فكر ومنهج يتربص بنا (سلمان عبد الأعلى نموذجاً):/الشيخ حيدر السندي
Thu, 24 Jan 2013 الساعة : 13:39

القسم الأول في هذا المقال نريد أن نقف قليلاً عند الكاتب الهلامي (سلمان عبد الأعلى) ، وذلك لأنه عرف بمخالفة المألوف والثورة على السائد ، و انتقاد طلاب العلم والدعوة إلى احترام المشككين ، وذلك ما كان يؤكد عليه في مقالات كثيرة نشرت في مواقع النت كموقع المطيرفي المهتم جدا بنشر كل ما يصدر عنه .
من هو سلمان ؟:
أجاب سلمان في لقاء له جريدة الديار عن هذا السؤال بهذا الجواب : (اسمي سلمان عبد الأعلى من مواليد الأحساء بالمملكة العربية السعودية متخصص بالعلوم الإدارية، فلقد درست بكالوريوس إدارة الأعمال، وواصلت الدراسات العليا بنفس المجال في تخصص إدارة التسويق. كما درست بعض المعارف الإسلامية في الفقه والعقائد والأخلاق على يد مجموعة من المشائخ في الأحساء، وأقوم حالياً بدراسة ذاتية لبعض المواد الحوزوية من خلال الاستماع للسيديات والأشرطة. وهوايتي كما هو معروف الكتابة والقراءة والبحث الاطلاع).
وهذا الجواب يكشف عن مستوى (سلمان) في العلوم الدينية ، فهو غير متخصص وعنده ثقافة مجملة ، وهذا ما فرض على محاوره أن يطرح عليه السؤال التالي (العزيز هل هذا يعني بأنك غير متخصص في العلوم الإسلامية؟ وكيف تقوم بالنقد والكتابة فيها؟) فأجاب (سلمان) : (عزيزي صحيح أنني لا أعتبر نفسي متخصصاً في العلوم والمعارف الإسلامية، ولكني على إطلاع على بعضها وأمتلك ثقافة مجملة فيها، كما أنني لا أنقد أو أكتب في أي موضوع إلا بعد اطلاع وتثبت واستشهاد بآراء المتخصصين في هذه العلوم والمعارف إذا تطلب الأمر، بالإضافة إلى أن العديد من المواضيع التي تناولتها ليس بحاجة لمتخصص حتى يتطرق لها) .
وهكذا يحاول المثقف المحترم (سلمان) أن يقنعنا بعدم ضرورة التخصص في العديد من المواضيع التي طرحها ، مع أن عدم تخصصه أوقعه في كثير من التخبطات منها:
رفضه في مقال (التحريض على السيد الحيدري الشيخ الدهنين نموذجا) لقول الشيخ الدهنين حفظه الله ( ولكن الحمد لله الشيعة تبعاً للمراجع مصرين على تعظيمه - يعني الشعائر الحسينية أو الحسين (ع)). فقد قال معلقاً عليه : ( قد أعطى معنى سلبي للتقليد، لأنه ينبغي أن يكون عند الشيعة قناعة ذاتية بالأدلة والبراهين على ما يفعلونه وما يعتقدونه، لا أنهم يتبعون مراجعهم بهذه الكيفية حتى في الشعائر أو العقائد أو غيرها، لأن هذا المعنى كما أرى هو أحد المعاني السلبية للتقليد، وهو الإتباع من غير بصيرة وعلم، وهذا منهي عنه في الروايات، فلقد جاء في شرح قوله تعالى: ((إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله))، أنه قال (ص): «إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً إستحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرّموه»، إذ أن الرواية تشير إلى الطاعة العمياء دون وعي وعلم، والتقليد بالكيفية التي ذكرها الشيخ الدهنين ليس ببعيد عن ذلك).
