عدم رفع الحصانة البرلمانية واحداث الانبار الاخيرة والنفاق السياسي/عبد الامير محسن ال مغير

Sat, 29 Dec 2012 الساعة : 9:22

دأبت رئاسة مجلس النواب بعدم تنفيذ اوامر القبض الصادرة بحق بعض الاعضاء في المجلس برفع الحصانة عنهم خلافا لنص الدستور ومبدأ رقابة القضاء على مؤسسات الدولة ورغم ان التهم التي نسبت للبعض منهم ترقى الى مصاف الخيانة العظمى فيما يخص المساهمة في قتل العراقيين او اثارة النعرات الطائفية في المجتمع والتحريض على الاخلال بالنظام العام وان البعض من هؤلاء استثمر الحصانة البرلمانية واستمر بالتمادي مما اظهر المجلس النيابي كمركز لإثارة المشاكل وتأثير تلك المشاكل على الشارع العراقي بدلا من ان يكون اعضاء المجلس قدوة للمواطن الذي انتخبهم فالبعض منهم يظهر بشكل معكوس تماما والجرائم المتعلقة بأعضاء المجالس النيابية في المجتمعات الديمقراطية تنفذ اوامر القضاء بصددها مباشرة ودونما حاجة لرفع تلك الحصانة بحالتين في الجرائم المشهودة وهي التي تحصل على مرأى من الناس والثانية عندما يتأكد القضاء بان المجلس يتعمد عدم رفع الحصانة عمن طلب اجراء ذلك عنه فيتم اصدار امر القبض مجددا ويوعز الى السلطة التنفيذية بتنفيذه وما حصل يوم 28/12/2012 من قبل نواب من العراقية بتحريضهم علنا للجماهير ودفعهم اياها لما يخل بالنظام العام كقول حيدر الملا (ان لم تقم الحكومة بتنفيذ مطالب الجماهير سوف ترى ما ستواجهه بعد هذه المظاهرات) وجميع ما تبناه الساسة وبعض النواب تعتبر جرائم مشهودة ولا حاجة لطلب رفع الحصانة عنهم وممكن للقضاء ان يتخذ اجراءات بحقهم حفظا لأمن الدولة ولم يسبق لمجلس النواب العراقي ان اصدر قرارا برفع الحصانة عن احد اعضائه عدى المجرم محمد الدايني بعد هروبه والمؤلم حقا اننا شاهدنا في قناة روسيا اليوم نائبا اجبر على ترك مجلس النواب الروسي بعد رفع الحصانة عنه استنادا لقرار قضائي لثبوت امتلاكه لشركة تجارية باسمه ونتساءل كم في العراق الان من يمتلكون الشركات والمصارف وهم اعضاء في مجلس النواب ولهذا السبب تأخروا بتقديم استمارة الذمة المالية خشية فضحهم وان عدم رفع الحصانة ادى بنظر الكثير من المراقبين بتمادي بعض النواب بالخروج على مضمون الدستور والقوانين بعدما شعروا بوجود حماية لهم من قبل رئاسة المجلس واخطر ما في مثل هذا الموضوع تسببه بانتشار قيم مرضية في عموم المجتمع وتهديم القيم النبيلة بحكم ما يشتهر عن بعض النواب باقتراف جرائم الاختلاس وغسيل الاموال وتبني اجندات معادية حيث ان بلدان العالم الثالث يتأثر المواطن فيها بتصرفات الساسة وهذا يفسر لنا ازدياد اتباع قيم منحرفة ولو تتبعنا الاساءات العلنية والتي تعتبر من اخطر الجرائم التي صدرت عن بعض النواب ولم تتخذ بها اي اجراءات وهنا القائمة تطول جدا كالنائب السابق عدنان الدليمي والمجرم محمد الدايني وعبد الناصر الجنابي وغيرهم مع ثبوت مساهمتهم في جرائم الارهاب وتبني ذلك علنا والانسان اذا ما افتقر للالتزام الذاتي وعدم خشيته من الملاحقة القانونية فانه يتبع ما يحلو له والا كيف يفسر الرأي العام العراقي بمناداة نواب بإطلاق سراح السجناء ومن يسمونهم (بالحرائر) مع ان هؤلاء صدرت بحقهم احكام مكتسبة الدرجة القطعية من القضاء والدماء لا زالت تنزف يوميا من ابناء هذا الشعب واذا كان من يسمونهم بالسجناء الابرياء فإذن لم أصدرت المحاكم بحقهم تلك الاحكام وما تجري من قلاقل في الانبار اخيرا كشفت عن دخائل لبعض الساسة تثير الاشمئزاز بما انطوت عليه نفوس