كليب الماء في خطر/جاسم الأسدي

Thu, 14 Feb 2013 الساعة : 0:02

عالم الأهوارالعراقية  يتسع لسلسلة عريضة من الحيوانات والنباتات ،أجناس وعوائل وفصائل ،مسميات لاتينية لطيور وثدييات ،قواقع وأشنات ،طحالب وهائمات.وتسميات محببة لسكانها  المحليين،جولان،كعيبة،بردي،شثيثينة،أبوسلمبح  وجليب الماي وغيرها الكثير.

تلك أضمامة من احياء تتعايش مع الماء ومع بعضها مزهوة،متناغمة،تشكل في التفاعل فيما بينها وفي تبادل المنفعة،وفي انتهاز الفرصة للأصطياد لحظة جوع جزءاً من بانوراما الاراضي الرطبة وما تمثله من قيمة حضارية وبيئية وأحيائية في جنوب العراق.

و(جليب الماي) كما يطلق عليه أبناء الأهوار ما هو ألا (الأووتر) ، هذا الذي يأسرني بفروه الناعم وبراعته في الأصطياد ليلاً، مثلما أدهش الشاب الأنكليزي ( كافن ماكسويل) من قبل فكتب عنه (كافن يونغ) بحنو تحت عنوان ( أوابد وأنعام وزواحف) في كتابه الشهير( العودة الى الأهوار) والصادر باللغة الأنكليزية في لندن عام 1975.  

لقد تجشم عجرم وحسن بن مناتي عناء السفر من أعماق أهوار العمارة في شباط من عام 1956 حتى البصرة ليضعا بين يدي (كافن ماكسويل) رضيع كليب ماء لايزيد عمرة عن ستة أسابيع فقط ،وقد طارمع ماكسويل الى لندن في اليوم التالي بعد أن سماه ((مجبل))،وسرعان ماأكتسب شهرة عالمية بفضل كتاب ماكسويل ،الذي تصدر مبيعات العام،والمعنون(حلقة مياة رائقة).ولكن وياللحسرة فقد مات مجبل على يد عامل طرق أسكتلندي.

ومجبل هذا من صنف لم يعرفه العلم من قبل وحين فحصه علماء الحيوان في لندن أطلقوا عليه أسماً علمياً جديداً هو:

LUTROGALE PERSPICILLATA MAXWELLI

كليب الماء حيوان ثديي جميل بفراء بني داكن ناعم وأقدام عريضة تشبه أقدام الأوز،وذنب جميل مستدق،يجيد السباحة وذو حاسة شم قوية ،وهو مسالم ما لم يشعر بالخطر.تلد الأنثى صغارها في (جباشة)من القصب يصنعها الأبوان على مسافة لاتتعدى عشرة سنتمترات من سطح الماء ضمن منطقة مغطاة بالنبات وقريبة من المسطحات والجداول المائية،ويكون التكاثر في شهري شباط وآذار،تتغذى الصغار على حليب الأم لشهر ثم تقتاد على الأسماك الصعيرة التي يصيدها الأبوان.

أنه شعار الأهوار العراقية،حيوان فريد يمكن تربيته مثلما فعل المرحوم ( داخل كاظم الأسدي) في عام 1972،الصياد الجنوبي الأسمر،جاء به رضيعاً الى بيته القصبي في أعماق أهوار الجبايش،وظل يطعمه الحليب والسمك حتى شب وأستأنس المكان ،وبقى مع العائلة سنةً كاملة جزءاً من نسيجها الأجتماعي،ينزل الى الماء للسباحة والصيد ويعود الى البيت القصبي حيث الأبقار والجاموس والدواجن والأطفال،لكن نهايته الموت قتلاً برصاصةً طائشة.

ولأن منظمة طبيعة العراق منظمة بيئية ولأنها معنية بالتنوع الأحيائي ولصلتها بالمنظمات الدولية ذات الشأن ولكون كليب الماء قد تناقصت أعداده الى حدود كبيرة لكنها غير موثقة ولأهمية هذا الحيوان الذي يعتبر بحق "لوغو" الأهوار العراقية فقد تتبعت أخباره وأماكن تواجده من الصيادين وسمعت عن قتل بعض الأعداد منه خلال الخمس سنوات الماضية.وفي التاسع من شباط كان بين يدي كادر المنظمة كليب ماء حي تم القيض عليه حياً من قبل أحد الصيادين في أحدى أقفاص الأسماك العائمة جنوب مدينة الناصرية في نهر الفرات عند منطقة الشمامرة وهو لايزال صغيرا بتاريخ 6 شياط 2013، وقد أطلق عليه الدكتور عزام علوش أسم مجبل الثاني.وكان في النية أطلاقه الى بيئته المائية التي أصطيد فيها ظهر الثالث عشر من هذا الشهر حيث وصلتني عبر بريدي الألكتروني  رسائل متعددة من مختصيين بالثدييات لعل أبرزها تلك التي أرسلها الدكتور ديفيد مالون بتاريخ 11-2-2013، وهو واحد من أشهر خبراء الثدييات الرائدة والذين أعدوا القائمة الحمراء للثدييات في المنطقة العربية والتي من ضمن ماتضمنته (الحفاظ على الحيوان في أحسن حالة وأبعاد الناس عنه وتصوير الحيوان وخاصة الرأس والذيل لأصدار هوية تعريف.وضع طوق مناسب القطر والثقل في عنق الحيوان لغرض متابعته ،ومن المفيد عرضه على بيطري ومن ثم أطلاق سراحهقريبا قدر الأمكان من مكان صيده.كما نصح بتنفيذ برنامج مسح ميداني لكلاب الماء بناءً على مقبلات صيادي الأسماك). لكن شاء القدر أن يتوفى هذا الحيوان الجميل مساء الثاني عشر من شباط قبل 12 ساعة من موعد أطلاق سراحة!!!!

أن حيونات كلاب الماء المسالمةعرضةً للخطر،نتيجة  تقلص أعدادها الى حدود متدنية جداً نتيجة تجفيف الأهوار العراقية مابين أعوام 1991-2003 وكذلك الجفاف الذي لحق بها خلال أعوام 2008- 2010 من جهة وتعرضها للصيد من قبل عرب الأهوار حيثما أمكن لبيع جلودها في المدن من جهة أخرى، حتى أصبح هذا الحيوان مهدد بالأنقراض .أنه بضاعة عالية الطلب في الخليج ،علينا ان نضع حداً لها عبر تشريعات وقوانين وأجراءات تحرم صيد كليب الماء مثلما تحرم المتجارة به

دعوة لوزارة البيئة ومثلها لوزارة الزراعة ووزارة الداخلية ووزارة الموارد المائية لأتخاذ مايلزم قبل فوات الأوان

بقلم جاسم الأسدي/مهندس أستشاري

Share |