فإن كلامه هذا يدل على تأثير عدم التخصص في كتاباته ولو أردنا أن نكشف ضعف كلام كاتبنا والتخبط الذي وقع فيه على نحو التفصيل لطال المقام وخرجنا عن الغرض من هذه المقالة ، ولكن أكتفي ببيان بعض ذلك فأقول :
التقليد في الاصطلاح هو رجوع غير المتخصص إلى المتخصص أو قل غير القادر على الاستنتاج إلى القادر عليه ، وقد وقع كلام في حقيقة هذا الرجوع هل هو العمل أو الأخذ أو الالتزام وفي ذلك نظريات أوصلها البعض إلى عشر ، وجميع المختلفين في تعريفه اتفقوا على أنه لا يتقوم بمعرفة دليل المقلد ـ بالفتح ـ بل يتقوم بعدمه إذ لو كان المقلد ـ بالكسر ـ كالمقلد ـ بالفتح ـ في العلم بالدليل والبرهان لكان كلاهما مجتهدا تابعاً للدليل فلماذا يعتبر أحدهما تابعاً والآخر متبوعا ؟!.
قال العلامة المقداد السيوري في شرح الباب الحادي عشر هو كتاب درسي للمبتدئين في الحوزة (التقليد هو قبول قول الغير من غير دليل) ص 21. وقال السيد الخوئي رحمه الله : (التقليد هو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد ...) وقال السيد السيستاني حفظه الله: (يكفي في التقليد تطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه ...) فأين قيد كاتبنا (سلمان) الذي ذكره بقوله (ينبغي أن يكون عند الشيعة قناعة ذاتية بالأدلة والبراهين على ما يفعلونه وما يعتقدونه)؟!! لا أثر له في كلمات الفقهاء وكلماتهم متوفرة متداولة وكلها في نفس المعنى الذي ذكره الشيخ الدهنين أي المعنى الذي أعتبره كاتبنا (سلمان) سلبياً واتخاذا للأرباب من دون الله، فهل (سلمان) ناقل لكلام المتخصصين كما يدعي أنه يفعل في مثل هذه المطالب التخصصية التي لا ناقة له فيها ولا جمل، أو يرد بهذا أن يمارس عملية الاستنباط وتصدير الفتاوى، فيضيف قيدا من جراب النورة على تعريف الفقهاء للتقليد؟!
ثم إن قبول العامي لفتوى الفقيه من دون أن يطلع على دليل الفقيه ليس أحد المعاني السلبية للتقليد، وهو الإتباع من غير بصيرة وعلم، و ليس منهياً عنه في الروايات، وليس مصداقاً لقوله تعالى: ((إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)) ، وليس مصداقاً لقاله (ص): «إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً إستحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرّموه» خلافاً لزعم كاتبنا (سلمان) ، وذلك لأن العامي الذي لا يتمكن من مراجعة الكتاب والسنة و التسالمات والاجماعات وغير ذلك لمعرفة الحكم الشرعي عنده دليل قطعي علمي على حجية قول الفقيه الجامع للشرائط في حقه ، فهو لا يقلد تقليداً أعمى بل يعتمد على الدليل في جواز التقليد وهذا هو الفرق بين عوام الشيعة وعام اليهود والنصارى الذين ذمتهم النصوص ، أنهم قلدوا من ليس أهلا وبلا دليل ، و قد تعرضت الروايات لبيان هذا الفرق ، ولم تترك مجالا لتخبطات كاتبنا (سلمان): قال الإمام العسكري عليه السلام فيما روي عنه :
قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم، وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم؟
فقال عليه السلام: بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة.
أما من حيث استووا: فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم.
وأما من حيث افترقوا فلا.
قال: بين لي يا بن رسول الله!
قال عليه السلام: إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم.
وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا، وبالترفرف بالبر والإحسان على من تعصبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه).
ومن تخبطاته قوله حول الاختلاف في الهلال (صحيح أن البعض من المشائخ ـــ حفظهم الله ورعاهم ـــ حاولوا تبرير هذا الخلاف في الماضي، بقولهم إن هذا أمراً عادياً، وخلافاً طبيعياً، ولكنني أتساءل: لماذا كنا في الأحساء زمن الشيخ محمد بن سلمان الهاجري ــ رحمه الله ـــ إذا تساءل البعض بقوله: لماذا يوجد إختلاف بيننا وبين المرجع السيد السيستاني ــ حفظه الله ـــ في أمر العيد؟! كان يُجاب عليه : إن أمر الهلال والعيد ليس فيه تقليد؛ فلا إشكال إذا كان هناك اختلاف بيننا وبين المرجع الذي نقلده!
