المفوضية والفيحاء وسلاسل من ذهب/صلاح بصيص

Mon, 21 Jan 2013 الساعة : 14:28

كما ان للديمقراطية ايجابياتها فان لها من السلبيات التي ولجت بنا لعوالم غريبة تحولت بيد البعض ممن يملكون قدرة على القرار او يشاركون فيه الى مسدس تطلق من خلاله النار بقسوة على المؤسسات الاعلامية التي تطالب بحقوق الناس وتعد مرآءة عاكسة لهمومهم وحيفهم وما يعانوه، وهناك امثلة كثيرة سحبتها الديمقراطية الى بلادنا تنضوي باغلبها تحت مسمى اعدام الرأي، حتى اصبح رفع دعوى على كاتب او صحفي او قناة فضائية، كالفيحاء امرا واردا برغم ما للفيحاء من مواقف كبيرة تصب في خانة المواطن العراقي البسيط ودعمها للعملية السياسية في العراق وقد قال فيها اهل الخبرة انها من القنوات الحيادية الرصينة غير المنحازة لحزب او جهة ولا طائفة او دين.
طالبت قناة الفيحاء بحقوقها بعد ما نشرته من اعلانات تلفزيونية لفترة محدودة متفق عليها نظير مبلغ معين وبعد انتهاء المدة لم تدفع المفوضية العليا للانتخابات ما بذمتها كونها الطرف الثاني بالعقد مع الفيحاء، وبعد تغيير ملاك المفوضية بمفوضيها ورؤوس الهرم فيها ظل الحال على ما هو عليه ما اضطر القناة الى مناشدة الاجهزة المختصة بالضغط على المفوضية لغرض دفع المستحقات المترتبة على الاعلانات المنشورة من خلال سبتايتل نشر اسفل شريط الاخبار، ما حدا بالطرف الثاني ان يواجه هذا الطالب برفع دعوى قضائية مطالبين فيها بدفع مبلغ (500) مليون دينار عراقي كونها شهرت بالمفوضية!! محولة بذلك الحق لها بعد ان كان عليها!.
هي ليست المرة الاولى التي يراد منها اغتيال الحرية، ولن تكون الاخيرة، ورغم انها قضية حقوق اكثر من كونها متعلقة بالحرية الا انها بالنهاية كبح لجماح الاعلام الذي يحتاج للحرية، فلو كانت المفوضية او اية مؤسسة اخرى تعي قيمة قناة الفيحاء والمؤسسات الاعلامية الاخرى، والتي ينقل من خلالها الاساس الديمقراطي لجميع البلدان، لما تجرأت على رفع مثل هكذا دعاوى، كما لو انها كانت تمثل اجندة ولها ارتباط بالخارج وتحمل طابعا واحدا واتجاه واحد لما كانت الكفة غير الراجحة في قبة الميزان، وطالما هي قضية حقوق لماذا تمتنع المفوضية من دفع المستحقات المترتبة عليها؟ ولماذا لم تمارس حق الرد وتوضيح المخفي باعتماد وسائل اعلامية لا تقل مشاهدة عن القناة المذكورة؟ وهي بذلك تكون قد اسهمت برفد العملية الديمقراطية وتجنب خدش جدارها الذي لم نجد له قوة طوال العشرة سنين الماضية وخصوصا عندما يكون الطرف المقابل الاعلام.
الخوف، كل الخوف ان يكبل الاعلام بسلاسل ذهبية في العراق، بعد ان تتحول المساحة التي فرضتها الديمقراطية في العهد الجديد الى سجن كبير محكم المنافذ يقمع صوت الحق وتكسر على ابوابه الجرأة والموضوعية والحياد فبرغم ان هذه المساحة يترأى للجميع جمالها وحسن صنعها وتدبيرها الا انها سجون متلاصقة ولكل سجن قانون ومجموعة سجانيين غلاظ شداد لا يراعون الحقوق او الواجبات ولهم قوانين خاصة تمتاز بانها صلدة...
قناة الفيحاء الفضائية كونها مستقلة ليس لها ان تطالب بحقها القانوني والادبي والعرفي المتغاضى عنه!!، وان لم ترتكب جرما كباقي القنوات التي تبث السموم وتشهر صباحا ومساء بالرموز الدينية والشخصيات الوطنية وتشعل حمى الصراع الطائفي والقومي وهي بمنأى عن المطالبة بفلس واحد، ولا يجرؤ احدا على الوقوف ضدها.
على مفوضية الانتخابات ان تدفع ما بذمتها من حقوق وان تسحب الدعوة المقدمة والتي تطالب فيها ان تدفع القناة مبلغ (500) مليون دينار، وعلى الحكومة ان تدخل طرف في هذا الصراع كون قناة الفيحاء من اهم القنوات التي تدعم الحكومة والدولة بصورة عامة وتقف بمسافة متساوية من جميع المكونات ولم نسمع يوما انها تجاوزت على رمز ديني او كيان سياسي، كما نطال الحكومة ان تردع هذه الحالة التي باتت تشكل خطرا على الاعلام وتقيد حركته، حتى وصل الأمر الى كبح المطالبة بالحقوق كما حصل مع الفيحاء.

Share |