الاستقرار السياسي وليد إرادة دستوريه/المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني

Wed, 2 Jan 2013 الساعة : 19:20

 

لقد اثبتت العديد من المؤشرات والمعطيات المتداوله في الساحه الوطنيه أن استقرار العراق سياسيا بحاجة إلى الكثير من الوقت والجهود والتوافقات ذات الاهداف النبيله والصادقه حتى يصل إلى موقعه الأمن المستقر . الا ان ما يلاحظ ان بعض القوى والأطراف المضطربه ولاعتبارات عديدة تعمل وتمارس العنف والإرهاب لإعاقة العملية السياسية وهدم الاستقرار وتطرق ابواب المحن والويلات واحداث الثغرات واشاعة الثقافات التي تسوغ القتل وتبرر العنف. مع التاكيد ان الاستقرار السياسي في العراق وليد إرادة شعبية لمكوناته الاجتماعيه بعد ان تخلص من كل موروثات الماضي وتأثيرات القمع والاستبداد. فالاستقرار كما يراها الارهاب الرسمي يجب ان لا يستمر لكي يحتاج إلى مدى زمني وجهود متواصله للهدم بغية عرقلة كل المساعي حتى تنغرس بذورالفرقه وعدم الثقه بين افراد المكون العراقي في الفضاء الاجتماعي بنمو مضطرد وتوسيع دائرة سياقات التنافر الاجتماعي الا ان القوى السياسيه الصادقه تحرص على توفير متطلبات الدفاع عن المواطن والوطن بكل إلامكانات والقدرات المتاحه لكي ترسي أُسسها الصحيحه كسمة من سمات ألنظام الوطني والقيم السياسية الجديدة كي لاتكن هناك فوضى وعدم فهم للقوانين لان الجهه المسؤوله عن التشريع والالغاء هي بحاجة إلِى جهود متواصلة على أكثر من صعيد، حتى تصل إلى الخيار الفعلي لمتطلبات العمليه السياسيه التي تتطلب الكثير من الجهود من مختلف الفرقاء والأطراف حتى تكون حقيقة قائمة وراسخة في المشهد السياسي العراقي وفق المنظار الدستوري وهذا لا يعني أن الطريق سالك ومعبد للوصول إلى هذه الحقيقة بسهولة ويسر فهناك أطراف وقوى تعمل ليل نهار لإفشال هذه العملية وتتسارك قيادت الارهاب المسلح والرسمي الذي يعمل تحت مظلة الحصانه والتكتلات الحزبيه وذلك لاعادة اوضاع العراق إلى الاستبداد وهيمنة الفئات الطائفيه على مقدرات وثروات الوطن . فبعض القوى السياسية في العراق المدعومه من الخارج تحارب على جبهتين في آن واحد جبهة تفكيك النظام السياسي وشل الحياة المدنيه وتعتمد وسائل القتل والتدمير خلف الانظار لإعادة عقارب الساعة للوراء والاستمرار في هدم هياكل ومؤسسات الدوله العراقيه وتدعو لتكريس وغرس الكوابح والعوائق والدفع نحو العصيان المدني . صحيح أن كل طرف من أطراف المشهد السياسي العراقي لديه ملاحظات جوهرية على بعض الخطط التنفيذيه ولكن هذه الملاحظات لا ترتفع بخطاب الرفض المطلق لالكونهم شركاء بوزرائهم الا انهم يسعون الى توسيع المساحات المشتركة ولهدف طائفي مكشوف وهو الذي يخلق توافقات سياسية عميقة مع الاطراف المعاديه والربط مع البعض من دول الجوار لتغير النظام الدستوري القائم بالعراق بالقوه المسلحه مستغلين هدف الحكومه الهادف الذي يحترم راي المواطن الا ان تلك الزمر استغلت ذلك وفسر ضعفا ولا يمكن ان تخرج تلك التأثيرات والممارسات المعقده من اطارها المرسوم مسبقا وهذا ليس تبريراً لأوضاع العراق الحالية والسعي المستميت لتفكيك كل البنية التحتية وتقسيم الوطن. الا ان الهدف النبيل المطلوب هو العمل الجاد ببناء نظام سياسي وفق شروط ورؤية جديده وهذه العملية لا تتكفل بها قوى خارجية وأجنبية عن العراق وإنما هي مهمة العراقيين وحدهم. لذلك يخطئ خطأً قاتلاً ومميتاً من يعتقد أن بناء العراق تتكفل به القوى الاجنبيه لان العراق لا يبنى إلا بإرادة عراقية وسواعد عراقية .
