كان لديها الكثير من اللوحات .لكنها كانت ترى أن تلك اللوحة هي أبهى ممتلكاتها وأجملها ,ربما لأنها تحمل شيئاً من نكهة أهلها,أو ربما تعني لها بلدها. .

كانت غالباً,ما تنظفِّهُا وتُلمِّعُها ,ولقد أختارت لها أجمل الأطر وأغلاها ثمناً, وعندما يكون الجو عاصفاً محملاً بالغبار تراها , تُسرِع كي تنظفها وتُغلفُّها و تعتني بها وكأنها طفل وديع بين يديها..

كم كان أهلها , وأقرباؤها ,يضحكون منها في قرارة أنفسهم لأنها في نظرهم تكاد تبدو أنسانة ساذجة , وكم من مرات لمحّوا ,لها كي تغير مكان تلك اللوحة وترفعها من وسط الصالة الى احدى اركان الصالةالأخرى فهي تملك لوحات أجمل منها .

كانت تحزن من تلميحاتهم ,ولكنهم حينما يرون ملامح الحزن على قسمات وجهها فهم سرعان مايباغتونها ويقولون لها بأن حرصهم عليها من الغبار ومن ان تتعرض للكسر هو الذي يجعلهم يتكلمون هكذا. .

شاءت الأقدار كي تتهيء تلك الفتاة الى السفر البعيـــــــد. شرعت,بتوزيع مقتنيات البيت من أثاث وتحفيات , وغيرها ولم تعد تهتم للأغراض ,فلقد أدركت أنها ستترك أغلى الذكريات في هذه المساحة من الارض تلك البقعة التي كانت بالنسبة إليها جنة من جنان الله على الأرض.

أهدت أغلب أشيائها الاَّ تلك اللوحة فلطالما حافظت عليها وكم من مرة تهشمت, وحاولت اصلاحها مرة اخرى ..

.الآن في تلك الغربة تهشمت تلك اللوحة وماعادت صالحة لتزيين احدى جدران البيت
.أسفا كم حرصت أن تكون معها العمر كله ,ولكن هل كل ما نتمناه يتحقق؟

في لحظة حرص شديدة كانت ممسكة بها وقد أحاطتها بذراعيها وكأنها وليدها بين يديها وتخشى عليه من السقوط ,كانت تستمع الى اغاني الصباح العذبة واذا بها تسقط اللوحة تلك من بين يديها وتتهشم ولم تعد تصلح للتصليح ها أنها تهشمت ياإلهي مالذي ستفعله الآن ؟

عجباً..... أنها تبحث عن لوحة أخرى فلعلّها تعثر على شبيهة لها ,ولكن يا ترى هل أن اللوحة الجديدة ستعني لها شيئاً ؟هل ستعني لها رمزاً وحنيناً وروعةً كتلك التي تهشمت ؟وهل ستوليها إهتماماً كإهتمامها بتلك القديمة؟

أظن هذا ولما لا؟

فكم من أشياء نوليها إهتمامنا ثم نكتشف خطأئا كونها لن تكن جديرة بكل ذاك الأهتمام ,وكم من أشياء لانعير لها وزناً ولكننا نكتشف أنها تستحق كل المداراة.

هي.... ستشتري لوحة أخرى وربما لاتهتم بها كإهتمامها بتلك اللوحة القديمة لكنها ربما تأبى أن تتكسَّر وتتهشَّم .وقد تكتشف أن من لاتهوى تهشيمها هي التي تتهشم كي تهشمها معها.

أنها هزلية الأقدار....