بين أعمال مجالس المحافظات وأداء الحكومة الاتحادية/عبد الامير محسن ال مغير

Sat, 12 Jan 2013 الساعة : 0:08

ونحن مقبلون على انتخابات جديدة لمجالس المحافظات لا بد ان نحدد كيفية أداء تلك المجالس للفترة الماضية وأسباب تعثر أعمالها ومدى تأثير الحكومة الاتحادية على ذلك حيث ان بعض الحكومات المحلية تحاول ان تلقي بعض أوجه ذلك التعثر على الحكومة الاتحادية ومثل هذا القول بنظرنا يفتقد الى كثيرا من الدقة حيث الإدارات اللامركزية وفق ما مثبت في الدستور الاتحادي النافذ ذات صلاحيات واسعة ولم يكن هناك ارتباط وثيق بين تلك الحكومات والمؤسسات الاتحادية ولتلافي ذلك النقص الجوهري ورد في قانون أدارة المحافظات رقم (21) لسنة 2008 نصا يتضمن أيجاد نوع من الارتباط لتلك المجالس بمجلس النواب كما تضمن القانون المذكور بتشكيل لجنة تنسيق يترأسها رئيس الوزراء وخوله ذلك النص بدعوة المحافظين للاجتماع به من خلال تلك اللجنة والتداول فيما يتعلق بالمحافظات التي يتولون ادارتها وجراء عدم وجود ذلك الارتباط الوثيق حصلت بنظرنا أوجه ذلك التعثر حيث لا يمكن التحول السريع والمباشر وبهذا الشكل من حكومة مركزية صارمة الى نظام اداري لا مركزي لافتقار التجربة سواء على صعيد انتخاب اعضاء تلك المجالس او كيفية الاداء لمهامها فقد جاءت عناصر غير مؤهلة لتتبؤ مراكز ادارية كبيرة في تلك الحكومات ومنها عناصر عكست سوء التصرف وبشكل مخجل أحيانا واضافه للسبب المذكور فقد ثبت بأن البعض من هؤلاء يتبنى اعمال تصل أحيانا الى مزاولة التخريب من خلال تلك المؤسسات المحلية فنكون هنا قد وصلنا الى جوهر الحقيقية لذلك التعثر وان التجربة الديمقراطية اللامركزية في العراق اثبتت بأن مجالس المحافظات تنتظر ان تستلم من الحكومة الاتحادية ما يخصص لها من أموال في الميزانية العامة فقط صحيح ان مدراء الدوائر المركزية في المحافظات لهم ارتباطين احدهما في الوزير المختص والثاني في المحافظ ولكن ذلك لم يؤدي الا الى عرقلة الاعمال حيث عندما يسود الجهل بالمهام او سوء القصد او بحكم السعي للمصالح الذاتية فلا يمكن ان نتوقع أي نهوض في مثل هذه الحالة والادهى من ذلك ان دوائر الهيئات الرقابية والتابعة لهيئات الدولة المركزية المستقلة منيت هي الاخرى بنظرنا بفشل واضح في عملها بمكافحة الفساد كالرقابة المالية والنزاهة ودوائر المفتشين العموميين لتأثير هيمنة العقلية النفعية وعدم الاستقرار الأمني وانعدام الرقابة من قبل تلك المجالس على دوائر الجهات الرقابية في المحافظات بل بالعكس يلاحظ البعض بأن تلك المجالس تحاول ان تمد جسور معينة من الود وحتى التملق احيانا بين تلك الدوائر وبينها لتمشية الامور الشخصية وعندما يشعر مدير النزاهة في محافظة ما بأوجه الضعف لدى بعض اعضاء تلك المجالس وابتعاد المتابعة أحيانا من الهيئة المستقلة في بغداد لأداء عمله يصبح الضامن الوحيد هنا لحسن الأداء هو الالتزام الذاتي وتلك الصفة للأسف الشديد ثبت بأنها ضئيلة جدا لدى الكثير من هؤلاء وقد دلت الأحداث ان من يسلك مسلكا شريفا تتعرض