بين استدراج العراق لكمين خطير وعبر هامة من تأريخه الحديث/عبد الامير محسن ال مغير

Sun, 6 Jan 2013 الساعة : 11:45

دأبنا في مقالات عدة ان نذكر أمثلة من تاريخ العراق القريب ونربطها بوقائع نعيشها اليوم لنقرب الفكرة التي نتناولها من ذهن القارئ الكريم مقارنين بين ما يدور الآن وتلك الوقائع الوطنية والقومية من ذلك التاريخ حتى لا ينسى كبار السن ممن عايشوها فيما مضى ولا تفوت أجيال الحاضر والمستقبل تلك العبر لان الحاضر والمستقبل هما وليدا الماضي فربط الوقائع ببعضها يجعل الفرد والمجتمع يستطيعان استشراف المستقبل برؤيا واضحة وها نحن نرى لم تمض على بدء التظاهرات سوى عشرة أيام كشف من خلالها أمور غاية في الأهمية حيث الصراع بين أجنحة كتلة العراقية الذي ظهر منه التنافس المحموم لتحقيق أصوات الناخبين في المحافظات الغربية من العراق وأحداها ذو توجه قومي يمثله السيد صالح المطلك والثاني ذو توجه إسلامي أخواني متحالف مع القاعدة على ما يبدو وما يسمى بجبهة النصرة والجيش الحر وبقايا نظام صدام وان من يقودون الاتجاه الاخير هم سلمان الجميلي واحمد العلواني ويضيف البعض لهم اثيل النجيفي وقد تعرض السيد صالح المطلك لمحاولة اغتيال جراء ذلك التنافس من قبل بعض المتظاهرين في الانبار واذا ما عدنا الى الماضي فان ما يشبه هذه الإحداث وبدرجة كبيرة هو ما جاء تحديدا بعد ثورة 14 تموز 1958 اخذين بنظر الاعتبار أن تلك الثورة كانت حلا جذريا لجميع ما كان يعاني منه المجتمع العراقي حيث كان ذلك المجتمع لما قبل الثورة يعتمد الاقطاع نظاما سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ورغم ان تلك الثورة استهدفت ذلك الاقطاع كركيزة للنظام الملكي والذي لا يتجاوز أفراده العشرات من الناس ولكن بقايا ذلك النظام لما بعد تلك الثورة ساهم وبدرجة كبيرة بعملية الارتداد لتك الثورة والتي هيأة لانقلاب 8/2/1968 ولم تكن الثورة المضادة تلك تستطيع جمع شتات من قاموا بها الا عبر مراحل من التخفي والاندساس بين العمل العلني والسري سيما بعد حادث التصدي للزعيم عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد فبعد ذلك الحادث اصبحت زمر التآمر تعمل في الخفاء وتسعى للتسلق الى مختلف مراكز الدولة سيما الامنية والعسكرية منها واخذوا يستهدفون اعوان قاسم السياسيين ليبعدونهم عنه وقد نجحوا في ذلك الى درجة كبيرة حتى اصبح مرافقه الاقدم جاسم العزاوي لا يفارقه وكظله واتضح فيما بعد بان جاسم العزاوي هذا قياديا في حزب البعث وفي ذروة محنة الزعيم قاسم صباح يوم 8/2/1963 كان العزاوي يقوم بتمزيق البيانات التي يسلمها له الزعيم قاسم ليرسلها الى الاذاعة وهذا هو وجه الخسة في التعامل السياسي المنافق وعندما سمعت وقرأت يوم 4/1/ 2013 في قناة الشرقية حيث تقول تلك القناة بان عزة الدوري والذي اطلقت عليه نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السابق وتقول تلك القناة انه ارسل تأييد لمظاهرة الانبار وذكرت بانه ارسل ذلك التأييد من مدينة الحلة مع ان الجميع سمع بانه يتنقل بين حليفه السابق مسعود البرزاني الى كل من تركيا وقطر وتذكرت واقعة حصلت بعد التصدي للزعيم قاسم في شارع الرشيد ودخول البعثيين مرحلة جديد من عملية التخفي والاندساس واستثمار اجواء الحرية والديمقراطية للعمل من خلالها ضد ذلك النظام ففي تلك الايام جاء الزعيم الجزائري أحمد أبن بله الى بغداد على اثر انتصار الثورة الجزائرية وهبط في مطار المثنى الكائن بمواجهة محطة قطار غرب بغداد (الموصل والبصرة) وقد كتب البعثيون لافتة وضعوها في واجهة ذلك المطار بطول عشرة امتار وعرض مترين وبلون اسود وكتابة بيضاء مضمونها (حزب البعث العربي الاشتراكي يرحب بالزعيم العربي أحمد بن بله) وقد سأل أبن بله الزعيم قاسم هل ان حزب البعث مجاز لديكم فأجاب كلا ولكن جميع العراقيين يمارسون حرياتهم وهكذا يستثمر البعثيون الحريات التي تتاح للجماهير لينفذوا من خلالها الى مبتغاهم ويعطينا ذلك المثال صورة لما تبثه قناة الشرقية لتذكر بان الدوري لا زال موجود غير مبالية بالماضي القريب الذي ملئ خلاله الدوري وزمرته العراق بأحداث دموية ربما لم يمر بمثلها اي شعب