هيّان بن بيّان / زاحم جهاد مطر
Sun, 6 Jan 2013 الساعة : 10:29

كل عام وانتم بخير ، كل عيد وانتم بخير ، ويأتي العام الجديد ، وعنه الخير بعيد ، ويأتي العيد الجديد ، بلا سعد او سعيد ، ومثل كل عام وعيد ، نضحك على انفسنا بالتأكيد ، ونحن نكرر ونردد ونعيد ، للكلام الفارغ الزهيد ، عام سعيد ، وعيد سعيد ، والأمور الى الوراء تسير ، والى الأسوء تصير ، وكلمات التغيير والتحرير ، تلاشت بين التفجير والتكفير ، والقتل والتهجير ، وكلمات التقدم والتطوير ، تبخرت بين الاختلاس والتزوير ، وسوء التدبير والتقدير ، والجهل والتبرير ، والله أعلم الى أين المصير ، ونهاية هذا المسير ، وقد صار ذهبنا ترابا ، ودارنا خرابا ، واحلامنا سرابا ، وأعدائنا احبابا ، وقتلتنا اربابا ، وحوارنا شتماً وسبابا ، وألسنتنا سيوفاً وحرابا ، وصار في جوفنا أوّام وأُوّار ، وفي رأسنا دوخة ودوار ، والكل يعمل بالكيد والأيد ، ويركل بالأرجل والأيدي ، وجاءنا مع المعجاج ، أراذل العجاج ، وسمعنا الجعجعة والعجعاج ، من البجباج النفاج ، الذي لا يعرف الله ولا صاحب المعراج ، واسمه هيّان بن بيّان ، ويدعي العلم والبيان ، والتقوى والايمان ، والاخلاص للأوطان ، والخدمة للانسان ، لكنه من أهل العفاط والضراط ، وقاطع للربّاط ، وسارق البساط بالسماط ، والخبز والبشماط ، شفّاط لفّاط ، خبّاط مخلاط ، خيره زائل ، وشره نازل ، بخيل بخّال في الفضائل ، كريم سخي في الرذائل ، وهو مثل أبو البرائل ، يملأ الحواصل ، ويموت وعينه على المزابل ، الخير في قلبه آفل ، والشرُّ فيه حافل ، فيه جوع قديم ، وطمع مقيم ، وطبع لئيم ، وكيد عظيم ، للقوي بصبص واخرمّص ، وللضعيف تجاوز وتربص ، ومن أكل الست تبلخص ، وفي إيذاء الآخرين تخصص ، ومن وعوده تملص ، وخلط الأمر وخبص ، ومن القوم خلص ، وعلى كل شيء قفّص ، وفي الشرِّ عمَّ وفي الخير خص ، ورضينا بالبأساء ، وتحملنا الشدة والضراء ، وكان لنا الجزاء ، البلاء والجلّاء ، فسيري الى الخلف سيري ، يا امة تتبع بول البعير ، وارفعي من شأن الأمير ، على حساب العبد الفقير ، وسلطي الجاهل البليد ، على العاقل الرشيد ، ودعينا نتبادل التبريكات والتهاني ، ونمني النفس بالأماني ، فامرنا فوضى ، وقومنا في ضوضا ، واختلط الحق بالباطل ، والعالم بالجاهل ، والبليد بالعاقل ، والخامل بالعامل ، والتافه بالمهم ، والبريء بالمجرم ، والجهل بالعلم ، والزنديق بالمؤمن ، والمسيء بالمحسن ، والقبيح بالجميل ، والدخيل بالأصيل ، فمتى نستيقظ ونستفيق ، ونوقظ ونفيق ، من هذا الاخدور وتستقيم الامور، هذا ما سأل عنه الخطّاط ، الذي احتاط وباط ، ووجد الجواب بالحروف والنقاط ، (حتى يلجُ الجمل في سَمِّ الخياط) ، وكاننا حكمنا بالمؤبدِ ، بالجهل الأبدي ، نرفع من قدر الجاهل الأجحد ، ونحط من شأن العالم الأجود ، واسمعوا ما يقوله الأفوه الاودي ،
فينا مَعاشِرُ لَم يَبنوا لِقِومِهِمُ *** وَإِنَّ بَني قَومِهِم ما أَفسَدوا عادوا
لا يَرشُدون وَلَن يَرعوا لِمُرشِدِهم *** فَالغَيُّ مِنهُم مَعاً وَالجَهلُ ميعادُ
كَانوا كَمِثلِ لُقَيمٍ في عَشيرَتِهِ *** إذ أُهلِكَت بِالَّذي قَد قَدَّمَت عادُ
أَو بَعدَه كِقُدارٍ حينَ تابَعَهُ *** عَلى الغِوايَةِ أَقوامٌ فَقَد بادوا
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ *** وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ *** وَساكِنٌ بَلَغوا الأَمرَ الَّذي كادوا
وَإِن تَجَمَّعَ أَقوامٌ ذَوو حَسَبٍ *** اِصطادَ أَمرَهُمُ بِالرُشدِ مُصطادُ
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم *** وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَت *** فَإِن تَوَلَّوا فَبِالأَشرارِ تَنقادُ
إِذا تَوَلّى سَراةُ القَومِ أَمرَهُمُ *** نَما عَلى ذاك أَمرُ القَومِ فَاِزدادوا
أَمارَةُ الغَيِّ أَن تَلقى الجَميعَ لَدى ال *** إِبرامِ لِلأَمرِ وَالأَذنابُ أَكتادُ
كَيفَ الرَشادُ إِذا ما كُنتَ في نَفَرٍ *** لَهُم عَنِ الرُشدِ أَغلالٌ وَأَقيادُ
أَعطَوا غُواتَهَمُ جَهلاً مَقادَتَهُم *** فَكُلُّهُم في حِبالِ الغَيِّ مُنقادُ
حانَ الرَحيلُ إِلى قَومٍ وَإِن بَعُدوا *** فيهِم صَلاحٌ لِمُرتادٍ وَإِرشادُ
فَسَوفَ أَجعَلُ بُعدَ الأَرضِ دونَكُمُ *** وَإِن دَنَت رَحِمٌ مِنكُم وَميلادُ
إِنَّ النَجاةَ إِذا ما كُنتَ ذا بَصَرٍ *** مِن أَجَّةِ الغَيِّ إِبعادٌ فَإِبعادُ
وَالخَيرُ تَزدادُ مِنهُ ما لَقيتَ بِهِ *** وَالشَرُّ يَكفيكَ مِنهُ قَلَّ ما زادُ