إن النظام السياسي القائم بحاجة إلِى توافق عراقي داخلي لا يراهن على الأجنبي، بل يراهن على ابن البلد حتى لو اختلفوا في القناعات والمواقف. وليس ديقمراطية العصيان المدني والتظاهر الفارغ من محتواه والعراقيون جميعا يناضلوا معاً بكل أطراف مكونات الشعب العراقي وهم يتذكرون أن الحل لكل القضايا الشائكه ليست وصفة جاهزة أو حلاً سحرياً لكل المشاكل والأزمات بالرغم من ان النظام السياسي يضمن حقوق الجميع ويوفر إمكانية المشاركة الفعلية في البناء والعمران وتسيير المرافق العامة. الا ان تنافس الإرادات والتصارع يبعيد الوسائل السلمية الا ان الذي اتبع مسالك محتواها نزعات الشر والتخريب والهدم السياسي بدوافع تطويق رقاب العراقيون الابرياء من دون الاعتماد على بلورة وصياغة ميثاق وطني عراقي، يُحرم بشكل جازم ممارسة كل أشكال الإرهاب والعنف والتصريحات الرنانه والهجمات المشبوهه ومكافحة الفساد.لذا يجب أن يتنازل كل طرف عن بعض قضاياه وذلك من أجل خلق توافق وطني. وإن الساحة السياسية ليس لمكون دون غيره فحل البرلمان والدعوى للانتخابات هي وسيلة حسم الصراعات السياسية في المجتمع. فلكل طرف الحق الكامل في التعريف بقناعاته وأفكاره والتبشير بها وحث الناس على الالتفاف حولها. ولكن لا يجوز بأي شكل من الأشكال ممارسة القهر أو أساليب الإرهاب لتحريض المواطنين على القبول بهذه الأفكار أو التصورات. فالوسيلة الوحيدة التي تحسم الصراعات والتنافسات السياسية هي وسيلة الانتخابات وصناديق الاقتراع. فالبناء السياسي وضعت اسسه دستوربا وان الخلاف ينبغي أن لا يُدار بعقلية الاستئصال والاجتثاث، وإنما بعقلية التوافق والبحث عن المساحات المشتركة التي تساهم في تأكيد خيارات سياسية قائمة على المشاركة والفهم المتبادل ونبذ العنف بكل أشكاله ومستوياته وفقا للدستور . فالقوة المادية مهما كانت وحشيتها وشراستها فإنها لا تفضي إلى الأمن والاستقرار ولا تنهي الصراع السياسي بل تزيده توتراً وتأزماً. وهكذا فان السلطة السياسية في العراق لا يمكن أن تُدار من فريق سياسي واحد والواقع ان السلطة السياسية تتشكل من جميع الأطياف والمكونات وهي المحصلة النهائية وكما هي الان تعبير حقيقي وواقعي عن كل القوى الموجودة في المجتمع العراقي. لذلك فان جميع اطياف ومكونات الشعب العراقى شركاء فى ادارة حكم الدوله العراقيه كل من موقعه.
ويلاحظ ان الاستبداد السياسي الذي ساد العراق في الحقب الماضية، هو من جراء حكم فئة اجتماعية واحدة. ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في العراق وبناء سياسي جديد، بدون مشاركة جميع المكونات في السلطة والحكم السياسي. فقد ولى زمن أن تنفرد فئة واحدة بحكم العراق. لأن حكم فئة واحدة بصرف النظر عن نوعيتها وثقافتها وأيدلوجيتها يعني إنتاج حكم مستبد وهذا مستحيل فى العراق اليوم بحكم نظامه الدستورى ونظامه البرلمانى .ولهذا فإن السلطة السياسية الجديدة تتشكل من جميع الفرقاء لبناء دولة مدنية يشعر الجميع بالأمن فيها وتصان فيها حقوق جميع الأطراف ويشترك الجميع وفق رؤية وطنية جامعة في إدارة مؤسساتها وهياكلها الإدارية والسياسية والاقتصادية والثقافية وإن أية محاولة لاختزال السلطة السياسية في العراق أو تضييق قاعدتها الاجتماعية فإنها ستبوء بالفشل. صحيح أن الوصول إلى هذه التوافقات بحاجة إلى زمن وصبر ولكن الحل الصحيح لبناء العراق يتمثل بمشاركة جميع الأطراف باعتبار ان السلطات ممثله بالبرلمان كضمان ووسيلة ناجة