تظاهرات ام عصيان مدني/سلام خماط
Wed, 9 Jan 2013 الساعة : 1:22

عندما اباح النظام الديمقراطي ومن خلال الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي حق التظاهر السلمي حيث جاء في المادة (38) ثالثا : تكفل الدولة ,بما لا يخل بالنظام العام والآداب : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي , وتنظم بقانون .
والتظاهرات السلمية لابد ان تكون مبنية على أساس النضج الوطني وليس الطائفي ,كون المشكلات التي لم تحل في العراق ومنها الخدمات والبطالة والفساد بأنواعه لا تقتصر على طائفة دون أخرى وإنما شملت كل شرائح المجتمع وبكافة تمظهراته المتنوعة , فعل الرغم من مشروعية بعض المطالب التي نادى بها المتظاهرون وهذا باعتراف السيد رئيس مجلس الوزراء ,وكانت هنالك حلول سريعة لمعالجة الأزمة إلا ان هذه التظاهرات في الأعم الأغلب تشكل خطر حقيقي على النظام الديمقراطي في عراق ما بعد الدكتاتورية ,هذا العراق الجديد الذي يتعارض مع مصالح الكثير من أتباع وأذناب الدكتاتورية والذين يسعون بكل ما يملكون من قوة الى تفتيت وحدة العراق من خلال عكاز الطائفية المقيتة التي لا يملكون غيرها من وسائل , لقد حمل المتظاهرون شعارات مخجلة تنم عن حقد دفين وحنين الى حكم المقبور الذي رفعوا صوره البشعة ولافتات تحمل من البذاءة ما يجعلنا نخجل من ذكره إضافة الى صور اوردكان الراعي الرئيس للمشرع الطائفي في الوطن العربي والحالم بإعادة الإمبراطورية العثمانية التي سحقتها عجلة التقدم والوعي الوطني في العراق والبلدان العربية الأخرى ,ناهيك من رفع علم القاعدة التي أذاقت أبناء الانبار قبل غيرهم الذل والهوان وعملت ما عملت وهذا ليس بخاف على احد , انها ليست تظاهرات وإنما عصيان مدني وخروج على الشرعية وانتهاك للقوانين تجسدت في قطع الطريق الدولي الذي يربط العراق بالأردن وسوريا وتعطيل للحياة ,أضف الى ذلك تصريحات بعض البرلمانيين من الطائفيين الذين جاء بهم المحاصصة والذين تهجموا على مكون بل اكبر مكون عراقي واصفه بالخنازير والجبناء ,العديد من البرلمانيين والوزراء على هذه الشاكلة ,كل هذه المهازل ويسمونها حكومة شراكة وطنية , شركاء يتلقون أوامرهم من أسيادهم في السعودية وتركيا وقطر وباعوا ضمائرهم بزرقة الدولار بل باعوا وطنهم كذلك ,ولم يكن رئيس الاقليم " برزاني " بعيدا عن مشهد الحدث ودعمه لهؤلاء المتظاهرين او من يقف ورائهم ليس حبا بالديمقراطية وإنما من اجل بلوغ هدفه بالتوسع اولا والانفصال بعد ذلك وهذا لم يتم له إلا على حساب تفتيت الوحدة الوطنية والإخلال بالسيادة , لقد جعل البرزاني من الإقليم مأوى للقتلة والهاربين من العدالة بعد ان كان مأوى وملاذ امن للوطنيين والمناضلين المناهضين لنظام صدام طيلة 35 عام , اقنع نفسه ومن سار معه حتى أوهموا أنفسهم من ان خريطة كوردستان تمتد جنوبا حتى محافظة ميسان .
في هذا الوقت العصيب الذي يمر به العراق لابد للمرجعية الدينية والعشائر العراقية الاصيلة ان تكونا كما كانتا دوما أدوات حية وفعالة في الوقوف ضد التحديات الوطنية وان تقفا الى جانب الدولة في هذه المواجهة الشرسة ,بل على كل وطني عراقي شريف من اي طائفة او من اي قومية او من اي دين ان يقف موقف وطني مع الدولة لإجهاض المشروع الطائفي الذي يقف وراءه أذناب البعث .
ان الطائفية المقيتة باتت المحرك الذي تستند اليه الانتخابات في العراق منذ بدايتها والتي أنتجت لنا المحاصصة المتصارعة على مركز السلطة حتى شلت كل مفاصل الدولة العراقية بأكملها وأغرقتها في الفساد والمحسوبية ,فمن قضية الهاشمي الى العيساوي وقبلهم محمد الدايني والقائمة تطول وهؤلاء وغيرهم لم يتصرفوا كشركاء في العملية السياسية وإنما تصرفوا كأعداء لهذه العملية لكنهم دخلوها لتامين مصالحهم الشخصية وأغراضهم الطائفية ,مما أدى الى عجز المشروع الوطني من الارتقاء على مستوى تنظيم القدرات الوطنية على مستوى السبل والوسائل .
ان الوقوف من قبل وزراء أو أعضاء مجلس النواب مع هؤلاء قد افقدهم شرعيتهم وافقدهم هيبتهم التي منحتها لهم الدولة .