حياته للخطر وجراء كل ذلك أصبحت العلاقة بين أعضاء المجالس والدوائر الرقابية في اغلب الأحيان تبنى على النفعية كما ذكرنا مما اثر على جوانب متعددة في اداء تلك المجالس كاستتباب الامن وتقديم الخدمات وسوء الانجاز في مجال الاعمار ولا نكون بعيدين عن الحقيقة اذا وجدنا هيئات الرقابة المستقلة بمثابة الرأس الاداري الخاوي لتلك الفروع فقلت الملاحقة والمتابعة للدوائر التابعة لها في المحافظات ومفردات الاخفاق في عمل مجالس المحافظات لا يمكن ان يحدد تقييمها بمقال واحد واذا ما حصل نوع من الايجابية فهو يعود لمبادرة فردية جراء الاخلاص والابداع لذلك المسؤول سوآءا من رؤساء المجالس او المحافظين او رؤساء الوحدات الادارية واجد من المفيد وحسب اطلاعي ان اذكر مثالا شاهدته من نجاح باهر ممكن ان يفتخر به من انجزه في ناحية المجد ذات الموقع الرائع والقابلة للتطور حيث تغيرت معالم كثيرة في تلك الناحية وربما يعتبر تغيرا جذريا عما كانت عليه فأصبحت بجسر حديث يربط ضفتي نهر الفرات الواقعة عليه وشوارع وخطوط كهرباء منظمة وحديثة وتوزيع يلفت الانتباه لقطع الاراضي السكنية التي بدء البناء فيها ومنتزهات وملعب رياضي ومدارس ونظافة واضحة جدا ومعالم حضارية مطابقة للتصميم الأساسي للمدينة ويعود ذلك بنظرنا على ما يبدو للمجهود الذي بذله مدير تلك الناحية حيث قسم من تلك المنجزات قد اكملت على نفقة منظمات دولية وارى ان يقوم رؤساء الوحدات الادارية ومدراء البلديات بزيارة تلك الناحية في محافظة المثنى وهذا مثال ذكرته ليعطي الفارق في الاداء الذي يحصل من خلال مجهود فردي لمسؤول اداري وعندما تلاحظ الفرق بين وحدة ادارية واخرى في محافظة ما فهذا ناجم عن عدم وجود التخطيط العام لذا وجدنا للأسف الشديد اموال طائلة تهدر جراء مشاريع لم يتم انجازها وتبقى متلكئة وقسم منها فاشلة ووجدنا خلال التجربة الماضية ان الاخفاقات في الجانب الامني في أي محافظة يعكسها بعض رؤساء المجالس على الحكومة الاتحادية مع ان قانون ادارة المحافظات النافذ خول تلك الحكومات صلاحيات كافية قي هذا الجانب وربط المؤسسات الامنية في الحكومات المحلية ومما هو مؤلم ان تجد اسوء الموظفين اللذين فشلوا في دوائرهم وعليهم مختلف الشبهات تشبث البعض منهم بنقله الى دائرة النزاهة لغرض ان ينتفع بشكل غير مشروع وهو لا يتردد ان يقول ذلك علنا حيث يحصل على مداراة اعضاء المجالس والمحافظ بطريقة تبادل المنافع اما الدوائر التي لها علاقة مباشرة بالمواطن كالتقاعد والصحة واجهزة الشرطة والضمان الاجتماعي فهي في اغلب الاحيان امتداد للدائرة التابعة لها في بغداد ويساهم في ذلك طبعا عجز الحكومات المحلية عن دور المتابعة والرقابة كما ذكرنا فلو اخذنا مثلا الهيئة العامة للتقاعد وتمكنت بأن تطلع على مفردات عملها لأصابك الاحباط واليأس حيث انما يسود ذلك العمل لم تكن فيه مراعاة للقانون او حسن اداء الواجب وانما تجد نوع من المافيات والادهى من كل ذلك ان دوائر كهذه تكون ذات تأثير مباشر على الحياة العامة للناس سيما الطبقات الفقيرة فمعاملة