يحدث هذا في الدوائر الرسمية/دلال محمود
Wed, 13 Feb 2013 الساعة : 13:03

في زيارتي الاخيرة للعراق الحبيب قبل شهرين تقريباً,كنت في احدى دوائر العقار في بغداد,كانت هناك امور جميلة حصلت امامي منها ان احد الشباب الذي كان لديه معاملة ليعقبها كان قد لبس نعالاً او شحاطة مصنوعة من الجلد , حين اراد ان يدخل الى الدائرة منعه موظف الاستعلامات , توسل الشاب بالموظف لكن الموظف قال له لايمكن لان هناك قانون يمنع دخول المراجعين وهم يلبسون النعال يجب ان تلبس حذاءاً
بعض الناس يعارضوني في رأيي هذا , ويدعون ان هذا الامر يعتبر أعتداء على حرية الاخرين في اللبس ولكن من وجهة نظري أجده قانونا جميلا لأنه يجبر الانسان كي يظهر بهندام مرتب وانيق وهو يراجع دائرة ما.
الامر السيء الذي ازعجني ان طابور الانتظار مزدحم بالمراجعين والذين يضربون الطابور عرض الحائط ويجتازوك وكأنك غير موجود ثم أن الشخص المسؤؤل عن الطابور يبدو وكأنه لايراك في الوقت الذي تراه يتودد الى الذين جاؤؤا تواً بينما نحن الذين مر على انتظارنا اكثر من ساعة لايأبه لنا ابداً,مما جعلنا نؤنبه كونه قصّر في اداء واجبه.
من سوء حظي أن معاملتي احتاجت الى مايسمى بصحة الصدور, وهذا أمر جديد يتبع الان في الدوائر الرسمية .ربما أن الذين سنوا هذا القانون اكتشفوا ان الاصدار غير معافى فاتفقوا على ان يجعلوه بصحة جيدة,
في اثناء مراجعتي تلك تطلبت معاملتي بطاقة سكن , طبعاً اغلب العوائل غير مستفيدة من البطاقة تلك ولكن في كل معاملة انت ملزم كي تكون البطاقة في حوزتك والا فان جميع خطوات المعاملة التي اكملتها بشق النفس ستكون باطلة.
اخبرت الضابط بانني لااملك بطاقة سكن فحولني الى المدير العام في الدائرة , أخبرت المدير بأنني لااملك بطاقة سكن فقال لي حتى وان كانت بطاقة اقربائك او احدى صديقاتك فان المعاملة يجب ان تحتوي على بطاقة سكن.
عدت في اليوم الثاني لأقدم معاملتي وهي تحتوي على بطاقة شقيقي , فاعترض الضابط وقال هذا لايصح ويجب ان تكون البطاقة خاصتكِ , ولكن سأمشي معاملتكِ وأسهل امركِ, قلت له لكن المدير اخبرني البارحة انه حتى وأن كانت بطاقة صديقتي فان المعاملة ستسير , هنا ثارت ثائرته وقال هاكِ معاملتكِ وكتب فوق الاضبارة ناقصة بطاقة سكن جديدة , تصوروا بطاقة سكن وجديدة, من اين سأأتي بها؟ لست ادري.
قلت عفواً, لماذا ياأستاذ ؟
قال لأنكِ أظهرتيني بأنني ليس بصاحب فضل , وعقاباً لكِ ان تعملي بطاقة سكن جديدة.
قلت له آسفة ياسيدي المحترم لم أكن اقصد هذا أبداً فأنت صاحب فضل كبير , وفضلك فوق رأسي وانا ممتنة منك والحقيقة هي عكس ذلك تماماً, فلقد كان بمقدوره ان يمشي المعاملة بدون بطاقة سكن , لكن الحياة هنا تحتاج الى التملق.
تناول الاضبارة ثانية وأشر عليها بانها كاملة.
عدت ادراجي من حيث اتيت وخطواتي يسبقها الحزن والألم والدموع التي حاولت بشدة ان اخفيها لكنها اصرت ان تسقط بمرارة.
كم صعب على الانسان الحر حين يعيش حياته وهو عزيز نفس ويأبى الرضوخ لأقرب الناس اليه ولكن حين الكِبر يرى نفسه مجبراً على ان يتملق لأناس لايصلحون أن ينعتوا بكلمة انسان..