اشخاص يسمون انفسهم ممثلين للشعب كأحمد العلواني وسلمان الجميلي فالنائب الذي يشترك في العملية السياسية يتوجب ان يتحمل ما ينجم عن ذلك الاشتراك تجده يقلب الحقائق رأسا على عقب فمن يقترف جرائم من هذا النوع في المجتمعات الانسانية الاخرى يتبرأ منه حتى اقاربه ولدينا بالعكس فهؤلاء النواب يقودون ما يسمونه بالاعتصام ويطالبون الافراج عن المجرمين بحق هذا الشعب من نزلاء السجون مع ان قرارات احكامهم مكتسبة الدرجة القطعية كما ذكرنا ولا يمكن ان يجادل بصددها اي انسان لديه ولو ذرة من الحياء حيث يوم 23/12/2012 على اثر حادثة توقيف حماية العيساوي سمعت احد رجال الدين للأسف الشديد يقول (يجب ان يطلق سراح افراد تلك الحماية حتى وان ثبتت الجريمة عليهم) ويتساءل المرء ما الذي يجعل الامور تسير بهذا الاتجاه ويجيب بعض المراقبين ان اهم تلك الاسباب هو الاستهانة بتنفيذ القانون حيث سبق ان اقترفت جرائم بحق المال العام وافراد القوات المسلحة وربما يعرف الفاعل ولم تتخذ ضده الاجراءات كما ان هناك من يلقى القبض عليهم ويطلق سراحهم من قبل اجهزة تنفيذية وقضائية لقاء دفاتر الدولارات التي تدفعها السعودية وقطر مثلما يحصل الان تحديدا في مدينة الموصل وان هؤلاء على ما يبدو يقترفون الجرائم وهم مطمئنين حيث هناك من يؤمن لهم اطلاق السراح قضائيا او الهروب وقد طلبت الجهات القضائية برفع الحصانة عن (15) نائب وقسم من الجرائم المنسوبة لهم مخلة بالشرف كالإرهاب والاختلاس وغسيل الاموال وقام مجلس النواب بتشكيل لجنة لدراسة اوامر القبض تلك ومثل هذا الامر يثير الغرابة الى اعظم الحدود حيث ان مجلس النواب يتوجب عليه ان يرفع تلك الحصانة مباشرة ولا يحق له مناقشة القرار القضائي استنادا لمبدأ الفصل بين السلطات مما ولد قناعة كاملة بان ذلك المجلس يتعمد القيام بحماية اعضائه حتى المسيئين منهم وهذا ما يفسر لنا المسلك الذي اتبعه النائب احمد العلواني حيث ان النائب المذكور لو اردت ان تكتب عنه لتمكنت ان تكتب مجلدات ففي يوم 24/12/2012 ظهر يقود تظاهرات اثناء القلاقل التي حصلت في الانبار اخيرا ويحرض على الاخلال بالأمن العام واشاعة روح الكراهية بين طوائف المجتمع ويطلق على قطاعات واسعة من هذا الشعب عبارات نابية ومن العسير علينا ذكرها ولكن الجمهور عرف ذلك ثم خرج في القنوات الفضائية يوم 25/12/2012 ليقول ما نصه (لا صحة لما اشيع عني لتضليل الرأي العام وان الشيعة شركاؤنا في ثورة العشرين وفي ثورتنا الان ضد الظلم والدكتاتورية) ويجد القارئ ان هذا الرجل قد تجاوز جميع الحدود والقيم واحترام القانون فهو الان ينطبق عليه المثل القائل (كمن يكون عذره اسوء من فعله) ومع ان العلواني هذا لا صلة لما يزعمه بثورة العشرين لا من قريب ولا من بعيد ولكن اغرب ما في قوله (انهم شركاؤنا الان بثورة ضد الظلم والدكتاتورية) وانت لو عرضت اوضاع ما يمارس من حريات في العراق وانني ليس في باب الدفاع عن النظام فتأخذك الدهشة مما تسمعه فتلك الحريات تأخذ شكلا سائبا وغير منظم مطلقا وربما تكون هي احد اسباب ما يشجع احمد العلواني وامثاله لاقتراف هكذا افعال ضاربا بالأمن العام للدولة عرض الحائط ولو قارنت ما يتبع في بلدان تعتبر قد انطلقت منها مبادئ الحريات العامة وتكاملت فيها كبريطانيا مثلا لا توجد وجها للمقارنة بين ما يجري في العراق من صور تشبه الفوضى في هذا الجانب وما يجري في تلك البلدان الديمقراطية والعراق يتعرض الان لحملة من التشويه باسم ما يسمى بحقوق الانسان تتبناها جهات دولية