متظاهروا الأنبار وفتح بغداد/عاطف العزي
Thu, 14 Feb 2013 الساعة : 0:42

متظاهرو ومعتصمو الأنبار، أعلنوا الجمعة (8 فبراير/شباط 2013)، عن بدء "الزحف السلمي" إلى بغداد الأسبوع المقبل لأداء صلاة الجمعة في جامع أبي حنيفة بالأعظمية، داعين المراجع الشيعية في النجف وكربلاء إلى حضور الصلاة، وفي حين طالبوا الحكومة والأجهزة الأمنية بـ"توفير الحماية" لهم، وهددوا بأنهم "سيسحقون رؤوس" مليشيات الدولة في حال التعرض لهم (كذا).
وفى يوم الأحد (10فبراير/شباط) أكد متظاهرو ومعتصمو الأنبار، أنهم سيؤدون الصلاة في جامع أبو حنيفة ببغداد على الرغم من "تهديدات الحكومة"، وفي حين طالبوا مجلس الأمن الدولي بمحاسبتها "لأنها تمارس الإرهاب ضد شعبها"، وشددوا على أن ما تقوم به الحكومة بـ"إيعاز من ملالي قم وطهران"(كذا)، إنما "أدخل السرور في قلوب أبناء السنَّة وشجعهم على الاستشهاد"، مشبهين دخولهم الى بغداد بـ"فتح مكة" عبر قولهم "كما عاد رسول الله لبيت الله العتيق يوم فتح مكة (كذا)، ان شاء الله تعالى شئتم أم أبيتم، وسنبقى نحن وأبناءنا وأحفادنا بل وحتى أحفاد أحفادنا مشاريع استشهادية، حتى نعيد البسمة لك يا بغداد، أما انتم يا ملالي قم وطهران فنقول لكم لن ترهبونا ولن ترجفونا بتهديداتكم، فوالله الذي رفع السماء بغير عمد، لقد أفرحتم أبناءنا بتهديدكم، وهاهم الآن يتباشرون، ويقولون حان موعد فوزنا بالجنة، ودنا عيشنا فيها مع النبيين والصديقين والشهداء الصالحين، وحسن ذلك رفيقا"!!!
لا ريب فى أن تشبيه (فتح بغداد) بـ(فتح مكة) سخيف وتافه إلا إذا كانوا يقصدون محاولة أبرهة الأشرم الحبشي الاستيلاء على مكة فى عام الفيل (فى يوم ميلاد الرسول الأعظم) ، بمعاونة (ابو رغال) الخائن ، فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول . بغداد سيحميها أهلها ، سنة وشيعة عربا وأكرادا وكافة القوميات والطوائف الأخرى المتآخية المتحابة ، ولن يسلموها لقمة سائغة لمن يتسترون بستار الدين والقومية كذبا ، والذين لا يهمهم سوى الاستيلاء على الحكم من قادة القائمة العراقية من أمثال علاوي والعيساوي والنجيفي والعلواني والمجرم الهارب طارق الهاشمي ومن لف لفهم ممن لا يأبهون بما سيصيب الشعب العراقي من ويلات فضيعة وما قد يصيب العراق من دمار مريع إذا ما أصروا على حماقتهم و حاولوا دخول بغداد بالقوة الغاشمة. العراقيون لم يُعرف عنهم التدين ، وأكاد أجزم أن معظمهم لا يصلون ولا يقربون من المساجد ، فمن أين جاءت هذه (الهداية) للمعتصمين وجعلتهم يحافظون على صلاة الجمعة؟ وفيم الاصرار على إقامتها فى الأعظمية بالذات؟
ينكر قادة المتظاهرين استلام المشاركين فى المظاهرات التى مضى عليها سبعة أسابيع اية نقود لقاء مشاركتهم بالمظاهرات ، بينما أغلبيتهم من العمال والفقراء والعاطلين الذين لا يملكون قوت يومهم ، فهل هم يقتاتون على (البركة!) أم على الدولارات القطرية وأغنياء الخليج؟ لماذا يستمعون للنكرة سعيد اللافي ولا يستمعون لشيوخ الدين الفضلاء من أمثال الشيخ رافع الرافعي مفتى الديار العراقية الذى حذرهم ودعاهم الى صرف النظر عن إقامة صلاة الجمعة الموحدة فى جامع أبى حنيفة النعمان فى الأعظمية؟
واليوم (الثلاثاء) انتقد من يدعى انه أمير عشائر الدليم علي حاتم السلمان تصرف الحكومة برفض إقامة صلاة موحدة في بغداد ، وقال إن "الحكومة كشرت عن أنيابها بمنع أهالي الأنبار من الذهاب إلى بغداد وأداء الصلاة في جامع أبو حنيفة، ونحن لا نعترف بها كحكومة بل كمليشيات مسلحة (كذا) ، ولن نستغني عن الذهاب إلى بغداد إلا بأن تعطينا الحكومة أعذارا مشروعة عن عدم سماحها للمتظاهرين بدخول العاصمة" .وأوضح إن "حكومة المالكي فتقت فتقاً لا يمكن رتقه بتصريحاتها الطائفية ومنع أهالي الأنبار وعشائرها من دخول بغداد، ولن نسمح بأن يمسّوا كرامتنا وسنطيح برأس المالكي (كذا) ولن يكمل ولايته هذه أو يحلم بولاية أخرى". اليس هذا تهديدا واضحا وصريحا لرئيس الوزراء المنتخب والذى تضم وزارته وزراء من القائمة العراقية ومنهم العيساوي والمطلك وغيرهما؟
ربما تعاطف البعض مع المتظاهرين فى البداية لوجود مطالب شرعية لا يمكن انكارها ، ولكن ، وكما كان متوقعا من العارفين فقد اخترق صفوفهم مجرمى القاعدة والبعث الصدامي ، وفعلوا ذلك علنا حين رفعوا رايات القاعدة السوداء وعلم صدام ذو النجمتين بالرغم من محاولات المتظاهرين الأصليين منعهم من ذلك . ولخبرة هؤلاء المجرمين الواسعة فى السيطرة والتنظيم والارهاب فقد تمكنوا من احكام سيطرتهم على معظم قادة المظاهرة الأصليين واستعملوا معهم كل وسائل الترهيب والترغيب التى يملكونها ، وبدا واضحا لكل ذى بصر وبصيرة أن المظاهرة قد انقلبت الى زحف الى بغداد لإثارة الفتنة الطائفية التى يرجون أن تنقلب الى فوضى عارمة فيستولون على الحكم بعد مذابح لا يعرف مداها الا الله ، وتمتد الى كافة انحاء العراق مكتسحة كل شيء امامها ناشرة الخراب والدمار الذى لا يمكن اصلاحه إلا بعد عقود طويلة من العناء وشظف العيش التى سيعانى منه العراقيون كما لم يعانوه منذ اكتساح هولاكو لبغداد سنة 1258م.
يأمل المخلصون بأن يستطيع العقلاء من منع هؤلاء المغامرين من تنفيذ تهديداتهم فينقذوا شعب العراق من ويلات حروب لا ينتصر فيها أحد سوى أعداء العراق .