العمل الروحاني بين أصول الحكمة وتطفل الجهالة/عباس ساجت الغزي

Tue, 5 Feb 2013 الساعة : 23:39

الإنسان والبحث في الخفايا والإسرار وعالم الخوارق ومعرفة المستقبل كلها مجتمعة هي خوف من القدر المجهول والرغبة باستباق الحدث بأفق حسية تكون اقرب للخيال من الحقيقة إذا لم تتحقق فيها المواهب الرحمانية والعلوم أللدنية والوصول إلى ينابيع الحكمة من العقول .
اليوم ورغم التطور العلمي والتكنولوجي والوصول إلى وسائل المعرفة واكتساب الثقافات بمختلف القنوات ، نجد الكثير من أبناء المجتمع يفتقدون إلى الفطنة والتعقل في التعامل مع هذا الموضوع ، ويصنعون من أنفسهم فرائس تشبع غرائز المستذئبين والدجالين ممن يمتهنون هذا العمل لمكاسبهم المادية وإشباع نزواتهم العابرة ، وسط تأثيرهم السحري بالكلام المعسول ومعرفة بعض المصطلحات الروحانية والقصص الخيالية .
قبل أيام جلست مع احد زملائي وهو كاتب وصحافي في إحدى المقاهي ، وبعد احتساء الشاي الساخن وسط برودة الجو القارصة ، دار حديث بيننا عن السحرة والكشافين طرق عملهم ومدى مصداقية أفعالهم وأقوالهم وسبب انتشارهم بهذا الكم الهائل هذه الأيام ؟ وكنت من المهتمين بمتابعة هذا الموضوع بشغف منذ سنوات ، فكان يصغي ألي بلهفة اكتساب المعلومة الجديدة والغريبة و يدقق في كل كلمة أو معلومة تصدر مني ويسال عن صحتها ومعناها وتأثيرها .
أن العمل الروحاني هو علم وفن موزون ومحرر يجتهد فيه العقل والنفس وهو الواسطة بين لقاء الروح بالجسد ، وله اشتغالات وممارسات خاصة به لا يجيد العوم في بحورها إلا ذوي العقول الراجحة والأرواح النفيسة والأجساد الطاهرة المنزهة من حب الدنيا والشهوات ، ولك أن تحصي عدد من يمتلك تلك الصفات والقبول لدى باقي العوالم وتقارن بين من يدعي العمل اليوم .
علم يحوي البسط والتكسير في صناعة الاوفاق وتنزيل الأعداد وكتابة الأقسام ورسم الطلاسم بالأرقام ( الأعداد والأعداد المركبة والمستنطقة ) والحروف التي لا تخرج عن أبجد وهي الثمانية والعشرون حرفا ، وكذلك يحوي الأقسام والأعوان التي تهتم بها تصاريف الأعمال وإخراج الأعوان من نفس اسم المطلوب وما يسمى برقع الثوب من نفس أصله لإخفاء عيوبه ، وللحروف أسرار في بواطنها ونوراً في ظاهرها وهي هجاء كل كلمٌ في الكون مفردها وجمعها ، وان للحروف خواص عجيبة وللأعداد أسرار خفية ومن جمع بينهما فقد أدرك السرَّ الأكبر .
و هنالك شروط للعمل منها .. وقت الأعمال وفيه ساعات سعد وأخرى منحوسة تبعاً لصعود وهبوط الكواكب السبعة السيارة ( زحل ، المشتري ، المريخ ، الشمس ، الزهرة ، عطارد والقمر ) ، ودخان العمل أن كان للخير أو الشر وفيه أنواع كثيرة كلٌ حسب حاجته ، والرياضة وهي الذكر بأوقات معلومة وخاصية مرسومة وهذا لا يتحقق ألا في خلوة ووقت معلوم ومعدة فارغة ألا بما يسد الرمق وليس من ذي روح أو مستخرج منها ، ومداد الكتابة وكيفية صناعته وهو السراج المنير والمسك والعنبر والزعفران وماء الورد يحليه ، ورقعة الكتابة التي هي شرط نفاذ الكلم في عالم الروحانية .
فالحكمة والعمل تنساب إلى الآذان الواعية والإفهام الصافية والصدور العامرة بحب الخير والقلوب المنيرة بصفاء الأرواح ، ولا يمكن أن تتوفر لدى من لا يجيد القراءة والكتابة ولا العمل بذكر أسماء الله الحسنى التي تمد الذاكر بإمدادات الرحمة الإلهية ، ولا تتوفر لدى من يقرا الكتب التي تخص المجال وفيها التمويهات والرموز خوفا من الجُهالة العامة ووقوعها بأيديهم .
أسال الله جل وعلا واهب العقل النًّير في الجسد الهرم والفيًّض بالرحمة الإلهية على خلقه ، أن أكن قد أجدت النصح في القول والتذكرة ، فان النصح واجب لمن فاته العلم وتشاكل عليه القول ، وترك الواجب من القول والفعل مذموم ، وكل مخلوق وان طال عمره إلى الموت والفناء والدار الآخرة هي دار المقر والبقاء ، فاعمل أن تكون دارك واسعة بأعمالك الحسنة ولا يغرنك الأمل واستعن في أمورك بالله القديم القدوس .

عباس ساجت ألغزي 

Share |