مباديء الاعلام الاسلامي:ح5/محسن وهيب عبد

Thu, 17 Jan 2013 الساعة : 16:53

مباديء الاعلام الاسلامي( الحلقة الخامسة)
هل يوجد إعلام إسلامي بالمعنى الاصطلاحي؟
إن الواقع الذي تعيشه معظم المجتمعات الإسلامية في صراعها مع التيارات الوافدة والأفكار المادية والتي تحملها أجهزة إعلام لها قدرة التأثير والتجديد والإقناع، لا شك أنه لا يتفق تماماً مع ما يجب أن تكون عليه هذه الأمة المسلمة من مكانةٍ وريادةٍ، والتي أشار إليها كتاب الله عزَّ وجلَّ :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) .

وليس هذا أمر لنا فيه خيار؛ أن نكون كذلك أو لا نكون، بل هو واجب على المسلمين الاصلاء أن يتولوا منهجا اسلاميا على الاقل لحفظ ثقافة وتراث العقيدة ولنشر الفضيلة والصلاح، ولتعريف المسلمين وتوعيتهم بدينهم الحق الذي صار نهبا بين الكفار والتكفيريين، والإبلاغ بأحكام الله الداعية لتوقير الانسان وتحريم اسغلاله، بل ومحاربة المنكرات وكل ما يفسد دين الناس الفطرة أو ينحرف بسلوكهم. انطلاقا من قول الحق سبحانه:
(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
ويؤكد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:
(والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه؛ فلا يُستجاب لكم) .

ويستحيل علينا أن نكون تلك الأمة الداعية الى الخير، بدون محض الخير وهي مشيئة الله تعالى المتجسدة في مناهج الإسلام الإعلامية والتربوية، ضمن تكامل العقيدة القادرة على التحدي والصمود، والتفوق على وسائل غيرهم من غير المسلمين، مما يتطلب ضرورة الاهتمام بالإعلام ووسائله، وتجنّد له الطاقات والأخذ بالأساليب والوسائل التي اقرها واعتمدها الإسلام وعلى كل صعيد ابتداءا من تشريعات الاعلام الخاصة الى أخلاقيات الاعلام الإسلامي الى الاستفادة التامة من التطور الهائل في مجال البرمجة أو التقنية.

ومن نعمة الخالق على هذه الأمة أن شرع لها ديناً يتعامل مع كافة مظاهر الحياة ومواقف الإنسانية على اختلافها، فإذا ما ضعفت الشخصية الإسلامية أمام هذا الفيض والكمّ الهائل من التيارات المعادية والمبادئ المستحدثة فليس ذلك، مطلقاً، لعجز في القدرة على الاستجابة لمحدثات ومستجدات العصر؛ ولكن لأن الكثير من المسلمين فقدوا روح المبادرة على التغيير، ومن ثم فقدوا حركة الاجتهاد والتطوير الباني، فعاشوا عالة على غيرهم في كثير من مجالات المعرفة والتقنية، وكان الإعلام من أبرزها.
ومع مستحدثات القرن التاسع عشر وما بعده امتدَّ الغزو الغربي على نطاقه الواسع، وقد ابتأت صحوة العقل الاسلامي، ليجد هذا التحدي الصارخ لحضارته وأفكاره ومبادئه، مما جعل المواجهة أمراً حتمياً.

ضرورة المواجهة:
إن هذه المواجهة أصبحت ضرورة لا خيار للمسلم فيها، فإما أن يبقى إمعة تابع او يخوض المواجهة من خلال تبني إعلام عقائدي أصيل، فالإسلام يرفض المواقف السلبية بين الإنسان ومجتمعه، كما يرفض الضغط والإجبار لصالح مبادئ وأفكار واتجاهات تتعارض مع هدي الله، وذلك بعد أن حرّر الإسلام الإنسان من قيود القهر، وكلّفه أعباء المسؤولية عن إرادة واختيار، ومن هنا تبرز ضرورة الإعلام الإسلامي الذي يحمل هدي الله، فليست المواجهة لمجرد المواجهة وردّ الفعل فقط؛ بل لإعزاز كلمة الله من خلال أجهزة ووسائل يقوم عليها متخصصون مدرّبون مؤمنون برسالة الإسلام، طبقا لقوله تعالى:

(فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) 
 

Share |