رفقاً بي , ياأبنائي/دلال محمود

Wed, 9 Jan 2013 الساعة : 1:50

هكذا نهضت من نومي فزعة في تلك الليلة الشتوية القارصة,التي يغلِّفُها الظلام الدامس ,والشعور بالحيرة والضياع تجاه وطن يكاد لايشبه الأوطان.
نعم أرعبني منظر كبد يتحرك ببطىء كأنه سلحفاة, يتكلم بلسان عربي وبلغة مفهومة للجميع
كان شكله غريباً وليس بغريب فهو يشبه شكل خارطة العراق الحبيب.
سمعته يصرخ ويئن بكبرياء لاوصيف له .
يصرخ من دون صوت, ويتوجع من غير آهات.
ها إنني اسمعه يعاتب ابناؤه ,وكيف يتركون الأيادي الخفية تلعب بمصيرهم وتحركهم حسب اهواء ماخطط له المحتل اللعين, وفق سياسات تصب في النتيجة لصالح الأعداء.
اسمعه يقول كل من يدعي انه ابني البار عليه ان يبتعد عن تقسيمي الى أجزاء فأنا كبد للجميع ولاطاقة لي ان أراكم مبعثرين ,متفرقين, أيرضى أحدكم ان يبتعد أحد فلذات اكباده عنه؟
إن رضيتم انتمُ, فهذا شأنكم , انتم قساة لارحمة لديكم, رحلتم عني بحجج واهية اقنعتم بها انفسكم , كالهرب من الظلم او طلباً للرزق في ارض الله الواسعة رغم ان ارضي هي اغنى بقاع الكون.
سمحتم للغريب الجبان أن يحتل جسدي بحجة الخلاص
والآن بعد عشر من السنين وأراكم تستنجدون بالجار الذي كان يرقص على حرارة دم الأطفال والنساء والشباب.
ألا تتخذون العبر والمواعظ؟
هل يغار الغريب على الدار بقدر غيرة صاحب الدار؟
هل يفكر الجار بمصلحتك ام بمصلحته اولاً واخيراً.
قال رسولنا الاعظم في مجمل حديثه الشريف
ليس بمسلم من بات شبعان وجاره جائع.
فاين هم جيراننا من حديث رسولنا الحبيب , وهم الذين تنوعوا في ترويعنا وقتلنا, وتجويعنا وتعطيشنا, فمنهم من فاز بقطع مياه الله عنا ومنهم من اغتال خيرة رجالنا ومنهم من اصدر فتواه الظالمة بقتل بعضنا البعض وتكفيرنا, وهكذا.

حاولت أن التقط أنفاساً هادئة علني اشعر بالأمان , ولكن دون جدوى حيث الأمان مفقود حينما يكون الناس خارج اسوار الأوطان .كنت اركض وراء الكبد , اسرع لحد اللهاث علني الحق به , وبرغم مشيته البطيئة وبرغم انني أُسابق أرجلي , لكنه كان بعيداً بعيدا, ينزوي في فناء يغرق بالعتمة ويتهالك عطشان , والمياه تحيطه وهي تحمل روائح مبهمة لاتصلح لكي يرتوي منها أو يغتسل بها
ها أنني استطعت اللحاق به ولكني حسبت الزمن كان سنينا طوالا , تقربت منه وحاولت ان امسح الدماء التي كانت تسيل من جنباته, وطبعت قبلتي عليه ومسدته , لكنه ظل شاكياً جراحه, وأمننًّي كي اوصل رجائه بالأ نتركه للذئاب تنهش جسمه.
قطعت ابنتي عليَّ حديثه معي بعد ان قطعت أنا نومتها حيث أنها استيقظت على صوتي المبحوح وانا اتسول رضاه عن جميع اخوتي في اهل العراق ووعدته خيراً بأننا سنكون عند حسن ظنه .

Share |