مبادئ علم الاعلام الاسلامي ( الحلقة العاشرة)/محسن وهيب عبد
Fri, 8 Feb 2013 الساعة : 0:10

الرزية التي شوهت الأصول الثابتة في العقيدة الكاملة
صناعة الرأي العام:
يتناول المؤرخون مثلا تاريخيا لخطر الإعلام في صناعة الرأي العام وهو: ان تسنى لمعاوية الطليق ابن الطلقاء ان يكون خليفة لرسول الله في الإسلام، وان يجعل سب أمير المؤمنين علي( ) عليه السلام، والذي هو كنفس رسول الله صلى الله عليه وآله، والخليفة الشرعي لرسول الإسلام، جعل سبه سنة على منابر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، في كل أصقاع العالم الإسلامي آنذاك، نعم علي بن أبي طالب؛ الذي كان كما يصفه صاحب الرسالة المقدسة الذي لا ينطق عن الهوى بأنه يمثل الإيمان كله، وهو مولى المؤمنين بوجود رسول ، وكنفس رسول الله، وزوج سيدة نساء العالمين والذي يقول فيه:
( يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لا نبي بعدي...مع كل هذا، الا ان هذا الطليق بن هند بنت عتبة! كان سخيا مع من باعوا دينهم بدنيا معاوية ليكونوا جهازه الإعلامي؛ ليضعوا له الأحاديث كذبا على رسول الله صلى اله عليه وآله، ومارس كل ما من شانه ان يدرس معاني الدين الحق بأساليب إعلامية ساعده فيها مستشاروه من الزنادقة وملل الكفر الأخرى ، فاستطاع ان يشيع رأيا عاما ؛ تحقق بالقراءة المنحرفة للإسلام وبما يفيد: ان عليا خارج على الدين وانه (أي معاوية)الوريث الشرعي لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وهكذا صار الدين أمويا في غالبه وحتى اليوم.
وعندما انتصر العباسيون ودخلوا الشام، كان الشاميون يحلفون، أنهم لم يعلموا ان لرسول الله صلى الله عليه واله آل غير معاوية وذويه من آل أمية، كما ينقل المؤرخون وأرباب السير.
وعندما قتل الملعون يزيد الحسين عليه السلام وجاءت بنات الوحي والرسالة سبايا الى يزيد في دمشق ورأوا الرؤوس الطاهرة المطهرة من الرجس بنص القرآن؛ تعلوا الرماح، احتفل أهل الشام بمقدم الخوارج يحمدون الله تعالى على نصر خليفة رسول الله، أمير( الفاسقين) يزيد .
وعندما أمر عمر بن عبد العزيز عند توليه الخلافة الأموية بإيقاف سب الإمام علي عليه السلام على المنابر، صاح الذين لم يصلهم أمر عمر بن عبد العزيز للخطيب لقد نسيت السنة!!! يقصدون سب أمير المؤمنين على عليه السلام باعتباره سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كان يطبقها معاوية لعنة الله عليه.
هكذا يصنع الإعلام الرأي العام، فيصير الباطل حقا، والحق باطل، والطليق خليفة رسول الله، ويمسي سب وصي رسول الله وخليفته الحق سنة لا يكتمل الدين الا بها، ويصير من وصف بأنه الإيمان كله؛ خارجا على لإسلام..
وهكذا بالإعلام يصير الدعي ابن الباغيات أميرا وأولاد وبنات الأنبياء الطاهرين خارجيون فسبايا...
هكذا ولحد الآن يضيع الناس بالتضليل الإعلامي الذي يمارسه من لا دين لهم ولا إنسانية يتميزون بها، وسنتناول إنشاء الله تعالى معاني التضليل الإعلامي في لاحق البحث.
وهكذا يستمر أسلوب معاوية إلى الآن وأكثر إسرافا تخدمه تكنولوجيا أكثر تطورا، فقد صدر كتاب في بداية السبعينات من القرن الماضي للدكتور المصري؛ مصطفى محمود اسمه ( الشيطان يحكم) ، فيه إحصائيات عن كيفية سيطرة القوى العالمية المحركة للأحداث على وسائل الإعلام وأجهزته، فمثلا يقول: ان 95% من الصحف الكبرى ووسائل الإعلام يملكها الصهاينة.