التقاعد لا يمكن ان تنجز لوجه الله او تنفيذا للقانون وحسن اداء الواجب وهنا برأينا يكون الوزير ورئيس الهيئة مسؤولان عن ذلك ومن حقنا ان نتسائل ان ذلك الوزير اذا كانت حمايته تمارس قتل العراقيين فكيف تنتظر منه ان يتصدى لهكذا امراض وقد يكون غير مؤمن اصلا بأداء المهمة الموكولة له وهذا في حقيقة الامر احد الاسباب الرئيسية لما واجهه العراقيين للسنوات الماضية وكما ذكرنا ان المسؤول عن حسن الاداء في الحكومة الاتحادية هو الوزير والمدير العام اما في الحكومات المحلية فهو رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ولأسباب قلة التجربة وسوء القصد والانجرار للمنافع الشخصية كما ذكرنا طغت المصلحة الذاتية على المصلحة العامة ويتسائل المرء وهذا حديث الساعة طبعا عن الاداء الوظيفي وتوظيف مبالغ كبيرة دون طائل فنجد ان السبب يعود حصرا بما تعاني منه مؤسسات رأسية في الدولة وفي حكومات محلية ثبت فشلها فمجلس النواب اعطى صورة للأسف الشديد بانعدام امكانية الرقابة لديه وعدم اصدار القوانين لا بل وعكس أحيانا قدوة غير مرضية للمواطن خصوصا في بلد كالعراق وهو احد بلدان العالم الثالث بانتشار العمل العشوائي والافتقار للتخطيط وهو جوهر ذلك التعثر أما في الحكومات المحلية فتلك الأمراض للأسف الشديد تكون أكثر وضوحا حيث عندما نقارن بين عمل المحافظ في الأدوار السابقة في العراق وبين مجلس المحافظة والمحافظ الان فالمشرع عندما اصدر قانون الإدارة اللامركزية للمحافظات كان يأمل ان يعطي مجالا لمشاركة المواطنين في مختلف مناطق القطر بأدارة شؤونهم كما هو متبع في اغلب بلدان العالم المتطور لينعكس ذلك في مجال الإخلاص والإبداع وحسن التخطيط وسرعة الانجاز ووصول ما يضر بمصلحة المواطن والدولة الى الجهات ذات العلاقة بأسرع ما يمكن الا ان ما حصل حيث توزيع تلك الصلاحيات استغلت استغلالا بشعا للأضرار بالصالح العام فقانون أدارة الالوية مثلا كان يحدد مهام المحافظ وبشكل مباشر كممثل للوزير والحكومة المركزية في محافظته وله صلاحيات واسعة في مجال تلك الادارة بمحاسبة رؤساء الدوائر المركزية وحتى من حقه ان يخبر مجلس القضاء الأعلى وعن طريق مرجعه اذا اقتضى الأمر في حالة ورود معلومات لديه عن مؤسسات القضاء نفسه اما قانون الإدارة اللامركزية فهو قلص من صلاحيات المحافظ وجعل جهة الرقابة عليه كما ذكرنا من قبل مجلس المحافظة وقسم من المحافظين اثبتوا حسن الاداء لإدارة المحافظة التي تولوا أدارتها سواء بتعاملهم مع الدوائر التابعة لهم مباشرة او مع الدوائر التابعة للوزارات المركزية ولهم حق الإشراف عليها والنجاح هنا يتضح للمتتبع لم يكن خافيا ويمكن ان يقارن بين محافظة واخرى سواء في انجاز المشاريع او التدقيق في حسن اداء الدوائر الخدمية ويكون تأثيره أيضا حتى على الدوائر الرقابية حيث باستطاعته عند وصول معلومات له تضر بالصالح العام او مصلحة المواطنين كحصول تواطئ او ارتشاء من قبل هيئة النزاهة او الرقابة المالية او دوائر المفتشين العموميين في محافظته ان يمسك الهاتف ويتصل برئيس تلك