ويوبّخ عمر بدبلوماسية عالية ، رفيعة . هذا اللون من العمل المغلوط الذي دفع به عجلة َ الدولة ، بعث عليها الخرابَ والدمار ، ورفع به الشياطين ، وذلّ به المؤمنين ، فما حالُ المواطن الذي ينتظر من الرئيس المنتَخَب أن يمنحَهُ رغيفَ خبزٍ ودارا تأويه
 النتائجُ الخطيرة التي تمخضت عن هذا الدَور السيىء تجعل حركة َ الدولة أبطأَ من حركةِ السلحفاة لما يعانيه الفرد البسيط من انتشار البطالة ، وسوء التوزيع ، وضياع العدالة الأجتماعية ، وتعميم حالة الفساد والرشوة ، والدفع بالبلاد والعباد الى الهاوية .. من جهةٍ أخرى فأن الوضعَ العراقي المُرتبك بكل تفاصيلهِ يُحَتم وقوع مثل هذا الخطأ الجسيم ، خصوصا وأن الأرهابَ المستورَد خلطَ كلَّ الأوراق ، وحرقَ منها ما يريدُ حرقه إبتغاء تعطيل حركة الدولة والحكومة ، وانتقاما من الأنسان العراقي الذي يرتجي ارتقاء وطنه . أما المنافقون المتنفذون فمهمتهُم إحراجُ رئيس الحكومة سَعيا منهم بزواله حتى لا تبقى في طريقهم عائقٌ تمنعُهم من السير قدما باتجاه التدمير والعودة بالعراق ومصالحهِ والشعبِ الى إرثهِم السياسي السيء ، والطائفي البَغيض .
يتعين على رئيس الحكومة أن يجدَ مخرجا سريعا ، فاعلا من أزمة التظاهرات المفتعَلة التي ترعاها قطر وتركيا والسعودية بدفع من المخابرات الأمريكية والغربية ، وإن اختلط جزءٌ يسيرٌ من مطالب المتظاهرين بشيءٍ من الشرعية ، ذات قيمة وواقعية يمكن تحقيقها بما ينسجم ومصلحة الوطن والمواطن . العراقُ الجديدُ الذي يستهدفه الأعداء في الداخل والخارج قد يبقى عِرضةً لسهامهم ما لم يتحصن بأسوارٍ منيعة ( جيش الخمسة ملايين ، وجهاز مخابرات ، تسبق صناعته    أدوات وعمل جهاز المخابرات الحالي بخمسين عام..................... ) تعمل على بنيانها يدُ رئيس الحكومة أولا بحَسب صلاحياتهِ كرئيسٍ للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ، دون الرجوع الى لغط  فوضى البرلمان ، وتنازع الكتل السياسية ، تسبقها العمل على الأصلاحات في كافة مرافق الدولة والحكومة ، تشمل أولا إطلاق مشاريع البناء ، والقضاء على البطالة ، وضمان عيش المواطن . في بحوثٍ سابقة كنت قد نوَّهتُ الى أمرٍ مُهمٍّ جدا ، له الدورُ الذي يكادُ أن يكونَ الأول والأخير في تهدئة رَوع بعض أعضاء البرلمان ، والحد من تصرفاتهم التي لا تنسجم وحقيقة مهمتهم كبرلمانيين ، واندفاعاتهم العشوائية البعيدة عن الشرعية والوطنية . كذلك يُعتبر الوسيلة الفاعلة لضمان استتباب الأمن ، ومهمة تحقيقه يحتاج الى حكمةٍ وشجاعةٍ وحزم ٍ سريع . هذا الأمر هو تشكيلُ لواء حراسات خاصة يرتبط أولا وأخيرا بمكتب رئيس الوزراء مهمته حماية كل رجالات الحكومة والدولة وجميع مؤسساتها والشخصيات المدنية والعسكرية والمنشآة ، حتى المحافظين وغيرهم في المحافظات الأخرى ومؤسساتها على أن يكون إختيار عناصر الحماية المخصصة هو من قبل إدارة خاصة تابعة للواء بحيث لا يمكن اختراقها والتأثير عليها بمؤثر خارجي يريد أن يحدد عناصر الحماية لنفسه . هذه الخطوة لو تحققت فأنها ستخمد اللهب المنبعث من كل موقد دون عناء ولا سأم ، وستُختَصَر بها كلُ ( الخُطوات ) . 
قاسم محمد الكفائي - كندا

 

Share |