والغريب في الأمر.. أنه وبعد سنوات من وفاة الشيخ الهاجري ــ رحمه الله ــ نرى أن هذا الرأي إنقلب رأساً على عقب!!، إذ نجدهم يفصّلون في هذه المسألة تفصيلاً دقيقاً.. فيقولون: إن من يقلد السيد الخوئي عنده عيد، ومن يقلد السيد السيستاني فعليه إتمام شهر رمضان ثلاثين يوماً، لإختلاف المباني الفقهية بينهما..!!السؤال هنا: أين كانت هذه المسألة المهمة والخطيرة.. أيام الشيخ الهاجري رحمه الله؟! أم أننا لم نكن نبتلى بهذه المسألة المهمة في تلك الأيام الغابرة..؟! أم أن تصرفنا في تلك الأيام لم يكن مبنياً على أساس شرعي؟! أم ماذا؟!. يبدو أن هذا الأمر لا يعلم سره إلا الله والراسخون في العلم !!.).
http://sahm255.elaphblog.com/posts.aspx?U=7260&A=123905
فقد حاول كاتبنا (سلمان) أن يصور وجود تغير في كيفية التعاطي مع مسألة الهلال ، وأن الوضع الحالي يختلف عن الوضع في زمان الشيخ الهاجري رحمه الله ، ولكن لم يذكر لنا شاهداً ودليلاً على اختلاف الوضع وراح يتهكم ساخراً بقوله (أين كانت هذه المسألة المهمة والخطيرة.. أيام الشيخ الهاجري رحمه الله؟! أم أننا لم نكن نبتلى بهذه المسألة المهمة في تلك الأيام الغابرة..؟! أم أن تصرفنا في تلك الأيام لم يكن مبنياً على أساس شرعي؟! أم ماذا؟!. يبدو أن هذا الأمر لا يعلم سره إلا الله والراسخون في العلم !!.)
والجواب : كانت هذه المسألة واضحة وملتفت إليها من قبل الفضلاء ويعمل بها ، و لكن أنت لم تدركها ، ولعل السبب أنك كنت طالباً في الابتدائة أو ما زلت تدرس إدارة الأعمال فلم تسمع بعد السيديات والأشرطة ، و تدخل الجو .
فالمسألة أخي (سلمان) بسيطة لا تحتاج إلى راسخ في العلم ويمكنك أن تتصل بأقرب طالب علم لكي يقدم لك الشرح الوافي .
أرجو من الله الهداية والصلاح لكاتبنا ( سلمان) وان يصلح حاله وينزع ما في قلبه اتجاه إخوانه من طلاب العلم ورجال الدين ، وان يجعل قلمه في خدمة الحوزة والدين و رد شبهات المشككين .
