الرئيسية>مقالات>

التهريج السياسي في بلادي/باقر العراقي

Sun, 20 Jan 2013 الساعة : 18:35

وأنا اقلب صفحات احد المعاجم العربية ، صادفتني كلمة هَرَجَ –هرْجاً ومعناها ان القوم وقعوا في فتنة وحرب ،وكذلك هَرَّجَ – تهريجاً ومعناها اتى في الحديث بما يضحك ، اعدت الكلمة في داخلي فأخذتني ذكرياتي الى الطفولة ، وجدت للكلمة معنى اخر يختلف عما موجود في المعجم ، ففي الشتاء عندما يكون الجو باردا ، ندخل صغار النعاج ( الحملان ) الى حظائرها ونستخدم كلمة (هرج –هرج ) بتضخيم الراء وتكرارها فتتعالى الاصوات من هنا وهناك ، اخيرا تنقاد الحملان الى حظائرها بكل سهولة ويسر نتيجة لتهريج المهرجين .....

الان عندما نذكر كلمة تهريج ونضيف اليها كلمة سياسي يصبح لدينا مصطلح، وتتبادر الينا معاني وأفعال ، وقد نضيف اليها تصورات لا نرضاها وأعزوا ذلك كوننا بشر ، ولفطرتنا السليمة والخيرة التي وضعها الله سبحانه فينا ، وهذا ما يحصل اليوم على الارض وهو ما لا نرضاه جميعا ، الا فئة قليلة حياتهم السياسية بنيت على اساس التهريج السياسي ، فمثلا لا يقبل أي طرف سياسي ان تشن حملة تهريج ضده ، وما ان تنتهي تلك الحملة ويخرج منها سالما ،حتى يتحين الفرص ويتربص بأخوته الاعداء ويرد لهم الصاع صاعين غير آبهٍ بما سيحصل له في الحلقة القادمة من المسلسل .

الطامة الكبرى عند استخدام النتائج السيئة طبعا لهذه المصطلحات لتأجيج الشعب وزجه في مماحكات سياسية لا ناقة ولا جمل له فيها ، ولدينا الان بوادر ذلك بوضوح لا لبس فيه ،حيث تم تحريك الشارع وتهييجه ، ليكون طوع يد السياسيين ومن يقف وراء السياسيين بالدعم المادي والدولاري ، وقد يأتي هذا التحريك بالترغيب وما سبق مرة ، وأخرى بالترهيب على طريقة السلف الطالح ، وكلا الخياران كفر وزندقة بحق العمل السياسي، وبحق الوطن والمواطن والمواطنة كل سواء .

فلو كان التهريج السياسي يعتاش عليه بعض الاحزاب أوالكيانات والتي تسكن وترابط على طرفي العتلة المتأرجحة ، فإن هناك محور ثابت يعمل على موازنة تلك العتلة ، متمثلا بالمرجعية الدينيه بكل تأكيد ، ومن يسير على خطاها من السياسيين القلائل من ابناءها ، ومن يمسك معها ، لا مع هذا الطرف ولا ذاك ، بل مع التعايش السلمي مع الدستور مع التهدئة ،جزء من الحل دائما ، لا يدخل في مشكلة ، ويمتلك حلا لكل ازمة .  

Share |