الدائرة الضيقة والنواب الصاخبون-محمد الكاظم

Wed, 6 Jul 2011 الساعة : 8:54

من الواضح ان تركيبة مجلس  النواب الحالية واعتماد غالبية اعضاءه على مايقوله قادة الكتل الذين يمارسون دورا ابويا خانقا اشاع اجواء من الاحباط في نفوس الكثير من النواب الذين وجدوا قرارهم مستلبا ودورهم محجما، وتطغى عليه مؤثرات من خارج قاعة البرلمان لم يكونوا قد وضعوها في حساباتهم ، فتجربة البرلمان السابق اوضحت حقيقة جلية تتلخص في ان هذه الدورة هي دورة للعمل وتقديم الخدمات والاسراع في سن التشريعات التي تتطلبها مرحلة ايجاد الحلول لمشاكل العراقيين ، فأسرف المرشحون وقتها في اطلاق الوعود امام ناخبيهم معتمدين على ان القناعة الشعبية بدأت تتجه الى ان الشارع يريد نمطا من المسؤولين يقدمون له الخدمات والوظائف والامن بغض النظر عن انتمائهم وخلفياتهم. ووضع الكثيرون منهم امام اعينهم اجندة وتصورات ذات جانب خدمي لاسياسي .بل ان الاحزاب الكبيرة سعت الى استقطاب مهندسين واطباء ومحاميين كمرشحين لها لعضوية مجلس النواب وقللت من حظور كوادرها الحزبية الحركية في محاولة لاعطاء انطباع بتبني تلك الاحزاب والتكتلات لهموم المواطن ولاستعدادها لحل مشكلاته.
الا ان هؤلاء النواب الجدد فوجئوا بإرتهان قرارهم لكتلهم ، ووعوا حقيقة مرة تقول ان هؤلاء النواب ليسوا اكثر من صوت في كتلة كبيرة.وان الكتلة لها حساباتها السياسية التي تعد البرلمان مجرد واحدة من ساحات صراعها مع الكتل الاخرى ، فوقع الكثير منهم امام احراج يتمثل في عدم قدرتهم على الايفاء بالوعود التي وعدوا بها مناصريهم، وعدم قدرتهم على تلبية مطالب ناخبيهم مايهدد مستقبلهم السياسي امام جمهورهم ، ويقلل من احتمالات عودتهم الى البرلمان في الدورة القادمة .هذه القناعة التي توفرت لدى النواب خصوصا غير المتمرسين منهم في العمل السياسي جعلتهم امام طريقين اولهما الانزواء والتغيب وتزجية الوقت حتى نهاية الدورة ليعودوا الى حياتهم الطبيعية متنعمين بامتيازات المنصب بعد ان يئسوا من امكانية اعادة انتخابهم ، والثاني يخص المتحمسين للبقاء في دائرة الضوء الذين يبدو لي انهم يئسوا ايضا من امكانية دخولهم البرلمان في الدورة القادمة الا تحت معطف كتلهم .فنجدهم يبدون من الحماس الكبير لمتبنيات كتلهم السياسية التي تبتعد في احيان كثيرة عن جوهر عملهم كنواب للشعب وكمشرعين لقوانينه ، وينفقون الكثير من الطاقة والوقت في المماحكات السياسية والصراعات التلفزيونية على امل ان تتمسك بهم كتلهم وتستبقيهم للجولات المقبلة .
نواب الصنف الثاني ملأوا المشهد بالمزيد من التعقيدات والصخب والتشنج ففيهم الكثير ممن لم يتقن اشتراطات اللعبة السياسية ، وفيهم الكثير ممن لايسمح لهم بالاطلاع على تفاصيل الامور فيلجأون الى اجتهادات شخصية تكون محرجة في الكثير من الاحيان، وفيهم بعض الذين لم يتمرسوا في لغة حوار الكتل، ولم يخوضوا جدل المعارضة وجدل مجلس الحكم والحكومات المتعاقبة، فيعمدون الى لغة نارية سرعان مايجد صاحبها نفسه وحيدا في الساحة بعد ان يتخلى عنه زملاؤه الذين اعتادوا ادبيات ومناورات السياسة العراقية بعد ان يعلنوا ان تصريحاته لاتمثلهم. وفيهم بعض الميالين الى الظهور الاعلامي غير المبرر بعد ان اصبح الحظور الاعلامي هو اهم وظيفة يمكن ان يؤديها السياسي في العراق في ظل غياب واضح للفعاليات السياسية الاخرى.
اداء نواب الصف الثاني يشحن الاجواء بالمزيد من الاحتقان ، ويصعب الامر على صناع القرار ،ويؤجج الشارع ، ويجعل المناخ العام مليئا بالتصريحات والتصريحات المضادة التي تفتقر الى المعلومة الحقيقية والقرار الواضح ،وتدخل الجميع في صراعات مواقف مفتعله واستعراضية في كثير من الاحيان.
لذلك يشيع كثيرا في الاوساط السياسية والاعلامية تعبير الدائرة الضيقة في هذه الكتلة او تلك .فأذا مااراد احد التعرف على حقيقة موقف ما فعليه بالبحث عن افراد الحلقة الضيقة. وهي الدائرة الصغيرة من الاشخاص المقربة من زعماء الكتل وهؤلاء هم الذين يمكن ان يؤخذ كلامهم على محمل الجد ويمكن بناء المواقف على مايقولون . بعيدا عن صخب نواب الصف الثاني.

 

Share |