الأقلام الصفراء/دلال محمود

Thu, 31 Jan 2013 الساعة : 22:53

مذ.. وأنا طفلة لاأفقهُ سر الحياة وألوانها ,تروني ترجمت اللون الأصفر الى مايعنيه بالضبط من غيظ وحقد.
إبان مرحلة الدراسة الأبتدائية , كانت تغوص الأسواق والمكتبات بالقرطاسية التي هي غالباً ماتكون عبارة عن صناعة صينية ,راقية وليست كتلك التي تغزو اسواقنا اليوم والتي لاتعدو كونها غير ماركة تجارية لاتحمل أية جودة هدفها الأرباح فقط.
مذآك... وأنا لم أكن أهوى لون الأقلام الصينية الصفراء تلك, رغم ماكان يبدو عليها من جمال ,ولقد أنتقل هذا الشعور في داخلي إلى الأشياء الأخرى , فمثلاً عندما كانت تهب العواصف في سمائنا وتنشر التراب والغبار الأصفر وتبدو الدنيا كلها عبارة عن لون اصفر , كنت اشعر وقتها, بمعاناة المصابين بمرض الربو وأتخايل حالتهم المأساوية حيث تنعدم الرؤيا مما يصعب اصطحابهم للمستشفيات كي يتلقوا العلاج اللازم ويتناولوا الدواء .

وحينما كنت أسير وأرى الأوراق الصفراء وهي تتساقط من بين أغصان الأشجار لتعِلنَ عن بداية صيف الخريف, كنت اتخايل في سقوط كل ورقة أن هناك روح ما, في داخل جسد ما, ستفارق الحياة .
نعم هكذا علَّمنا أهلنا الغوالي .وهي حقيقة واقعة فمع سقوط الأوراق يتساقط الأفراد تِباعاً, لقد كان السقوط ربانياً وألهياً أكثر منه صناعياً يصنعه البشر , ولكنه بتطور الحياة نحو الاسوء ,تحول نوع السقوط , ليصبح بشرياً أكثر مماهو إلهياً حيث تجار الحروب الذين يتفنون في صنع الموت بأشكال مرعبة وبشعة.
ظلَّ نفوري من اللون الأصفر ملازماً لي , ففي مرحلة الدراسة المتوسطة كان شقيقي الأكبر ,قد بعث إليَّ بقمصلة ذات لون أصفر , في أول الامر فرحت بها لأنها هدية غالية من شقيقي الغالي على قلبي , ولكن لسوء حظ القمصلة لم يصادف أني أرتديتها غير مرة واحدة فقط ,ففي كل مرة أحاول اقناع ذوقي علنَّي البسها , يغلبني التردد فأعرض عن ارتدائها.
في مرحلة الأعدادية بدأت ,أسمع من الآخرين أن اللون الاصفر يعني( الغيرة) عندها ,بات اللون الأصفر لاأهواه ولايهواني , لأنا متنافران(أعني الغيرة وأنا).
كنت كثيرة القراءة وأطالع بأستمرار , ولم يصادف يوماً أني قرأت عبارة(اقلام صفراء)ولكن بظهور شبكة الأنتريت في حياتنا وبتغير الحياة الأجتماعية والسياسية في العالم أجمع , اصبحت تلك العبارة ضيفاً ثقيلاً على مسامعنا نقرأه ونتحسسه في مواضيع شتى .
قد تعجبون أن قلت لكم , بتُ أتخايل اصحاب الأقلام الصفراء بل حتى كِدتُ أرى وجوههم مع كل كلمة أقرأها لهم وقد اعتراها الخبث واللؤم, وهي غارقة بلون اصفر حاقد على كل ماهو جميل.
لاأخفي عليكم سراً, فأنا في كل يوم أخصص وقتاً معيناً كي أبحث فيه عن أصحاب الأقلام تلك.ولقد ثبت ويثبت لي في كل يوم , انهم فعلاً يملكون وجوه صفراء يقطر الحقد والفتن في كل جانب منها.
ليس غريباً حين يكون صاحب القلم الأصفر كاتباً ينتمي لجنس الرجال (حاشا أهلنا الخيرين) فالمعروف للجميع أن من يشن الحروب هم الرجال وليست النساء, ولكن مايحزُّ في النفس ومايعتصر القلب له ان اصحاب تلك الاقلام يكونون من جنس النساء , تلك النساء اللواتي خصهن الله بالحنان والطيبة ,وكلفهن بأسمى وظيفة الا وهي ( حمل رسالة الامومة) والتي تمثل ينبوع الدفء والحنان.
كيف يمكن لأمرأة ان تحثَّ طائفة كاملة على الطائفية وعلى التخلي عن باقي طوائف الشعب ,وتدعو للتقسيم وفق مذهب معين, وفي مثل تلك الظروف الحرجة التي يمر بها العالم بصورة عامة وعراقنا الحبيب بصورة خاصة؟
أملنا في ان يعدل اصحاب تلك الاقلام عما يحرضون به اهلنا من دعوات لتقسيم البلاد وفق تفتيت عنصري وطائفي ومذهبي فيتمركز ,النزاع والصراع بين ابناء الوطن الواحد,و الدين الواحد والعشيرة الواحدة في الوقت الذي نترك فيه المحتل اللعين ,واعوانه يسرح ويمرح ويجني ثمار ماغرسه من خطط تحاول تشويه كل قيمنا وأخلاقنا الأسلامية السامية والجميلة.  

Share |