شيطنة الاسلام السياسي/عصام الطائي
Sat, 9 Feb 2013 الساعة : 23:06

ان الاخطاء هي احدى اسباب المشاكل والازمات السياسية والتي تحصل بالاخص على مستوى السلطات الحاكمة في العالم العربي والاسلامي وبين أي معارضة سياسية ففي أي سلطة سياسية نتيجة انهماكها في الحكم لا تحاول ان تعالج الاخطاء التي تحصل لها وان كثرة الاخطاء تعود لاسباب كثيرة اما بسبب قلة الخبرة او ضيق الافق او الرؤية الحزبية التي لها منطلقات معينة حيث تؤمن بها وتعتبرها من الثوابت لا يمكن التنازل عنها او بسبب تصورها انها لا زالت تعيش حالة المعارضة لا كسلطة حاكمة او ايمانها بمعالجة معينة تعتبرها حقيقية وواقعية وفق تصورها الا انها خاطئة او عدم الاهتمام بانتقادات الاخرين او عدم الاختصاص بهذا الجانب او ذاك او بسبب ضعف المستشاريين وغيرها من الاسباب.
اما بالنسبة الى المعارضة السياسية فاخطاءها بسبب الاهتمام المبالغ في استلام الحكم لظنها هي الاكفى في ذلك او لضعف الرؤية او انعدامها او التعصب الحزبي او القومي او العشائري او المذهبي او الارتباط باجندة خارجية او سذاجتها او الاهتمام بالمصالح الشخصية وتغليبها عن المصالح العامة مما يجعل المعارضة ترتكب كثرة من الاخطاء مما يسبب ابتعادها عن المصالح العامة للشعب وتسبب ارباك للعملية السياسية وتعطيل المشاريع فبدل ان تكون اداة في الاصلاح تكون اداة للافساد من حيث تشعر او لا تشعر .
والذي يفحص الوضع في اغلب الساحات السياسية التي حصل فيها تغيير في انظمة الحكم نجد ان هناك هجوم على اغلب القوى التي تمثل الاسلام السياسي التي استلمت الحكم من خلال الانتخابات كما في مصر بالهجوم ضد اخوان المسلمين او في تونس ضد حركة النهضة او في العراق ضد النظام الحالي فما هو سبب هذا التصعيد هل بسبب مقصود من قبل جهات لها اجندة سياسية ام بسبب غير مقصود يعود الى الاخطاء والتقصيرات التي تحدث من قبل الاجهزة التنفيذية والبرلمان والسلطة القضائية ؟ والجواب على ذلك يمكن ان نجمع كل الاسباب ولا يمكن ان نختزل القضية بسبب واحد بل بتعدد الاسباب .
ففي العراق نجد التقصير في كل السلطات سواء من قبل السلطة التنفيذية لاسباب متعددة وقد تكون غير مقصودة او من قبل السلطة التشريعية او من قبل السلطة القضائية ويمكن ان يكون بسبب نفس الدستور او بسبب الاجندة الخارجية التي تريد ان يبقى العراق ضعيفا ونجد الاشكالية بصورة اصعب في مصر اذ لم يتسنى لرئيس الجمهورية أي فترة زمنية كافية فما برحت القوى المضادة تتحرك ضده مع العلم لا تخلو حكومته من الاخطاء اوالتقصيرات وهذا شيء طبيعي لحداثة التجربة وهكذا بالنسبة الى تونس فمجرد مقتل شخص قيادي صعد وضخم الموقف ضد الاسلاميين بالاخص ضد حركة النهضة.
