المظالم وفق رؤية معاصرة/عصام الطائي

Wed, 9 Jan 2013 الساعة : 1:12

هناك تناقضات داخلية وخارجية في حياة الانسان فمن جهة هناك النفس الانسانية بما تحمل من ميول ورغبات وشهوات ومن جهة اخرى هناك قوى خارجية تتمثل بالمؤثرات الخارجية ولا يوجد جانب في حياة الانسان لا يخلو من التاثيرات الداخلية والخارجية وفي اي مشكلة سياسية او اجتماعية او ثقافية او عقائدية او اقتصادية تتاثر بتلك المؤثرات الداخلية والخارجية.

وكثير ما تحصل مظالم في حياة الانسان لذلك مسالة تشكيل سلطة قضائية اعلى من كل السلطات القضائية الاخرى ضرورة اساسية لمعالجة تلك المظالم وكان تشكيل ديوان المظالم في القضاء الاسلامي عبر التاريخ الاسلامي يعتبر انجاز حضاري ويتطلب وفق الحياة المعاصرة تشكيل مثل هذا الديوان ولكن وفق اطر معاصرة بعيدا عن التعطيل في البت بتلك المظالم وابسط مثال على تحققق المظالم تجد في قوانين الايجار المتداولة في عالمنا العربي والاسلامي اما يكون المالك هو الظالم حيث يستعمل اساليب قذرة في زيادة الايجار بين فترة واخرى ولا يكون هناك قانون يمكن ان يحاسب مثل هكذا شخص او تجد المستاجر هو الظالم حيث يرفض منح الايجار وهكذا قد يمتنع المستأجر بدفع الايجار الى المالك او يكون الايجار بخس بحيث يرفض المستأجر أي زيادة حتى لو سكن المستأجر عشرات السنوات ومثل هذه القضايا وغيرها يمكن لديوان المظالم ان يبت في أي قضية فيما اذا كان القضاء لم يحقق العدالة سواء بحق المالك او المستأجر.

وعلى مستوى الاسرة تجد نفس المظالم الكثيرة بالاخص المظالم التي تتحق بحق المراة والاطفال لذلك يمكن لديوان المظالم أي يعالج كثير من تلك المظالم وحتى على مستوى الجانب الاقتصادي يمكن للذي لا يجد قوة يومه ان يقدم شكوى لديوان المظالم نتيجة لفقره لان من واجب الدولة ا ن تتكفل بمعالجة جانب الفقر خصوصا اذا ما خصصت المبالغ الكافية لهذا الديوان لمعالجة أي قضية فبعد التاكد من صدق أي قضية يمكن ان يمنح مبالغ مالية لاي مظلوم .

وفي العراق خلال الفترات السابقة قد حصلت مظالم كثيرة بالاخص بحق المسفرين الى ايران وبالاخص التسفيرات بعد سنة 1980 حيث الكثير منهم هم عراقيون حيث ان اباء او اجداد بعض الناس كان يرفض الذهاب في الحروب مع الاتراك او الانكليز فكان يحاول ان يحصل على أي وثيقة للتهرب من الخدمة الالزامية ولا زال الكثير منهم لم تسترد حقوقهم سواء على مستوى الاكراد او العرب او التركمان وهناك قوانين قد صدرت من مجلس النواب لاسترداد بعض حقوق المهجرين او المهاجرين خصوصا منها بعض فقرات مادة 140 الا انه لا تعالج مظالم الكثير منهم فمن ضمن ثغرات تلك القوانين حيث تشترط ان يكون الشخص متزوج علما ان الشخص المضرر يمكن ان يكون متزوج او غير متزوج لذلك حرم عشرات الالاف من المتزوجين وغير المتزوجين نتيجة لتلك الثغرات في القانون وكان ينبغي منح الحق لاي مظلوم سواء كان متزوج او غير متزوج وهكذا تجد عشرات القوانين مع كونها جديدة الا انها قد حرمت كثير من تلك الحقوق للناس فكان ينبغي ان تكون القوانين اكثر مصداقية لمعالجة مظلومية الناس.

وفي الجانب السياسي قد صدرت في العراق جملة من القوانين كقانون المساءلة والعدالة وغيرها من القوانين الا ان وجود بعض الثغرات بتلك القوانين قد يحقق المظلومية بحق بعض الناس فالشخص الذي كان يخدم في المؤسسات الامنية يمكن ان يكون قد ارتكب الظلم بحق الناس فيمكن محاسبته ولكن مجرد أي شخص خدم في تلك المؤسسات يفصل من الخدمة الى ان يصل عمره خمسين عاما الى ان يحق له المطالبة بالتقاعد فهذا سوف يحقق الظلم بحق البعض منهم علما ان هناك لكل شخص كثير من الالتزامات العائلية فحرمان أي شخص من الراتب هو شيء خاطى نعم يمكن ان يصرف لهم الرواتب الشهرية والاستغناء على خدماته لحين يبلغ سن الخمسين لان الشخص الذي عمره 40 عاما يبقى عشرة سنوات بدون راتب وهناك ضغوطات عائليه من قبل اطفاله لتلبية الاحتياجات اليومية فكيف يمكن ان يعيش وهو لا يمكن ان يملك قوت يومه فكان بامكان للقانون معالجة هذا الجانب بالاستغناء على الخدمات لا حرمانه من المرتب الشهري فكان هناك ثغرة واضحة في القانون ينبغي الالتفات اليها.

وهكذا يمكن لاي قانون في مجال التطبيق تحصل كثير من المظالم بحق الكثير فتشكيل مثل هكذا مؤسسة يمكن ان تعالج الخلل في القوانين لمعالجة الثغرات بتلك القوانين وتصحيحها وان العدل ضرورية انسانية وليس مجرد كونه شيء حسن وفق تعبير الدكتور طه عبد الرحمن وهو اشبه بالقضايا البديهية الضرورية في الحياة لان العدل يحقق المسار الصحيح في الحياة الانسانية والحضارية والظلم يبعدها عن المسار الصحيح.

عصام الطائي

Share |