القسم الثاني. من فكر ومنهج
الرجوع إلى المتخصصين:
ومن المعلوم للجميع أن السيرة العقلائية قائمة على رجوع غير الخبير إلى الخبير من دون مطالبة بدليل ، فالمريض يرجع للطبيب وغير المهندس للمهندس وغير الفلكي للفلكي ، ولا يطلب أحداً من الطبيب دليلا على نتيجته أو وصفته الطبية ، كما لم يعتبر أحد سكوت الناس عن مطالبة الأطباء بالدليل تقليداً سلبياً . ولكن في المقابل كاتبنا ( سلمان) يعبر ذلك تقليدا أعمى ويطالب الناس بالتمرد على المتخصصين في الحوزة فيما إذا قيموا فكر شخص أو صدروا فيه حكما فيقول في مقاله ( الجهل المقدس ) : (فعندما يُثار حول شخص أنه منحرف أو ضال أو علماني أو متأثر بالغرب أياً كان نوع التهم المنسوبة له، نرى البعض لا يحاول الإطلاع على ما قاله هذا الشخص من خلال كتاباته أو تصريحاته، وإنما يكتفي بأخذ رأي بعض رجال الدين حوله، فإذا قالوا له هو هكذا، أصبح كما قالوا دون أن يكلف نفسه الإطلاع على ما قاله الشخص نفسه، وإذا سألته لماذا تتبنى هذا الموقف من هذا الشخص مع أنك لم تطلع على ما قاله، فسيقول لك وبكل ثقة: أنا جاهل، لذا فقد أخذت هذا الكلام أو هذا الرأي من رجل الدين الفلاني أو من الثقاة أو من المطلعين على موضوعه. ويا ليته يغلق فمه ولا يتكلم لاعترافه بجهله وقصوره، ولكننا نراه على العكس من ذلك، يناطح في سبيل إثبات ما تبناه من مواقف وآراء أخذها جاهزة من غيره.) و هو بذلك يحاول ان يحارب التقليد السلبي الذي عليه علماؤنا كما بينت في القسم السابق في التعليق على قوله : (ينبغي أن يكون عند الشيعة قناعة ذاتية بالأدلة والبراهين على ما يفعلونه وما يعتقدونه، لا أنهم يتبعون مراجعهم بهذه الكيفية حتى في الشعائر أو العقائد أو غيرها، لأن هذا المعنى كما أرى هو أحد المعاني السلبية للتقليد، وهو الإتباع من غير بصيرة وعلم، وهذا منهي عنه في الروايات، فلقد جاء في شرح قوله تعالى: ((إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله))، أنه قال (ص): «إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً إستحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرّموه»، إذ أن الرواية تشير إلى الطاعة العمياء دون وعي وعلم، والتقليد بالكيفية التي ذكرها الشيخ الدهنين ليس ببعيد عن ذلك).
ثم إن (سلمان ) في لقاء جريدة الديار ذكر أنه في غير مجالات تخصصه يستشهد بأقوال المتخصصين وهذا كلام لطيف جداً ، إلا أن السؤال الذي يطرح هو على أي متخصص يعتمد (سلمان) ؟! ولماذا لا نراه حريصاً على متابعة كتب رجال الحوزة كالشيخ محمد تقي مصباح حفظه الله والشيخ محمد السند حفظه الله و الشيخ الجوادي حفظه الله وغيرهم ، فهو لا يطرح فكرهم ولا يعرض آراءهم في الرد على الأفكار الوافدة وتشكيكات المشككين ، بينما نراه حريصاً على متابعة كتب شخصيات أثير حولها الجدل ، وقد بين (سلمان) حرصه هذا في جواب سؤال (ما هي الشخصيات والكتاب الحاليين والذين تحرص على متابعة إصداراتهم ونشاطاتهم آمل أن تذكر لنا بعض الأسماء؟) حيث قال (في الحقيقة هناك الكثير من الكتاب والمفكرين، ولكن سأخص بالذكر ثلاثة أسماء منهم: الأول الشيخ حيدر حب الله، والثاني المفكر الأستاذ زكي الميلاد، والثالث المفكر الأستاذ يحيى محمد. أما غير هؤلاء الثلاثة فلدي حرص كذلك على متابعة كتب الدكتور عبدالكريم سروش، والشيخ الشبستري، وملكيان وأحمد القبانجي وإن كنت لا أتبنى الكثير من أفكارهم).
فلماذا هذا التخصيص بالذكر لهؤلاء والحرص على متابعة كتابات مثل أحمد القباجي الذي له تسجيلات وكتابات في الاستهزاء بالقران والجنة والنار و مقدسات الدين الحنيف ؟! وإذا كان (سلمان) لا يتبنى الكثير من أفكاره وأفكار الشبسترى وملكان وسروش ، فلماذا لم نجد له مقالاً في نقد أفكارهم بينما نجد مقالات متعددة في الرد على طلاب علم بارزين طرحوا أفكارا لو كانت غير صحيحة فهي ليست بخطورة طرح القبانجي و سائر الكتاب الحريص (سلمان) على متابعة أفكارهم ؟!!!
