القابضون على الجمر/عقيل عبد الجواد
Wed, 13 Feb 2013 الساعة : 23:17

المألوف والمفهوم ان يُهيمن الصح وان يكون حصول الخطأ امر خارج على السياق ,هذا في عالم المثاليات اما عالم الواقع حيث اليد العليا لمن يمسك بزمام القوة فأن تكرار حصول الخطأ سيؤدي به في النهاية الى ان يصبح هو القاعدة .
لقد كان هذا هو منطق الأمور في العراق وتحديدا ً منذ سيطرة الدولة العثمانية وتكريسها للتفرقة الطائفية لقرون وبعدها حين تم تشكيل الدولة العراقية حصل ذلك على نفس الأساس الطائفي اقلية طائفية تحكم وتستأثر بالسلطة والثروات وتستبد بالأكثرية .
الطائفية والبدوية شيئان بغيضان فاذا اجتمعا تحولا الى كره اعمى وحقد متأصل يتوارث ولذا بعد 2003 وتغيير المعادلة فأن الروح البدوية الطائفية أستُفزت وحصل الاقتتال الطائفي بشكله السافر بعد ان كان ممنهج أيام ستالين التكريتي .
تحدث احيانا ً مشاجرة بين طرفين فيتدخل طرف ثالث " الخّير " والمفروض منه ان يستثمر حصول هذا الخلاف فيكون امام حلين اما ان يهديء المشكلة ويطيب الخواطر فيطفئ ظاهر النار دون جمرها ويلوي عنق الواقع مؤقتا ً بكلام معسول يزول اثره سريعا ً لأنه يتغافل عن حقائق الصراع فيتبدد مفعوله العاطفي وتبقى أصول المشكلة فيكون قد سجل نقطة لصالحه هو وليس لصالحهم .
أو الاحتمال الثاني ان يكون الطرف الثالث واقعي فيصر على ان يتتبع جذور المشكلة ليقضي عليها من اصلها حتى يحول دون تكرارها , وهذا هو الاستثمار الأمثل والأفضل للشر الذي حصل فيحصل الخير والوئام كما قال الجواهري :
اني ارى الأيام في تداولها تأوي الى حكم ٍ عدل ٍ وتحتكم ُ
تدس في الشر خير ا ً يستضاء ُ به وتنزع الخير من شر ٍ ويلتئم ُ
ان الصراع الطائفي في العراق قد جرى استثماره من قبل الطرف " الخيّر " القادة السياسيين على مستويين بطريقتين مختلفتين فهم على مستوى الناس هدئوهم وملؤوا رؤوسهم خطابات وكلمات ذات وقع جليل من قبيل اخوة , وطن واحد , كلنا مسلمون , نبينا واحد , نحن عراقيين– الخ ... اما على المستوى الاعلى أي بغداد فقد استثمروه بشكل مغاير فقالوا لا انما نحن اخوة لكن اعداء وانما نحن ثلاث طوائف سنة وشيعة واكراد ويجب ان يكون الحكم على هذا الاساس .
فإما ان نكون اخوة وما يحصل بيننا هو من دس عبد الله بن سبأ الاسطورة ( على حد الاعتقاد الشيعي ) او لا اننا يجب ان نلبنن العراق لكن ابتداء من مستوى الشعب لا الحكم فقط .
داخليا ً الحكومة مقسمة طائفيا ً . واقليميا ً هنالك خصمان يتواجهان على اساس طائفي جبهة ايران سوريا حزب الله ضد تركيا مصر قطر السعودية فقط الشعب العراقي هو الموحد ويعيش ربيع المواطنة العراقية .
على الشيعة ان يكفوا عن اندفاعهم العاطفي وتجاهلهم لما يحدث وان يقفوا وقفة صريحة وواضحة امام الذات ليعترفوا ان من قام باهانة وفد عشائر الجنوب انما هم افراد يمثلون فكرة الاستعلاء والهيمنة السنية .
وعليهم ان يكفوا عن الحديث المفتعل عن خوفهم من تقسيم العراق فكأن خارطة العراق بشكله الحاضر قد نزلت ملحق مع القران ,
ان قبض الشيعة على حكم العراق المركزي ما هو الا كالقبض على جمرة وهو لن يلبث بيدهم الا كريثما يركب الفرس فاعتلائهم كرسي الحكم ما هو الا اعتلاء مهزوز سيطيح بهم في أي لحظة كما يطيح الثور بمن يمتطيه .
فالوضع الذي هم فيه وضع غير طبيعي ابدا ً فأين الطبيعي في ان السنة ليس منهم قادة فرق اليس لأننا نخشى منهم الانقلاب العسكري وهو خوف مبرر لكن غير المبرر ان نرى من الطبيعي ان يستمر هكذا وضع من غياب فادح للثقة .
ان امام الحكومة طريقان اما ان تواجه وستخرج خاسرة او تذعن لواقع التاريخ السياسي العراقي وتعترف به ليس فقط كونه حقيقة لا يمكن التغاضي عنها بل لأنه المخرج الوحيد لهم من الأزمة , فكل تحركات الحكومة حاليا ً متوقعة من الخصوم فهي بدأت تلقي نفسها اكثر فاكثر بأحضان حلف ايران المنهار اصلا ً , وبدأت تصريحاتها المتباكية على سوريا وانتقاد ضربة اسرائيل لها وان هناك مؤامرة تحيق بسوريا كما العراق أي التأكيد على وحدة المصير السوري العراقي .
ان الحديث عن المؤامرة لا يجدي بقدر التصدي لها من خلال مواجهة الخصم برد فعل غير متوقع بخلق فدراليات وان اعتمدت اللامركزية الادارية المهم تفتيت المركزية وتحطيم الكرسي الذي ترنو اليه وتتنازعه ايادي اخوانا السنة وعمقهم العربي قبل ان يتحطم على رؤوسنا .