ان تكنولوجيا الإعلام اليوم تغزونا بل وتقتحم علينا بيوتنا بل مخادعنا في عقر دارنا وتختطف منا أبناءنا وبناتنا، ان الإعلام الغربي اليوم هو؛ المارد الوحيد في الكون الذي يصنع الرأي العام في العالم ويقلبه كيف يشاء، ونحن ازاء هذا المارد الكارتوني ضعفاء جدا في حقنا، وهم به أقوياء مجتمعون على باطلهم كما يقول الإمام علي عليه السلام .
ومثال آخر معاصر؛ نحن العرب ساميون ومعاداة السامية في الغرب صنع منها لإعلام بتوجهاته المعروفة جريمة يعاقب عليها القانون، لكن الإعلام من الدقة بحيث ان معنى معاداة السامية له توجه واحد فقط، فانك تستطيع ان تهزأ من العرب الساميين ومقدساتهم ومن نبيهم كما شئت فمعاداة السامية لها معنى مقدس لا ينتهك في جانب الصهاينة فقط لأنهم صناع وموجهو الرأي كما يريدون وكما يشاءون فقط.
الإسلام والإعلام:
الإعلام في معناه الصادق، على خطره ودقته وشدة تماسه بمهام الانسان ورسالته على الأرض إلا انه يكاد يكون مهملا في عالمنا الإسلامي، يتلقاه الناس من أعدائهم كالسم في العسل، دون ما خلفه من غايات وأجندات تنشد أهدافا قد تكون معادية لتطلعاتهم، بل ويعمل به بعض من لا يعلم مكامن خطره، ولذا فان الله تعالى حذر المسلمين من تداول أي إعلام دون أن يرد إلى الذين لهم الخبرة وسعة الاطلاع ولهم القدرة على وعي خلفيات الأحداث وأنباءها، فيكونون قادرين على استنباط كل ما تعنيه إشاعة او إذاعة اي خبر.. قال الله تعالى في ذلك:
(واذا جاءهم أمر من الأمن او الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا)
وإذا كان الإعلام هو الإنباء، كما بدأنا التعريف، فانه مهمة الأنبياء ومنه اشتق اسم النبوة..
قال الله تعالى في توجيه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين من أفراد أمته:
(ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا )
الهوامش:
) عن الإمام الصادق (عليه السلام): (بأنّه لم يسم أحدٌ بهذا الاسم غير عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلاّ مخنثاً) .
وعلّق السيّد الجزائري على هذا الحديث قائلاً: (وهو غير بعيد، لقول جلال الدِّين السيوطي وهو من أكابر علمائهم، في تعاليقه على القاموس، عند تصحيح لغة الأُبنة، وكانت في جماعة في زمن الجاهلية أحدهم (سيّدهم) عمر. وقول ابن الأثير وهو من أعاظم فضلائهم: زعمت الروافض أنّ سيّدنا عمر كان مخنثاً، كذبوا لعنهم الله، ولكن كان به داءٌ دواؤه ماء الرجال).
وروى الطبري من أعلام القرن السادس الهجري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (عليه السلام) ؛عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(لما أُسري بي إلى السماء كنتُ من ربّي كقاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليّ ربّي ما أوحى، ثمّ قال: يا محمّد اقرأ إنّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، فما سمّيت بهذا الاسم أحداً قبله ولا أُسمّي بهذا أحداً بعده) الطبري؛( بشارة المصطفى لشيعة المرتضى) الجزء الخامس صفحة:287 رقم الحديث:9. .
2 ) جاء في نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام جمع الشريف الرضي، تحقيق محمد عبده :ج1:ص: 65 قوله :(سيدالون باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم(.
3 ) سورة النساء-83.
4 ) سورة الكهف – 25.