الزعيم عبد الكريم قاسم ودروس الماضي/عبد الامير محسن ال مغير

Sat, 9 Feb 2013 الساعة : 23:13

ما اشبه اليوم بالبارحة كما يقولون فمن عاش عهد الزعيم عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز 1958 ويقارن بما يجري هذه الايام يجد لها شبها عجيبا بمجريات الاحداث فعبد الكريم قاسم ثائر وطني حقيقي حمل افكار عصرية ليبرالية واراد ان يطبقها في العراق تمثل نموذجا للنظام الديمقراطي فأجاز الاحزاب واطلق الحريات العامة والصحفية وأعد العدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وكان محبا لشعبه دون تمييز بدرجة مذهلة ومثالا للنزاهة وشرف المقصد ولم يحظ به العراقيون بسبب الغل الذي حملته بعض النفوس المريضة التي تشبعت بروح الاستحواذ على السلطة والهيمنة على الاخرين وكأن لسان حال تلك العناصر ان لم تكن معي فانت ضدي هذه الحدية في الاستحواذ هي التي هيأت لانقلاب 8 شباط 1963 ورغم ان قاسم كان ضابطا عسكريا الا انه كان مطلعا ومثقفا ووطنيا ومعتدل في تصرفه السياسي وملتزما بالوسطية في كل شيء والشعارات التي حملها ويرددها كانت خير مصداق لما جرى في زمنه وفي عهده كقوله (انني فوق الميول والاتجاهات) وتعبيره الاخر بالعفو عن من اساءوا له وحاولوا قتله (عفا الله عما سلف) ورغم قصر مدة حكمه حقق منجزات هائلة على صعيد اصدار قانون الاصلاح الزراعي وانصاف الفلاحين الفقراء وتوزيع القطع السكنية وسلف البناء لإقامة مدن الصدر والشعلة والحرية وقام ببناء المجمعات السكنية لموظفي الدولة في المأمون والحرية كما اقام الكهرباء الريفية لعموم القطر واستورد 52 معملا حديثا وزعت على كافة انحاء العراق ولازال البعض منها منتجا لحد الان وسمي بعضها بعد القضاء على حكمه بأسماء الحكام الجدد الذين اتوا بعده كمدينة الطب التي اسماها صدام بمدينة صدام الطبية كما قام بإعمار مدينة بغداد وتوسيعها وتزيينها وشق قناة الجيش فيها وجهز الجيش والقوات المسلحة بالمعدات وعدل الرواتب وانصف المتقاعدين واصدر القانون رقم 80 لتحديد الاراضي التي يسمح لشركات النفط التنقيب فيها وتم استثمار المساحات الباقية واقام الخط القياسي للسكك الحديدية والطرق الحديثة بين الموصل والبصرة كما قام ببناء ميناء البصرة الحديث وشيد سدي دوكان ودربندخان لتنظيم مياه نهري ديالى والزاب وعمق العلاقات التجارية مع المعسكر الاشتراكي واصبح تسليح الجيش العراقي روسياً بحكم الوثوق بالسلطات الروسية لما واجهه العرب من سبل الاحتيال والتآمر عليهم من قبل القوى الغربية لمحاباة وحفظا لأمن اسرائيل الا ان قوى الشر البعثية وبقايا النظام الاقطاعي بدأت تتربص به وكانت تلك العناصر تتآمر عليه وتظهر له بمظهرين احدهما يدعي الولاء الكاذب وبشكل منافق وآخر يرفع الشعارات المعادية مستثمرا الحريات المتاحة لإبعاده عن حلفائه وعموم الشعب العراقي وبما اتصف به العراقيون للأسف الشديد من حالة النسيان للإساءة وانطلاء الاكاذيب عليهم وسرعة مللهم للحاكم وتأثرهم بالأطماع وعدم ميلهم للمثل وقد استثمر كل ذلك من قبل اعداء الزعيم قاسم وحرك عليه بعض رجال الدين واتضح بعد ذلك الانقلاب بان اقرب المقربين ظهروا انهم قادة بعثيين كما ان بعض من اوكل اليهم المهام كالعقيد محسن الرفيعي مثلا وهو مدير الاستخبارات العسكرية حول تلك المديرية الى وكر للبعثيين ولم يكن اهلا او امينا لتلك المهمة وقد اعتق قاسم رقاب اعدائه ممن تصدوا له في شارع الرشيد وبدلا من ان يتعظ العراقيين الان بما حصل لقائد لامع وشريف انهم يعيدون الكرة وبنفس الاسلوب بنتيجة تنافسهم على السلطة ويعطون اذنا صاغية لمنافقي العصر والجواسيس الدوليين الذين يظهرون بأشكال شتى والذين اثبت التاريخ بان ديدنهم هو الوصول الى السلطة وبأي ثمنا كان وتجدهم الان ودونما حياء يظهرون صور صدام ذلك القاتل المجرم والذي رافق شبابه جرم حكم عليه بالسجن من قبل محكمة احداث بغداد لقيامه بقتل مدرس من عشيرة البو ناصر يدعى خالد خصاف بعد ان حرضه خاله خير الله طلفاح عليه وكان عمره آنذاك 16 عاما لذا لم يجد علماء الاجتماع الان اي غرابة في شذوذ طباع صدام وجنوحه نحو ارتكاب كافة سبل القتل ولكن تاريخنا الاسلامي للأسف الشديد ملئ بالمغالطات والكذب فالحجاج مثلا كان غولا غدارا ويكتب عنه السيد الجومرد كتابا بعنوان (الحجاج رجل الدولة المفترى عليه) مع ان ذلك الرجل كان مغمورا في بادئ الامر وباع نفسه كليا لقاء السلطة وهكذا كان صدام والغريب ان من اخذوا مكان اعداء صدام حاليا يرفعون عقيرتهم مغالطين ويسمون النظام الديمقراطي بالنظام المستبد وهذا ما كان يطلق من قبل اعداء ذلك الرجل النبيل ويتساءل المرء هل العراقيين يستفيدون من عظة الماضي فمن يريد ان يعيش حرا عليه ان يستعد بان يضحي بنفسه خير له من ان يعيش ذليلا مأخوذا على امره وتابعا للآخرين ولو دققت بما رفع من شعارات يوم 8/2/2013 لوجدتها مطابقة تماما كما كان يرفع في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم حيث تأخذ تلك الشعارات اشكالا متنوعة منها اطلاق الشعار على الحكام الحاليين بالمستبدين ومثل هذا الشعار كان يطلق على الزعيم قاسم وطبيعي سواء نظام الزعيم قاسم او النظام الحالي ابعد ما يكون عن هذه السمة ولسنا من باب الدفاع عن النظام الحالي ولكن علينا ان كنا منصفين نرى ما يطرح من شعارات وسباب واضحة كل الوضوح بانها تنال من النظام السياسي وبشكل ظالم وانت تسمع الان ايضا ان المظاهرات سلمية وان تفجيرات الكاظمية والشوملي والهندية ليوم 8/2/2013 مدانة وبنفس الوقت تسمع شعار استعادة الحقوق ومثل هذا الشعار يعني ما يعنيه فما اصدق اذن اليوم بالبارحة .

Share |