دراســـة في استراتيجية الأمام الحسين(ع)في أيصال تفاصيل معركة الطف الى الأجيال/نصير السلام الجابري
Sat, 29 Dec 2012 الساعة : 9:03

يتسائل المحققون عن الكيفية التي تم بها توثيق مجريات معركة الطف وسط صخب عشرات الألوف من الجند وصليل السيوف وصهيل الخيل واثارة النقع والغبارمن سنابكها .
كيف وثقت أراجيز الأبطال الذين برزوا الى المنايا وهم بالحالة التي وصلت الى اسماعنا من الأستبشاربلقاء الجنة والرسول الأعظم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام .
(أقدم حسينا هاديا مهديا ....اليوم القى جدك النبيا)اومن هم على شاكلة عابس بن شبيب الشاكري وزهير بن لقين وحبيب بن مظاهر والبقية من اصحاب الحسين (عليه وعلى اصحابه سلام الله )حتى وصفهم(ع) بابياته الشهيرة بابلغ واروع وصف عندما قال
قوم اذا نودوا لدفع ملمة والخيل بين مدعس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا يتهافتون الى ذهاب الأنفس.
والسؤال الملح هو كيف استطاع الحسين (ع)من ايصال كل هذه التفاصيل الى اسماعنا نحن الأجيال التي تفصلها أربعة عشر قرنا على هذه الملحمة البطولية الخالدة.
وللأجابة على ذلك من وجهة النظر المستقصية للأحداث بان السر يقع في محورين رئيسيين هما
أولا .الأجراء التعبوي العسكري الذي اجراه الحسين (ع) على جبهة المواجهة في ارض المعركة وذلك بتضييق الجبهة الى أقصى حد ممكن بعد مقاربة فساطيط وخيم المعسكر كي يكون قطر دائرة معسكره اصغر تحقيقا لأمكانية حفر الخندق المحيط به وملؤه بالحطب واشعال النار فيه عند شروع العدو بالهجوم منعا لمهاجمته من اكثر من اتجاه والذي كان يهدف منه الى تحقيق عاملين رئيسيين هما
أ.الأحتفاظ بالمبادأة التعبوية الدفاعية فيما اذا فرضت عليه المعركة بحيث يستطيع ان يتحكم بمجرياتها من خلال فرض القتال على العدو من جبهة ضيقه وهو ما تتطلبه
القوات الصغيرة المدافعةعند تعرضها لهجوم واسع وعدو متفوق.
ب.أطالة أمد المعركة الزمني من خلال أتباع هذا الأسلوب كي تتاح امكانية تسجيل المآثر لكل بطولة فردية اضافة الى اتاحة المجال الأعلامي لمسجلي حوادث المعركة كي تصل المحاججة والخطب وبيان حجم المظلومية لكل من لم يشهد احداثها وهو ما ادى الى نجاح الحسين في مقصده نجاحا باهرا اذ كان المؤرخون وقتذاك يعتمدون على ذاكرتهم في حفظ وتسجيل الوقائع شفهيا على العكس من الأجيال اللاحقة التي اعتمدت التسجيل بعد توفر وسائله من ورق واقلام والتي استطيع ان اشبهها بالمعتمد على الحاسبة في عصرنا هذا في العمليات الحسابيه, حيث ترى ان ذاكرته تركد مع طول اعتماده على الآله للدرجة التي لايستطيع معها من جمع رقمين بسيطين .وقد نقل لنا اولئك الرواة الكثير من التفاصيل التي جرت في معارك مماثلة في ذلك الوقت غير معركة الطف. ولو لم يلجأ الحسين (ع) لهذا الأجراء لعصف بمعسكره وأكتسحت قوته بكاملها مع أول هجمة من المعسكر المعادي بحكم التفوق العددي الهائل الذي لاتصح أي مقارنة بينهما ولقبرت ومحيت كل صور البطولة والأيمان التي قدمتها هذا الملحمة كمثل اعلى تستضيء بنوره الاجيال الى يوم القيامه ولما استطاع الحسين(ع)من القاء خطبه هو واصحابة التي حاول قادة المعسكر المعادي بكل مااوتو من حيلة حجبها عن الأسماع فبائوا بالفشل والتي افشلت بدورها كل محاولات تزييف الثورة او تغيير مقاصدها السامية.
ثانيا.المحور الثاني هو استصحاب الحسين (ع) لشهود الثورة وضحايا الأضطهاد الأموي معه الى كربلاء( رغم معرفته الأكيدة بما ستؤول اليه النتائج). ممن سيبقوا احياء وهم آل بيته الأطهاروعلى رأسهم ولده العليل(الأمام زين العابدين ع)وعقيلة البيت الهاشمي الكبرى (السيدة زينب ع) والتي أكملت الشطر الأخرمن ادوار الثورة بفضحها فساد الحكم الأموي وتآمره على الأسلام وخلفية رموزه الآثمة. الأمر الذي اغلق جميع منافذ تزييف الثوره بكافة مراحلها حتى يومنا هذا
ان ستراتيجية التخطيط البعيد المدى الذي رسمه الحسين (ع) لثورته الملحمية في مقاومة الطغيان والفسق وطلبه للاصلاح بتضحيته بنفسه واولاده وأخوته وبني عمومته وصحبه وعياله وبكل ما يملك.قد رسمت بعبقريةتتعدى حدود امكانيات العقل البشري العبقري الى مايفوقه من درجات الألهام الألهي وكيف لا وهوالأمام المعصوم و ابن باب مدينة العلم امير المومنين (ع)وابن سيدة نساء العالمين بضعة ابيها مدينة العلم وسيد الكائنات المصطفى الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فسلام على الجسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى كل من سار على درب الحسين الى يوم الدين.