أجهزة تصوير واتصال صغيرة في العراق تهدد الخصوصية والأمن الشخصي

Mon, 4 Jul 2011 الساعة : 12:46

اميرات صغيرة عالية الدقة على هيئة "قداحة" و"بطاقة تعريف الهوية"
يشهد الوضع الامني في العراق انعطافة خطيرة، مع تصاعد استعمال الاسلحة الكاتمة، التي تستعمل في عمليات اغتيال تطول مواطنين عاديين ومسؤولين، لكن ظاهرة اخرى ذات اثر نفسي مدمر، ترافقت مع جرائم القتل بكواتم الصوت، وتتمثل بـ"تصوير" بعض عمليات الاغتيال وبثها على مواقع الكترونية مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" وسط تزايد تجارة اجهزة المراقبة والتجسس والاتصالات، في المؤسسات الحكومية العراقية والاسواق التجارية.
شركة (topstar) لتجارة الالكترونيات في بغداد، قالت لـ "العالم" أمس الأحد على لسان مدير مبيعاتها إن "الشركة متخصصة باستيراد وبيع مختلف الاجهزة الالكترونية مثل الحاسبات، وقطاع الانترنت، وكاميرات الفوتو الديجتال، وكاميرات الفيديو الشخصية والاحترافية، واجهزة التسجيل وغيرها الكثير".
واضاف مسؤول المبيعات في الشركة أن "التخصص بدأ يتجه مؤخرا نحو أجهزة (الهوكي توكي)، او ما يعرف بجهاز المنداة اليدوي، وايضا الكاميرات الامنية التي تضم انواعا مختلفة؛ الثابت منها والمتحرك والظاهر والمخفي، والتي تحتوي على امكانية تسجيل صوتي مع الصورة او من دون صوت، وبمديات تصوير مختلفة ايضا، تبدأ من متر واحد وتنتهي بمدى تصوير يزيد عن 3 كيلومترات"، كما ان هناك "اجهزة تسجيل صغيرة الحجم وفائقة الدقة، يستعمل بعضها اعلاميون ميدانيون، وبعضها الاخر يستعمل داخل الاستوديوهات، وغيرها".
لكن مواطنين اعربوا عن قلقهم من انتشار استعمال اجهزة التجسس والمراقبة، وتحولها الى ادوات فضائح وابتزاز، بل ان بعضهم قال إن التجسس والمراقبة التي تستعملها الاجهزة الامنية هي نفسها التي تستعملها مجموعات ارهابية وعصابات مسلحة، لرصد تحركات اهدافها.

وعن تداولها في السوق المحلية من دون رقابة حكومية، قال مدير المبيعات إنها "أجهزة تحتاجها مختلف القطاعات؛ شركات واشخاص ومحال تجارية، فلا داعي لفرض رقابة على بيعها، فهي متداولة في اسواق العالم اجمع ولا يوجد اي قيود عليها".

الا انه اشار الى وجود "تعليمات تنظم عمليات بيع اجهزة معينة، فهناك اجهزة امنية معينة لا يمكننا بيعها لاي شخص، بل يجب على الجهة الراغبة بالشراء تزويدنا بكتاب رسمي يذكر الكمية والنوعية".

وذكر ان "احدى المؤسسات الاعلامية رغبت مؤخرا بشراء اجهزة تحتاجها في اعمالها، فطلبنا منها تزويدنا بكتاب رسمي، بسبب طلبها اجهزة تسجيل صغيرة حجم وفائقة الدقة".

وبشأن دخول اجهزة تجسس مخفية على شكل قلم او وردة صغيرة او لعبة اطفال تحتوي اجهزة تنصت وتسجيل فيديو، اكد مدير المبيعات في شركة (topstar) ان "هكذا اجهزة لا تتداول عبر شركات معتمدة لاستيراد وبيع الاجهزة الالكترونية، بل تدخل العراق اما من خلال اشخاص اقتنوها من اسواق في الخارج، او عبر محال تتعامل باجهزة النقال وغيرها غايتها تحقيق الارباح".

واقر بان "هكذا انواع خطرة جدا، وقد تستغل في اعمال دنيئة مثل تصوير اشخاص وابتزازهم"، معربا عن اعتقاده بان "كثيرا من الافلام التي تروج على الانترنت، سجلت بهكذا اجهزة من دون علم الاخرين".

وبخصوص الموقف القانوني من تداول هذه الأجهزة في السوق المحلية العراقية، قال الخبير القانوني طارق حرب "اذا لم يصدر قانون بالمنع او الحظر، ستبقى هكذا تجارة مسموحة قانونا".

واضاف حرب في حديثه لـ "العالم" أمس، أن هناك وزارات معنية بهذا المجال، مثل الداخلية والامن الوطني و"هي لم تقرر منع تداول هذه الاجهزة في الاسواق، ويبقى تداولها مباحا للجميع شرط تحقيق الحماية".

ورأى حرب ان "من حق اي مواطن امتلاك اي شيء لحمايته الشخصية او حماية ممتلكاته وشركاته"، مستدركا بان "ليس من حقه امتلاك وسائل حماية واستعمالها في الاعتداء على اخرين او على حرياتهم الشخصية".

وتابع أن هناك "مهاما استدعت اعطاء حق لجهات محددة، مثل التنصت على الاتصالات لاكتشاف جرائم، وهذه امور تنظم بقوانين حكومية، وتحصر بالاجهزة الحكومية دون سواها".

ولفت حرب إلى أن هناك ادوات واجهزة الكترونية حديثة يمكن اساءة استعمالها "فسكين المطبخ لها فائدة كبيرة، لكن قد تستعمل اداة للقتل، والامر نفسه بالنسبة للسيارات والمركبات، فعلى الرغم من فائدتها الكبيرة قد تستعمل في جرائم خطف وتفجير"، مشيرا الى طبيعة الاستعمال الذي يخرج الاداة او الجهاز عن "اطاره المشروع، وهنا تخضع لسلطة القانون والحظر والمنع والمحاسبة".

وتابع ان "الحريات اطلقت بعد العام 2003، لكن علينا اجادة استعمالها كي لا تتحول حسنة الحرية الى رذيلة وجريمة".

لكن ضابطا برتبة رائد في وزارة الدفاع، يعمل في فريق قيادة عمليات بغداد، قال إن "احد اهم اسباب انخفاض معدلات الارهاب والجريمة يعود الى استعمال تقنيات حديثة، ولاسيما كاميرات المراقبة التي تسهل عمليات المراقبة والملاحقة والرصد عن بعد".

واضاف الضابط الذي طلب من "العالم" عدم الكشف عن هويته، أن "البعض قد يعتقد ان وجود كاميرات في الدوائر الحكومية، وحتى الشركات الخاصة والمحال التجارية والبيوت امر غير مفيد، لكن العكس هو الصحيح، فمجرد نشر كاميرات مراقبة في كل مكان هو عامل ردع لمن يحاول ارتكاب أعمال جرمية"، مبينا أن "كثيرا من الاعمال الاجرامية فكت رموزها عن طريق الاستعانة بهذه الكاميرات".

وختم الضابط بالقول إن هناك "توجها نحو زيادة استعمالاتها وليس الحد منها، واعتقد أن الحكومة والاجهزة الامنية، تسعى الان الى نشر كاميرات على الطرق العامة، والمراكز التجارية، وحتى مداخل ومخارج الاحياء"، مؤكدا أن "هذا امر معمول به في دول العالم كافة".

Share |