مظاهر الضعف في الخطاب الطائفي/عصام الطائي

Wed, 30 Jan 2013 الساعة : 23:30

هناك مشكلة مستحدثة خطيرة لها اثار كارثية على الامة الاسلامية وعلى الحضارة الانسانية هي حول تفاقم الخطاب الطائفي في الساحة الاسلامية ساهمت فيها قوى اقليمية ودولية واحزاب سياسية متطرفة وشخصيات دينية متطرفة من كافة الاطراف وطابع الخطاب الطائفي تجده خطابا متشددا متزمتا لا يرى الحقيقة الا من خلال منظاره الخاصة وهو يساهم في زيادة التاجيج المذهبي ولا يقل تخلفا على المتزمت العشائري المتخلف الذي يجد في الاعراف حتى لو كانت خاطئة في الواقع لها قدسية عليا لا يمكن التنازل عنها وان المتعصب لقوميته لا يقل تخلفا عن الطائفي الذي يرى من افكاره القومية المتعصبة هي الحقيقة الابدية التي ليس ما بعدها أي حقيقية اخرى وهي لا تقل تخلفا عن الاحزاب السياسية المتزمتة باراءها وباختصار كل من الطائفية والقومية والعشائرية والحزبية المتزمته غير الواقعية هي تعبير عن فكر جاهلي قد حاربها الاسلام الا ان الفهم الخاطى للاسلام جعل من البعض المتمسكين ظاهريا بالتدين لا يقل على كونه مصداقا عن المتمسك بالفكر الجاهلي.

ويمكن معرفة الشخص الطائفي من خلال طبيعة خطابه فهو يركز على محور معين يريد اثبات ادعاءته حتى لو كانت خاطئة في الواقع الاجتماعي او السياسي ويستخدم شتى الالفاظ حتى لو كانت غير لائقة ادبيا في مناقشته مع الاخرين فمثل هكذا شخص تبدوالصورة عنه كونه طائفيا ويستعمل الفاظ جارحة أي بتعبير اخر هو تعبير عن التنابز بالالفاظ ضد الاخرين وفق المصطلح الاسلامي وهذا ما يكشف على كونه طائفيا وانه حتى من تعبيرات انفعالته تجده حاد المزاج رافعا صوته اكثر من بقية المحاورين حتى انه لا يسمح الاخرين بالتعبير عن اراءهم فهو بينما يجد نفسه انه غير طائفي وتجده متمسكا باراءه ولا يجد للاخرين أي مصداقية حتى ولو كان الاخرين لهم مصداقية في الواقع السياسي او الاجتماعي الا انه سرعان ما يجد الف تأويل لاثبات عكس ذلك من خلال استخدامه التاويل ضد الاخرين او يخلط كذلك حقا وباطلا لاثبات ادعاءاته .

ان الطائفية غير الطائفة لان الطائفة تعبير عن انتماء ديني او مذهبي لدين او مذهب معين بينما الطائفية هي تعبير عن الاستخدام غير الصحيح لهذا الانتماء حيث يتضخم جانب الانتماء بصورة غير مقبولة مما يسبب حالات من العداء والكراهية قد تصل الى حالات الاقتال بين الطوائف مما يسبب في تهديم وتمزيق النسيج الاجتماعي لاجل اهداف وهمية غير واقعية وهي تعبير على عدم التكامل النفسي والاخلاقي والروحي وضعف في النضج السياسي والديني والفكري لكل من يجعل من الطائفية منطلقا في توجهاته السياسية او الدينية او الفكرية لانه يساهم في اختزال الحق لذاته ولطائفته .

لقد كان الانسان الجاهلي قبل مجى الاسلام يعتبر كل تصوراته واراءه ومقدساته هي التي تمثل تمام المصداقية فكان هذا الاعتقاد تعبير عن وجود ظنون او اوهام او تخيلات او تصورات خاطئة لانها تعبير عن تصورات واراء واعتقادات بشرية فاسدة ويقول الفلاسفة ( ان اكبر الاخطاء في الفكر البشري هو ان يجعل من الاوهام والظنون والتخيلات حقائق ) وهذه هي اسباب كل الانحرافات في المجتمعات وهذا ما يسبب كل المشاكل والازمات والمعضلات التي تصل الى حالات من الفوضى والاضطراب الا ان الوحي باعتبار دائرة الانكساف لديه اوسع من أي عقل بشري لان الله تعالى يمثل دائرة انكشافه للحقائق والوقائع تامة وشاملة فاظهر بان هناك كثير من تلك الاراء والتصورات والاعتقادات خاطئة وهذا يثبت ان كل انتماء سياسي او ديني او فكري يمكن ان توجد فيه كثير من تلك الاراء والتصورات والمفاهيم والاعتقادات الخاطئة والوسيلة التي يمكن ان يكتشف الشخص اراءه الخاطئة هو اما من خلال انتقاد الشخص نفسه لتلك الاراء التي يؤمن وذلك لا يتحقق ما لم يكن العقل طالبا للحق والحقيقة واما من خلال انتقادات الاخرين وهذه تظهر اهمية المعارضة بشرط عدم الارتباط باجندة خارجية لانها تساهم في تنبيه الاخرين .

ويمكن ان يكون الشخص غير طائفي الا انه يمكن ان يقع في الاخطاء نتيجة التصورات والاراء الخاطئة فاي شخص حتى لو كان مخلصا يمكن ان يخطا وان انتقادات الاخرين يمكن ان تنبه أي شخص الا انه يحتاج الى من يتقبل الانتقاد واننا نسمع هناك كثير من الانتقادات الا اننا نجد ضعف في الاستجابة لها وهذا يعود بسبب وجود ذهنيات تعتقد ان كل قضية لا تبع من اراءها وتصوراتها غير صحيحة وهذا يعود بسبب تضخم الذات الانسانية التي هي ام الاصنام يقول اهل العرفان ( ان ام الاصنام هو صنم نفسك ) .

ان كل من الطائفية والقومية والعشائرية والحزبية المتعصبة تساهم في تلويث الساحة الاجتماعية والسياسية مما يتسبب في الاخلال في القيم وان البشرية بحاجة الى القيم العليا التي تزيد من المحبة والمودة والاخاء الانساني بينما الطائفية تسبب الاخلال بتلك القيم وتضعفها مما تجعل من الكراهية والبغضاء هي السائدة ومثل هذه الحالة سوف تسبب الاضطراب والفوضى وان هناك كثير من المشتركات يمكن ان يتفق عليها الكثير من الناس فيحدث التعارف والتعاون وهذا ما تفرزه القيم والمثل والمبادى العليا فالصراع هو صراع حول القيم من يريد ان يجعل فعالية للقيم العليا ومن يريد فعالية للقيم الهابطة التي تدعو الى الفوضى والاضطراب وان النفوس الابية تبحث عن القيم والمبادى والمثل العليا والنفوس الضعيفة تبحث عن القيم والمبادى والمثل الهابطة.

عصام الطائي 

Share |