للأسف بدل أن يقدم نقداً علمياً لفكر هؤلاء ولو بمقدار عشر النقد الذي يوجهه إلى طلاب العلم ورجال الدين نراه يحسن الظن فيهم و يدعو إلى احترامهم في مقال (دعوة صريحة للشك ولاحترام المشككين) ويقتات على كتاباتهم ويردد أفكارهم التي ترتبط بحرية الفكر المنفلتة ، وكسر الصنمية ، والتمرد على رجال الدين ، و إثارة الشكوك حول نيتهم ، ومحاولة الحط من مقامهم ، ونسبة الجهل والنمطية إليهم ....إلخ .
إن من الأمور الواضحة قيام الفكر الحوزوي على التخصص واحترام أهله ، و تقدير وتثمين البحث العلمي مهما كان مصدره مادام مبنياً على منهجية علمية ويراد منه الحقيقة ، ولم يسلك علماء الدين في الحوزة مسلك رجال الدين في الكنيسة يوماً من الأيام ولم يفرضوا وصاية على أحد ، نعم من منطلق تخصصهم يقيمون الأفكار ويبينون العنوان الشرعي المنطبق على أصحابها ، فمن أنكر التوحيد أو أعتقد بأن المادة هي الله تعلى عن ذلك ـ مثلاً ـ ، اتخذ علماء الحوزة اتجاه موقفين :
الموقف الأول : الرد على فكرته ومناقشة شبهاته ، والدراسات الحوزوية من زمن الأئمة عليهم السلام الذين تصدوا للرد على الملاحدة والزنادقة وغيرهم وإلى يوم الناس هذا قائمة على ذلك ، بنحو واضح لا يقبل التشكيك .
الموقف الثاني : بيان حكمه فهل هو مسلم أو كافر سني أو شيعي مهتد أو ضال مبتدع ، والفقهاء يهتمون بهذا الموقف لترتب أحكام شرعية عليه كالقتل أو عدم التجهيز في المرتد وحرمان الزكاة في المتسنن و جواز الغيبة واللعن في الضال المبتدع.
وقد اصطدم المشككون و الضالون بهذا الموقف الفقهي الحازم فتستروا بعنوان الغيرة على الدين ، و رفعوا شعار تنقيته من الخرافة وتحديثه وتطويره ثم أخذوا يتهمون الفقهاء والعلماء بالرجعية والتزمت والمزايدة ومحاكمة النوايا بعد أن تدرعوا بحرية الفكر ورفض الصنمية والوصاية الفكرية ، لعلمهم بأن عامة الناس لن تصغ إليهم ما دام لعلماء الحوزة قدسية في نفوسهم ، ولكلامهم تأثير عليهم فجاءت محاولات مستمية ممن خلال محاضرات وكتب ومقالات تستهدف تشويه طالب العلم وإسقاط مكانته في نفوس العامة ، وكانت بداية اشتداد هذا الصراع بين التوجهات المنحرفة وبين الحوزة في إيران ثم صدر إلينا من خلال الترجمة وبعض المتأثرين ، ووقع ضحية ذلك جملة بعض المتعنونين بعنوان طلاب العلم والمثقفين ومن هولاء كاتبنا (سلمان) .
فراح يردد أفكارهم متسترا بظلام الليل بعيدا عن الأضواء التي يخافها ، وسوف تقف على كلامه ومواقفه في مستقبل هذا المقال ان شاء الله .
(سلمان) الخفاش:
لقد أنتقد (سلمان ) الكتاب الذين يكتبون بأسماء مستعارة ويتهجون على شخصيات معروفة، بأنهم خفافيش ، فقال في ذلك (كما أرفض كذلك؛ أن أركز كلامي حول الانتقادات التي يوجهها أو الاتهامات التي يكيلها ويثيرها بعض خفافيش الظلام للسيد (حفظه الله)، وذلك لأن هؤلاء يتكلمون من غير أدلة وبراهين (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)، فخفافيش الظلام –من بعض رجال الدين وأذنابهم المناوئون للسيد- اعتادوا أن يهمسوا في آذاننا بمثل هذه الطريقة بهدف تشويش صورة السيد في أذهاننا، وذلك لأنهم لا يجرؤون على الجهر بآرائهم ومواقفهم منه بصراحة ووضوح. ولهذا نراهم يلجئون إلى هذا الأسلوب المتخفي) .