من شعوب الارض وهذا ان دل على شيء فانة يدل على الوقاحة فهتلر كان قاسيا مع الامم الاخرى ولكن لم يكن كذلك مع الشعب الالماني الا ان حماقاته اوصلت ذلك الشعب الى الحضيض من خلال الاحتلال والتقسيم ولحد الان لم تمتلك المانية سيادتها وأن تعاملها مع الولايات المتحدة كدولة ناقصة السيادة حيث يقول (اديناور) رئيس وزراء المانية الغربية الاسبق قبل توحيد الالمانيتين عندما سألوه عن تسليح الولايات المتحدة للجيش الالماني اجاب (انهم يرسلون لنا طائرات الفانتوم ولكنها ما ان تطير حتى تسقط بطيارينا اللذين تم تدريبهم في الولايات المتحدة لسبب لا زلنا لم نعرفه) وعودة لأوضاع المظاهرات الحالية الان فقد تحولت بعض مطالب الساسة في العراقية الى ما يختلف تماما عن ما بداته تلك المظاهرات حيث طلب كل من اياد علاوي والمطلك صباح يوم 5/1/2013 بإقالة الحكومة وحل البرلمان واقامة حكومة موقته في حين لا يوجد مثل هذا النص في دستور العراق النافذ ونقل لي صديق كان حاضرا مظاهرة الانبار بقولة ان من يحملوا علم اقليم كوردستان هم جماعة ما تسمى بالطريقة النقشبندية وهم احد فروع القاعدة وسبق ان القي القبض على الكثير منهم في ما مضى لقيامهم بقتل العراقيين وقد ذكرت الشرقية يوم 4/1/2013 بان هذه الزمرة اصدرت بيانا بعد وصولها الى مظاهرة الانبار بقولها جاءت مسلحة لتقوم بحماية تلك المظاهرات طبقا لذلك البيان فأذن المخطط الغربي الذي تنفذه تركيا وقطر وصل العراق الان والله يحفظ العراقيون من شروره ومن يتكلم بربيع الثورة في العراق للأسف الشديد فهو يريد لهذه البلد ان يصل الى ما وصل اليه اليمن وسوريا طبقا للمخطط الأمريكي الإسرائيلي بان تحكم الاقطار العربية زمرة الاخوان المسلمين المتحالفة مع القاعدة ويقول المؤرخون المعاصرون ان القوى الغربية الممثلة بالولايات المتحدة والاتحاد الاوربي لم تحقق نجاحا باهرا طيلة نفوذها السابق في منطقة الشرق الاوسط ومنذ بداية القرن الماضي مثل ما حققته الان حيث يقتل العرب والمسلمين بعضهم البعض ويفسر ذلك بعض المحللين بان هذا ثارا لتفجير أبراج انيويورك وضمانا لأمن اسرائيل والمصالح الغربية حيث يتطلع اوردكان الحليف للكيان الصهيوني وبناء على وعود قطعها الغرب له على ما يبدوا بان سيكون خليفة عثماني جديد على المنطقة العربية ويرى المثقفون العراقيون ان على الحكومة العراقية ان تدرك بان بقايا النظام السابق تستثمر اي بصيصا ولو ضئيلا جدا من نسيم الحرية لتسلك من خلاله لمبتغاها وهذه هي السمة الغالبة على تلك الزمرة فهي مغرمة بالتسلل والاندساس والقيام بالانقلابات ومن يريد ان يتأكد من ذلك عليه ان يدرس كيفية حصول انقلابي 8/2/1963 و 17/7/1968 هذا من جهة ومن جهة اخرى فقد ترك ذلك النظام اثار لا زال العراقيون يعانون منها فكانت توجهاته الطائفية التي أضرت بهذا الوطن اقتصاديا وبشكل مخالف لمصالحه تماما فبعد ارتفاع ارباح مردودات النفط بدلا من ان يوسع صدام انبوب النفط الى البحر المتوسط عبر الاراضي السورية وهو قد اقيم منذ بدا استثمار الثروة النفطية في الحقبة الملكية وحيث انه اراد ان يضعف صمود سورية بوجه اسرائيل قطع النفط عن ذلك الانبوب واقام انابيب جديدة لنقل النفط من شمال العراق الى ميناء جيهان التركي وبكلفة (4 مليارات دولار) كما اقام خط ثاني لنفط الجنوب باتجاه ميناء جدة في السعودية والذي صادره اخيرا ال سعود اضرارا بالعراق فعلى الحكومة اعادة النظر ببقايا مثل هذه السياسية واعادة ضخ النفط الى البحر المتوسط عبر الاراضي السورية بعد توسيع ذلك الانبوب ووجدت من المفيد ان اذكر خبرا شاهدته في قناة صفا الوهابية يوم 5/1/2013 حيث تقول تلك القناة الوهابية التكفيرية ان السيد مقتدى الصدر قام بزيارة الشيخ عبد القادر الكيلاني خشية من الربيع العربي القادم للعراق وتخسئ تلك القناة فالعراقيون لا يخشون اي أمر ولكن مثل هذا التخرص يذكرنا بما يردده بعض العراقيين بما يسمونه بالربيع العربي في العراق فهؤلاء يذكرونها كقرينة لتعميق الحريات العامة في حين الوهابيين يذكرونها بوصول حكم الاخوان المتحالفين مع اسرائيل للحكم في البلدان العربية التي لم تصلها تلك الدعوات لحد الان .

Share |