واقليمية وقد عكس لنا وجه مزاعم حقوق الانسان تصرف المجرم فراس حسن الجبوري المدير العام لمنظمة حقوق الانسان في بغداد لشؤون تفتيش السجون والذي امعن ولفترة طويلة بقتل العراقيين وما يؤلم ويضحك بآن واحد بان قطر والسعودية ترفعان عقيرتيهما بالدفاع عن الحريات العامة في العراق مع ان جميع دول العالم تقريبا لا تفتقر للدساتير عدى كل من السعودية وقطر وما اتبع يوم 22/12/2012 كان يراد به جر العراق الى ما يشبه بما يجري في سوريا وعلى الحكومة ان تعي ان بعض الفئات السياسية في هذا البلد والذي خبر العراقيون وبتجارب طويلة الاساليب التي اتبعتها تلك الجهات لإثارة النعرات الطائفية وبالتالي فان الاستعداد وادراك ما يحيط بهذا الوطن من تآمر وبتوجيه من قوى دولية واقليمية يتطلب الاستعداد باجتثاث الارهاب اولا وبأسرع ما يمكن بغية التفرغ لمعالجة اوضاع المجتمع الاخرى وفي مقدمتها ما يضعه البعض من عراقيل امام تحقيق المنجزات الهامة على صعيد النهضة التنموية وفي كافة جوانبها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتسليح الجيش العراقي ومن مصادر متعددة وقد ذكر الشيخ الهايس في قناة الحرة يوم 24/12/2012 بقوله معلقا عن ما يجري في ما سمي بالاعتصام في الانبار (اننا نحذر هؤلاء بان يكفوا عن تعريض امن المحافظة للخطر والا سنقوم بعمل حاسم ضد ذلك واضاف بان هؤلاء هم الحزب الاسلامي والجيش الحر والقاعدة وسوف نستطيع ان نتعامل معهم) وفعلا كان المتظاهرون يحملون العلم العراقي السابق وعلم كوردستان من قبيل النفاق السياسي وعلم ما يسمى بالجيش السوري الحر ولم نرى في حينه مطلقا العلم العراقي الحالي بيدهم وبالتالي فان حفظ الحدود الغربية مع كل من السعودية وسوريا والاردن مسألة تعتبر غاية في الاهمية ولكنني اجد ومن باب الحرص على النظام الديمقراطي ومستقبل هذا الوطن ان امر وبسرعة بتجارب مرت بالعراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وتشبه الى درجة كبيرة ما نمر به الان من اتباع لأساليب الالتفاف والنفاق السياسي للإطاحة بذلك النظام الذي اتسم الى درجة كبيرة بالسمات الديمقراطية وكان يقوده رجلا نبيلا وقد اوقف نفسه لخدمة هذا الوطن وعلى اثر اعدام ناظم الطبقجلي ومجموعة اخرى من الضباط على اثر محاولة انقلابية حصلت مظاهرات في الفلوجة ايضا في حينه وتم قطع الطريق العام وبما يشبه ما حصل يوم 22/12/2012 والى درجة كبيرة الا ان السلطة تصدت لها فاتبعت استراتيجيات عديدة للتعامل مع الواقع آنذاك من قبل المتآمرين اخذت بوسيلة التخفي والخداع اما الاحداث الاخيرة في الانبار وبمفهوم هذا العصر والظروف التي تحيط بمنطقة الشرق الاوسط فهي تختلف اختلافا كبيرا عن ما حصل للنظام الديمقراطي لما بعد ثورة 14 تموز 1958 حيث واضح جدا ان القوى الدولية تدفع بالمنطقة الى حرب ضروس تستند اساسا الى الجوانب الطائفية وبالتالي يتطلب من القائمين على الحكم الان في العراق توطيد الامور بما يحفظ سلامة الوطن فعندما يتمعن المرء بمجمل الشعارات التي طرحت في المظاهرات في الفلوجة والرمادي يوم 28/12/2012 فأنها تكرر شعارات صدام واهازيجه وتحولت من مطاليب جماهيرية يوم 27/12/2012 الى طلب اسقاط الحكومة في اليوم التالي وهي تستهدف النظام الديمقراطي كليا وتروم ان تصل الى اقامة نظام كنظام صدام يدفع بالعراق والعراقيين الى حرب بالنيابة عن السعودية ضد ايران وان تلك الشعارات تلخص تماما ما تنطوي عليه نفوس من يقوم بقيادة تلك الجماهير ومن العسير جدا ان تقبل