http://www.almoterfy.com/site/index.php?show=news&action=article&id=5793
والملفت للنظر أن كاتبنا (سلمان) خفاش أيضاً فهو يكتب باسم مستعار ويرفض أن يضع لنفسه صورة خوفاً من الأضواء كما هي الخفافيش ، فقد قال في جواب سؤال : (قبل أن نغادر الجانب الشخصي نريد أن نعرف الأسباب التي تجعلكم تنشرون مقالاتكم دون وضع صورة كحال كل الكتاب الآخرين، فهذا الموضوع يشكل هاجس عند الكثيرين مما جعلهم يتهمونكم بالعمالة والتعاون مع قوى استخباراتية؟ فهل هذا له دخل بعدم الثقة بما تكتبونه؟)
الجواب: عزيزي ربما يكون أبرز الأسباب لعدم نشري لصورتي الشخصية هي:
أولاً: أنني لا أحب أن تسلط علي الأضواء، ولا أحب التعاطي مع عالم الإعلام والشهرة.
ثانياً: ربما تقف طبيعة المواضيع التي أكتب عنها حائلاً دون الظهور العلني لما لها من تأثير سلبي على البعض مما قد يؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها.
ثالثاً: إنني أحب أن يكون الحكم على المواضيع التي أتكلم عنها مجرداً عن الحكم الذاتي والشخصي، أي بموضوعية لا بشخصنة.
فهذه هي الأسباب التي جعلتني أبتعد عن الظهور العلني وليس لقلة الثقة بما أكتب كما جاء في سؤالكم).
أقول : لماذا لا يذكر هذه الأجوبة للكتاب الذين يكتبون بأسماء مستعارة ويخفون صورهم ، وينتقدون السيد محمد رضا أبي عدنان ؟!أعتقد أن السبب هو الازدواجية في المعايير و الإفلاس الفكري والخلل المنهجي الذي يعيشه كاتبنا (سلمان)
أخي (سلمان) نحن مع التنوير والتطوير ، والنقد العلمي ولسنا مع التسقيط والتحريف والتزوير والتعميم والترصد ، واستهداف الحوزة ورجالها لتحقيق مكاسب شخصية أو اجتماعية هي مكاسب لأعداء الدين والمذهب .
نحن مع حرية الفكر المبني على الضوابط العلمية ، ومع مقارعة الدليل بالدليل لا مع كيل الاتهامات وتزوير الحقائق وتتبع رجال الدين والتشكيك في نواياهم تحت ذريعة وقوع طالب في خطأ هنا أو صدور زلة من خطيب هناك، ولا يوجد في مجتمعنا أزمة ثقة بين المثقف وطالب العلم ، فلله الحمد رجال الدين لهم احترامهم وتقديرهم والثقة بهم تزداد يوماً بعد يوم ، كما أن للمثقف دوره المشكور ولم يستغن طالب العلم عن مشورته والاستفادة منه في مجال تخصصه .
إن أسلوبك التهجمي والترصدي ، وطريقة عرضك لقضايا الدين ورجاله ، واتهامك مخالفك بعدم الوعي والجهل وبيع النفس للشيطان ليس خطوة للأمام بل هو خطوة للخلف يستفيد منها ـ إن كتب لها أثر ـ أعداء المذهب الذين يعلمون أن قوة المذهب في تمسك أهله به ، وتمسك أهله به إنما يتم من خلال علماء الدين الذين يبينون معارفه للناس ويدفعون الشبهة عنه ، وأنت بحربك الخاسرة هذه لن تتمكن من ضرب إسفين بين الشيعة وعلمائهم .
أرجو من الله الهداية والصلاح لكاتبنا ( سلمان) وان يصلح حاله وينزع ما في قلبه اتجاه إخوانه من طلاب العلم ورجال الدين ، وان يجعل قلمه في خدمة الحوزة والدين و رد شبهات المشككين .