لوحدة العراق. وعليه فإن الكثير من الطموحات والتطلعات التي ينشدها أبناء الشعب العراقي مرهون إلى حد بعيد على الطبيعه التي اقرها الدستور العراقي الضامن للاستقرار السياسى والامنى الذي هو وليد إرادة شعبية منسجمه ومتعاونه مع السلطات التنفيذيه وعلى وجه الخصوص المؤسسات العامه بعد المضي نحو التخلص من كل موروثات الماضي وتأثيرات القمع والاستبداد والارهاب وجرائمه وارساء نواة الاستقرار فى الفضاء الاجتماعى واصبح قادرا على الدفاع عن مكتسباته التى حققها فى كل الميادين وانتظم تحت مظلة الدستور وتبنى عملية غرس بذور الديمقراطيه وبرقابه الفرقاء والمحاكم المختصه حتى تبلورت الحقائق القائمة. وهذا لا يعني أن الطريق سالك ومعبد للوصول إلى هذه الحقائق بسهولة ويسر فهناك أطراف وقوى تعمل ليل نهار لإفشال هذه العملية . فالقوى السياسية البعض منها وتحت قبة البرلمان تحارب على جبهتين في آن واحد جبهة تفكيك البنية الثقافية والسياسية والاجتماعية لظاهرة الاستبداد في الحياة السياسية العراقية. وجبهة مقاومة الجهات والأطراف الإرهابية التي تعمل بوسائل القتل والتدمير وهناك معركة الشعب في كل لحظة ضد كل الكوابح والعوائق التي تحول دون البناء الديمقراطي. وعليه فإن انتخابات مجالس المحافظات المقرره في 1-4-2013 روعة من روائع السلم الاهلى المنظم وانه ليس نهاية المطاف بل هي خطوة ضرورية تساهم في غرس وتأكيد الخيار الديمقراطي والاستقرار الامنى والذى توج بوقوف قوى الامن الداخلى على مسافه واحده من كل الكيانات والاحزاب المتنافسه فى الانتخابات ولكن هذه الملاحظات لا ترتفع بخطاب الرفض المطلق. فالعمل السياسي وحده هو الذي يطور العملية الديمقراطية في العراق حتى الاطراف فى العمليه السياسيه وحفظا للمسيره الوطنيه والاستقرار السياسى اعتمدوا توافقات سياسية مضطربه . فالرغبة وحدها لا تخلق الاستقرار وإنما العمل المتواصل مع شركاء الوطن الذي يفضي إلى إمكانية تحقيق قيم البناء السياسي والاجتماع مع العمل المزدوج المتواصل لبناء النظام السياسي وفق شروط ورؤية لا تتكفل بها قوى خارجية وأجنبية وإنما هي مهمة العراقيين وحدهم. لذلك يخطئ خطأً قاتلاً ومميتاً من يعتقد أن بناء الدوله العراقيه الحديثه تتكفل بها القوى الاجنبيه و كما ذكرنا ان الدوله ومؤسساتها لا تبنى إلا بإرادة عراقية وسواعد عراقية وإن النظام السياسي عندما كان بحاجة إلِى توافق عراقي داخلي لا يراهن على الأجنبي كما يلاحظ بل يجب ان يراهن على ابن البلد حتى لو اختلف معه في القناعات والمواقف نعم قال الجميع لنتوافق ولنغلق الابواب بوجه الاعداء لان استكمال بناء الدوله هي قضية العراقيين وحدهم وعليهم أن يناضلوا معاً من أجل تحقيق ونجاح وارساء مرتكزاتها الدوله ولا يمكننا أن نتصور ان الديمقراطية في العراق بدون مشاركة كل أطراف مكونات الشعب العراقي ستكون ناضجه. وليتذكر الجميع أن الديمقراطية ليست وصفة جاهزة أو حلاً سحرياً لكل المشاكل والأزمات، ولكن النظام السياسي الذي يضمن الحقوق للجميع، ويوفر إمكانية المشاركة الفعلية في البناء والعمران وتسيير الشؤون العامة من دون تصارع الإرادات واعتماد الوسائل السلمية السياسية وانتهاج الصراع الايجابي الذي يظهر السلامه الوطنيه ويطوق كل نزعات الشر والتخريب هو بدوره سيبلور صياغة الميثاق الوطني عراقي وفق مبدا التوافق السياسي السليم والذى يقتضي أن يتنازل كل طرف عن بعض قضاياه وذلك من أجل خلق توافق وطني صادق وشكرا .
Share |