الهيئة ليطلعه على المأخذ الحاصلة بفرع دائرته في تلك المحافظة وهذا ليس تدخل ولا انتقاص وانما سوء اداء تلك الهيئات الرقابية اذا ما تركت تنعكس على عمل المحافظة كلها وان اسلوب تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي بنظرنا بمثابة (البدعة) او الكمين الذي وضع للعراق وللشعب العراقي بغية الامعان في الاضرار به وقد ادى الى وصول وزراء غير كفوئيين ويحتمون برؤساء كتلهم وكما وجدنا عناصر معينة تكون في لجنة النزاهة البرلمانية لتؤدي اغراض معينه تتستر من خلالها على منافع قد حصلت عليها فأن بعض أحزاب وكتل في البرلمان ترشح وزراء دون ان تدقق في مدى قدراتهم على النجاح في مهام عملهم ففي محافظتنا مثلا مشروع بناء (504) شقة سكنية ابتدئ به عام 2004 واستمر لمدة ستة سنوات لم ينجز منه سواء (2%) ووضعت له ستة كشوف اضافية حتى تضاعفت كلفته لمرات عدة وعندما فشلت الشركة اخذت السيدة الوزير تأتي بمقاولين من ابناء محافظتها وكل واحد منهم يستلم السلفة التشغيلية ويهرب وعندما قام المحافظ بتوقيف رئيس الدائرة المركزية لثبوت اهماله وسوء تصرفه قامت السيدة الوزير بسحبه الى ديوان الوزارة لتضع ثقتها الكاملة به وظهرت في التلفاز تقول انها انجزت في كل محافظة بناء مشروعين سكنيين احدهما تم استلامه والثاني في دور الانجاز في حين بمحافظتنا لا اثر لهذا القول سوى المشروع المتلكأ الذي سبق ذكره وهذه الحالة تعطي للمتتبع نوعية بعض الوزراء اللذين يتبوؤون السلطة حيث يفرضون على ما يبدو فرضا بانضمامهم لتشكيل تلك الحكومة ولا يمكن ان يقتنع عاقل بأن كتلهم لم تكن متواطئة معهم ولابد ان نحدد هنا المسؤولية التي تقع على مؤسسات الدولة سواء المركزية كمجلسي النواب والوزراء او الوزير او في الحكومات المحلية كمجلس المحافظة او المحافظ وأفرزت تجربتنا الاتحادية الديمقراطية الجديدة ما تكرر من ايضاح أدلى به رئيس الوزراء بقوله ولمرات عدة بأنه مكتف ولا يستطيع العمل وقد اثبتت الأحداث الأخيرة والتي ذروتها ثبوت مزاولة قتل العراقيين والاحتماء بالمظاهرات ومحاولة التخفي بأثارة الشارع ثم تتنادى جهات إقليمية ربما لم تكن بعيدة عن موضوع ما يتعلق بالإخلال الامني مؤيدة لمحاولات تخليص القتلة والمجرمين واذا اردنا ان نتجاوز ما نعاني منه فلا بد ان نتخلص من حكومة الشراكة الوطنية أولا وثانيا تشكيل هيئة تعطى استقلالية عن الاحزاب وتضم أساتذة وفقهاء وفي مختلف الاختصاصات لوضع خطط يتم أتباعها كما تعطى صلاحية التأكد من انجاز المشاريع التي يتم تبنيها طبقا لتلك الخطط كما لا بد من تعديل قانون المحافظات لإعطاء صلاحية أكبر للحكومة الاتحادية بالإشراف على الحكومات المحلية لقلة تجربة تلك الحكومات في هذا المجال كما ان تجربة الأداء الانتخابي في مجال حسن الرقابة على ذلك الأداء يساهم بزوال ما عانينا منه حاليا بوصول عناصر لم تأتي بشكل مشروع وانما عن طرق وأساليب غير مشروعة وضرورة توعية المواطن للتخلص من قيم تعتبر غريبة عن مجتمعنا وان تتضمن مناهجنا الدراسية تثقيفا بهذا الاتجاه .
 

Share |