وان الاشكالية تكمن بصورة اعمق من خلال الانظمة المستبدة فالانظمة الدكتاتوريةالسابقة قد تركت حمل ثقيل من تخلف في شتى المجالات فلا يمكن لاي نظام حكم في أي نظام من انظمة الحكم ان يقوم بعملية التغيير بصورة يستطيع ان يحصل تقدم وتطوربصورة واضحة بالاضافة الى ان كل الدول العربية والاسلامية قد قسمها الغرب بصورة يمكن خلق التناقضات بين مكونات أي مجتمع باي وقت او من خلال ارتباط المعارضة باجندة خارجية بالاضافة الى القوى المضادة من قبل الانظمة الدكتاتورية السابقة وبذلك لا يمكن حصول أي تقدم في أي بلد ما لم يكون مرتبطا بصورة يضمن مصالح تلك القوى المعروفة وكان الاجدر بالاسلاميين سحب انفسهم من ممارسة السلطة التنفيذية وذلك من خلال تشكيل حكومة كفاءات بحيث تتفق عليها كل الاطراف ويكون مهمة الاحزاب الاسلامية هو الاقتصار بالمشاركة بالحكم على السلطة التشريعية فكان استلام الحكم خطأ كبيرلان أي خطا سوف يضخم ويسجل ضدههم وكان المشاركة في السلطة النفيذية بمثابة الفخ الذي نصب لهم اما اهمية الاقتصار بالمشاركة من خلال السلطة التشريعية فحتى لو حصلت اخطاء لا تكون بمستوى الاخطاء في السلطة التنفيذية ويمكن كذلك محاسبة الحكومة من قبل البرلمان وسوف يثبت للناس ان الاسلاميين ليس طلاب سلطة وجاه.
وان الذي يتفحص المنطق القراني والذي يدرس التاريخ الاسلامي والانساني يجد ان اصعب مشكلة واجهت الامم هي مسالة الحكم فمن سلطة الحاكم المطلق المستبد والذي وصلت بالبعض منهم الى تآليه الحاكم وحصل كثير من المظالم لذلك كان تركيز القران على حصر تسليم الحكم اما بدرجة العصمة كالانبياء والائمة واما بدرجة العدالة كالعلماء الا ان سلطة الطواغيت لم تسمح عبر التاريخ باستلام الحكم لاي جهة غيرهم مما ترتب كثير من المظالم وانحسر دور العلماء في اطار لا يمكن تجاوزه وان ما يواجه الاسلام السياسي من شيطنة فهذا شيء متوقع بالاخص من يملك الحدس لذلك نجد كثير من الطبقة المثقفة الواعية تتجنب مسالة المشاركة في الحكم حتى قيل ان انور السادات كان صديق لمصطفى محمود فطلب منه تسليمه منصب في الحكم فقال له مصطفى محمود متهربا من استلام أي منصب بانه قد فشل في حياته الزوجية مرتين فلا يمكن له ان ينجح في استلامه أي منصب فكان الحدس عند الدكتور مصطفى محمود باعتبار ان استلام أي منصب سوف يوقعه في اشكاليات كثيرة تخرجه عن هدفه التاريخي الذي استطاع من خلال قلمه ان يخدم الانسانية وترك محبة كبيرة في قلوب الناس.
وان على الاسلاميين ان يعيدون النظر في استلام أي حكم لان أي اساءة سوف تعود على الاسلام نفسه والاجدر ان يكون دورهم في المجال الدعوي ولو شاركو في أي نظام سياسي فهو الاقتصار على الجانب التشريعي فذلك يكون ازكى لهم وان كثرة القوى المضادة في الداخل والخارج لا يمكن ان تسمح للاسلاميين باستلام أي حكم بصورة يمكن تحقيق انجازات واضحة واحدى اهداف القوى الغربية والصهوينية هي بناء نموذج سلبي لاي اسلام سياسي والذي يساعد على بناء النموذج السلبي هو من يلهث وراء السلطة ومن يحمل طابع التطرف.
وان الشعوب الذي خرجت للثورة ضد انظمة الحكم المستبدة كما يسمى بالربيع العربي واجرت عمليات تغيير في انظمة الحكم لا يمكن ان تكون باتجاه واحد كي يمكن السيطرة عليها بل قد تحركها الاهواء والمصالح الشخصية فهي لا تقل طمعا على من يلهث وراء السلطة ونجد ان الشعوب قد تصفق للطاغية ويمكن ان تكون اداة لاي تغيير سلبي او ايجابي الا ان حركتها لا يمكن السيطرة عليها فهي كالعاصفة التي يمكن ان تصيب كل الامكان بالاضرار بلا استثناء فمن واجب العقلاء من الناس لاجراء أي عملية اصلاح ان يكون الطريق الامثل هو الحوار مع بعض اساليب الضغط وان لا يتسبب الاخلال بالامن الاجتماعي وان لا يتحول الضغط السلمي الى حالة العنف لان العنف هو علاج سلبي بل قد يتحول مع الانفعاال الشديد والعواطف الملتهبة بالضرر على الجميع.
عصام الطائي