التاريخ بين الواقع و الافتراض/محمد قاسم الموسوي
Thu, 31 Jan 2013 الساعة : 23:17

التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة إلى الوقت الحاضر خضع في تدوينه للانقسام الجذري الذي حدث في فهم العقيدة للدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله وسلم و ما أفرزهُ هذا الانقسام من فكر و مذاهب و فرق فجاءت الأحداث و الوقائع مبتورة و مجزئة و مقولبة بحسب ما يناسب فكر و عقيدة المؤرخ .
كما كان للسلطة الدور الواضح في فرض الرؤية التي تناسبها في تدوين أو إعادة التدوين . حيث فرض الأمويون إرادتهم على الرواة إما بالترهيب أو بالترغيب و أستمر بني العباس على السياسية الأموية في الإبداع بالمنهج الذي أوجده أسلافهم (الأمويين ) في تحويل التاريخ إلى ( إشاعة ) تخدُم بقائهم في السلطة و إستمرار حكمهم و ذلك عن طريق تزوير التاريخ بإضافة أو حذف بعض الوقائع أو تغيير الأحداث بما يتلائم مع المصلحة التي من الممكن كسبها من ذلك .
و قد كان استغلال الانقسام آنف الذكر مثالياً لدرجة انك تعرف ميول المؤرخ الفكرية و العقائدية بمجرد مطالعة ما كتبه .
إن محاولة إعادة صياغة تدوين التاريخ تواجه نفس العقبات التي طالت بتأثيرها المؤلفون في العصور الماضية و هي نفوذ السلطة و الميول العقائدية و هذان الأمران يُخرجان المؤلف و المدقق عن الحيادية في تحليل و سرد الحدث التاريخي لنبقى ندور في متاهة الغموض و اللامنطق في جوانب كثيرة من تأريخنا و لتدفع الأجيال ثمن النزوات التي فرضت نفسها من عدم الحيادية و الاستسلام لرغبات الأعلى .
و إلى أن يأتي اليوم الذي يُعاد فيه كتابة التاريخ بشكل نزيه يبقى ما مسطر رافد يُغذي التطرف و التعصب بسبب الفهم المبتور لما حدث في الماضي .