قضية وقصة-قضية أمام القضاء وقصة أمام المجتمع/زمن عدنان حسين الناشي

Mon, 7 Jan 2013 الساعة : 22:33

 

كلنا يعلم كيف يتكون المجتمع ،يتكون من أسرة والأسرة هي نواته تتكون أيضا من فردين (ذكر وأنثى) تربطهما علاقة شرعية تسمى النكاح أو الزواج وعلاقة قانونية متمثلة بعقد موقع من قبلهما بإيجاب وقبول ومحتواه مقدار من المال يقدم كمهر من الزوج إلى الزوجة،يؤديه الزوج لها حين مطالبتها له وقدرته على أدائه،وهكذا تبدأ الحياة الزوجية بين الزوجين وبعد المعاشرة بينهما يتم انجاب أفراد بهم ومنهم يتكون المجتمع ،وكثيرا ما تطرح أمام القضاء قضايا تخص أفراد المجتمع ليتنازعوا فيها على حق من الحقوق قد انتزع من أحدهم للآخر ،وما أكثر القضايا الأسرية اليوم التي تطرح على طاولة القضاء وأهمها قضايا الأحوال الشخصية،ولكل قضية منها قصة فيها عبرة فإليكم قصة زوجة حدثت بينها وبين زوجها خلافات وتأزمت تلك الخلافات بتدخل أطراف أخرى كأهل الزوج أو أهل الزوجة ووصل الحال إلى الطلاق بينهما طلاقا بائنا بينونة صغرى أي لايحل للزوج أن يرجع بزوجته إلا بعد عقد جديد وبمهر جديد،فبدأت الزوجة تطالب بحقوقها شيئا فشيء وأوكلت محامية بذلك،وأخذت جميع حقوقها الزوجية من نفقات ومهرين مؤجل ومعجل.وكذلك قامت المحامية بإثبات حضانتها لأبنتيها القاصرتين واستحقاقهما نفقة مستمرة لحين بلوغهن السن القانونية وفي أثناء التنفيذ على الزوج كمدين لزوجته أو طليقته بمبالغ المهرين ونفقة الطفلتين ،التقت المحامية بالزوج أو المدين وطلبت منه أن يسدد نفقة الطفلتين بانتظام شهريا فأجاب بأنه غير مستعد لذلك كونه غير مقتدر ماديا وأنه يعجز عن الاستمرار بأداء النفقة حاولت المحامية اقناعه بأنه ملزم شرعا وقانونا بأداء النفقة حتى وان تزوجت الزوجة برجل آخر لايمنع ذلك من استحاق الطفلتين للنفقة الشهرية وأنه لايتخلص من هذا الالتزام إلا في حالتين أما بضم حضانة الطفلتين له أو بأن يقوم بارجاع زوجته لذمته من جديد.ولكون الأمرين عسيرين بالنسبة له فقد أعلن بأنه عاجز أمام تلك القضية فأصدر المنفذ العدل ضده مذكرة حبس تقضي بحبسه لمدة أربعة أشهر عن كل قسط نفقة لم يقم بدفعه،فرحل الزوج إلى السجن وبعد يومين جاء رجل يمثل شيخ أو مسوؤل عائلة الزوج ومعه شقيق الزوج أو المدين ،وقابلوا المحامية التي أوكلتها الزوجة وطلبا منها مساعدة ولهم المدين قدر المستطاع فأجابتهم المحامية بجملة رائعة كانت السبب الأساسي بانقاذ تلك العائلة المفككة وانقاذ الطفلتين وتشتتهما بين والديهما بأن قالت المحامية للشيخ :( سيدي هل لديك أطفال ؟) فقال الشيخ:- نعم ،فقالت المحامية:-( عندما تأتي جنابك من العمل وتطرق الباب وعندما تفتح لك زوجتك الباب تجد أولادك مجتمعين بلهفة وراء الباب لاستقبالك وماذا تحمل معك لهم وهم يتقاسمون الفاكهة او بعض الحلوى او الألعاب وانت تنظر لهم بفرح وارتياح،تصور هاتين الفتاتين الصغيرتين اللتين حرمتا من الأب بسبب خلافات تافهة وبسيطة قام كل من والد الزوجة ووالدة الزوج بتأزمها مما أدى إلى انفصال الزوجين عن بعضهما وضحية ذلك تلك الطفلتين البريئتين ،فما أجمل أن تسعى لأرجاع البسمة على وجه كل من البنتين برجوعهما بين أب وأم قبل أن تأتي وتطلب مساعدتي لذلك الزوج الأناني والافراج عنه ،أنا أستطيع أن أفعل ذلك بمجرد أن أطلب من المنفذ العدل الأفراج عن المدين كونه قام بتسديد ما عليه من مبالغ ولكن لن أفعل ذلك حتى تتعهد لي بأن تحاول اصلاح ذات البين وارجاع الزوجين لبعضهما من أجل الطفلتين ليكونا بين ام وأب وقد يكون لهما أخ فهما بحاجة لذلك).ففهم ذلك الشيخ وتعهد وأمام القاضب والمنفذ العدل بأنه سيبذل قصارى جهده فقط ليرجع الحياة الزوجية بين قريبه المدين وزوجته.وبعد أيام جاء اتصال هاتفي للمحامية من قبل الزوجة بأنها تريد الحضور للمحكمة بغية أن تكمل لها المحامية اجراءات عقد زواج فسألتها المحامية ممن ستتزوجين
فقالت لها موكلتها:- من زوجي نفسه فهو قد أرجعني والفضل لثلاثة لله سبحانه ولك وللشيخ الذي صار وسيطا بين أهلي وأهل زوجي.ففرحت المحامية بذلك وقررت اجراء عقد الزواج الجديد بين الزوجين وبعد فترة من الزمن التقت المحامية صدفة بالزوجين يتبضعان من السوق والزوج يحمل طفلا صغيرا على ذراعه فسألتهما المحامية أ هذا مولود جديد لكما فقالا بلى إنه صبي .فباركت لهما المحامية وقالت لهما اياكما وأن أراكما في المحكمة مرة أخرى! فضحكا وأثنا عليها.
من تلك القضية التي عرضت أمام القضاء والتي عجز عن حلها ،وعرضت أمام المجتمع وكان سبب حلها (الكلمة الطيبة) حيث استطاعت تلك المحامية بمجرد طرحها رأيا للشيخ الوسيط واقتناع الأخير به واعتبار ذلك واجبا عليه استطاع أن يستعيد بناء بذرة اجتماعية مهمة ألا وهي الأسرة والرجوع بالطفلتين لكنف والديهما وليس هذا فقط بل وانجاب فرد جديد للمجتمع،هذه القصة الاجتماعية تبين أن على كل ذي كلمة وكل فرد ومن موقعه في المجتمع أن يقوم بواجبه للإصلاح والمحافظة على كيان الأسرة للسير بالمجتمع نحو التماسك والرقي. 
Share |