خطوط عريضة/علاء كولي

Thu, 14 Feb 2013 الساعة : 0:13

لا أصدق من الكلام المباشر، ففيه خطوط عريضة للحديث من دون أي اشارات أو استعارات. الخطوط العريضة يرسمها السياسي والمواطن، ثم يسحق عليها المتطرفون، ويحذفها أصحاب العقائد المزيفة، ويصدقها المواطن البعيد عن الحياة!

أستغرب كثيرا تلك العناوين الكبيرة التي تمتلئ بها البلاد.. عناوين الطائفية، والوحدة الوطنية، واخوان سنة وشيعة وهذا البلد منبيعه!، ودعوات الكتل والأحزاب بردع الهوة، ورص الصف الوطني، وعدم فسح المجال للارهاب أو الدخلاء أو الطارئين، وتصريحات وبيانات السياسيين في اختراع أجمل المفردات وسبكها في وصف ما يحدث داخل البلاد، ومؤتمرات الوحدة الوطنية والشراكة أو التوافق السياسي، ونكهات المشاعر الوطنية تشتعل بين الجماهير من كل الاطراف، وقنوات وصحف تجتاحها الشعارات والاعلانات البراقة لدعم التماسك الوطني ومصير الشعب.. سنته الحالمون بالسلطة مرة أخرى، وشيعته الساعون لاثبات وجودهم في السلطة، وكرده الراغبون بدولة مستقلة بعيدا عن كل المسميات في البلاد! والأموال الباذخة التي صرفت لتلك الأغراض، ودعوات الجهات الدينية من جميع الأطراف بنبذ العنف.

لكن السؤال المثار هنا؛ ما الذي حققته هذه الشعارات؟ وهل فعلا هناك دعوات لردم الخلاف بين المتنازعين؟ وهل ثمة تنازلات تقدمها جهة أو حزب أو طائفة لأخرى كي تقدم خدمة للبلاد والمواطن على حد سواء؟ الجواب القطعي: كلا. لا يوجد شيء اسمه وحدة وطنية. ما يحدث خلاف ما يعلن، والمنادون بهذه الوحدة هم سراقها مثل سراق الثورات عبر التاريخ. الوحدة الوطنية كذبة ابتدعها السياسي كي يسير مع الموجة وصدقها المواطن السني لأنها فرصة كي يعرف نفسه في اي مكان سيقف، ثم يحركها رجل الدين السياسي. الوحدة الوطني كذبة ابتدعها السياسي الشيعي بكل أحزابه كي يسير بها اتباعه على وفق أدلجته، ثم يبدأ فصلا جديدا من الشيعي المحروم من كل شيء، ويقدم الى السلطة بموروثات نظرية المؤامرة وشعارات دينية بحتة يرفض بها الآخرين، ثم يظهر النزاع التاريخي مرة أخرى بين علي وعمر وتظهر صفحات أخرى من القتل بسبب هذا التاريخ!

تظهر مرة أخرى صفحات جديدة من الكراهية بين السنة والشيعة يأتي عليها غطاء شفاف اسمه الوحدة الوطنية. بين الكرد المتمردين على حكومة المركز والذين يريدون الانفصال، وهم جادون بذلك مهما كلف الأمر، صفحات أكثر ألما.

مثقفون واعلاميون ووزراء وساسة ومراقبون يتكلمون على اساس فئوي وطائفي.. هل يمكن أن نسميها وحدة وطنية؟ هل يمكن أن نتقدم من خلال هذه المسميات كلها؟ هل يمكن أن نتجاوز الخطوط العريضة ونسير باتجاه الحياة لا اتجاه الأحزاب أو اتجاه الفئوية والطائفية. الجواب بالخط العريض جدا: كلا لن نسير ولن نتقدم ما دامت الأصولية تجتاح البلاد من أقصاها الى أقصاها والتطرف بأجوائه الغائمة يملء كل عقول وقلوب أغلب المتربعين على الواقع السياسي وهم يأخذون البلاد الى المحرقة!

* كاتب وإعلامي عراقي

Share |