عبارات مشينة وليس من السهل ترديدها وبشكل جماهيري كمزاعم الاعتداء على عرض الرجال وهذا بنظرنا امعانا بالاختلاق وكأن هؤلاء الناس مر على عهد صدام مئات السنين ونسيت سوءات ذلك النظام بمقابره الجماعية وحروبه التي خلفت الاف الارامل والايتام وكأن هؤلاء يعتقدون بان سذاجة هذا الشعب تصدق تلك الاقاويل عندما يلوحون بعبارات ان تلك المظاهرة تمثل جميع العراقيين وقد اشتركت فيها جميع المحافظات ولكن القارئ الكريم يدرك زيف مثل تلك العبارات عندما تصدر من قناة كالرافدين وبغداد وعندما كنت اشاهد هاتين القناتين تذكرت قولا للشيخ الابراهيمي حيث يقول (ان بعض من تتعامل معهم الان يفوقون مروان وابن العاص مكرا وخديعة بمائة مرة) وان من يسمونهن بالسجينات اللاتي عذبن في سجن الكاظمية مع ان هذه الفرية لا اساس لها مطلقا فان قسم منهن قبض عليهن ضمن عمليات الاختلاس في البنك المركزي والتي تبنت لجنة النزاهة النيابية الدفاع عنهن علنا وقسم اخر محكومات لمساهمتهن بقتل مئات العراقيين ولكن ما يؤلم حقا انك تسمع الان وبوقاحة منقطعة النظير ولغايات مفهومة حول هتك اعراض (الحرائر) وانهن يتصلن من السجون كما يقولون مع انك لو زرت معتقل (اللية) في صحراء بادية السلمان حيث ترقد العائلة التي نفوسها لا تقل عن عشرة اشخاص في رقعة لا تتجاوز غرفة بطول خمسة امتار في اربعة ولا يوجد فيها مرافق مبنية من الحجر الصخري كما لا يوجد لها باب وفي الصيف لا تستطيع حتى الطيور البرية ان تعيش في تلك الاماكن اما في الشتاء فدرجة الحرارة تنزل الى ما دون الصفر بكثير حيث عوائل الدجيل وبلد الذين اخذ بهم الى هناك لمجرد ان صدام تعرض الى حادث اطلاق نار ولم يصبه شيء وقارن ايها القارئ الكريم مع ما فعله صدام وزمرته بالزعيم عبد الكريم قاسم الذي كان على حافة الموت عند اطلاق النار عليه في شارع الرشيد واعتق رقاب اولئك القتلة اما نساء الدجيل وبلد عندما سألتهن المحكمة هل تعرض احد منكن فاجبن بـ(كلا) وبرأينا ان هذا هو الشرف التليد وليس الزعم بحصول هتك عرض رجل كما كشف عمرو ابن العاص بعورته هاربا عندما هاجمه الامام علي (ع) في معركة صفين وفق رواية الدكتور طه حسين وبالتالي فالعراقيين امام نوع من البشر قلما يصادفك مثله في اختلاق القصص والروايات ومحاولة غمط الحقيقة وما لم يكن هناك وعي وادراك لمضمون مزاعم بان هؤلاء يمثلون جميع العراقيين ولا يستهدفون طائفة او قومية ويتكلمون باسم هذه المحافظة او تلك فهذا من قبيل النفاق السياسي وعلى الجميع ان يكون حذرا من ذلك وقد ظهرت شعارات تتكلم باسم كتلة الاحرار وكونهم شاركوا بتلك المظاهرات والعراقيون يطلبون من تلك الكتلة ان تكذب ذلك وتحدد موقفها بصراحة امام ما يواجهه العراق من مخاطر ولم تكن مسألة افراد حماية العيساوي سوى مسألة استثمرت للقيام بمثل هذا الفعل مع استغلال حالة التشنج بين الاقليم والحكومة وحلول زيارة الاربعين وفترة اجازة مجلس النواب الطويلة ويفسر جميع المراقبين ان ما اتبع من (تهويش) على اثر توقيف حماية العيساوي وقيادته لتلك المظاهرة جاء لغرض محاولة انقاذ نفسه من الورطة التي طوقته اما مزاعم الخدمات والفساد والتي يعكسونها على الحكومة عموما مع انهم يعتبرون المسؤولين بالدرجة الاولى عنها فهي لا تنطلي على احد فلا زلنا نتذكر كيف والى وقت قريب يقتل عمال التنظيفات التابعين لأمانة بغداد وتحرق الياتها وبالتالي مثل هؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي المعروف (يقتل الميت ويمشي بجنازتة) .

Share |