لنضج السياسي بين النخبة السياسية والقاعدة الشعبية/عصام الطائي
Fri, 28 Dec 2012 الساعة : 15:01

كثير ما يوصف عامة الناس بوجود تفاوت عندهم في النضج السياسي بل قد تصل الى البساطة في حالات كثيرة الا انه نجد في بعض الاحيان قد يكون عامة الناس انضج سياسيا من النخبة السياسية بالاخص في القضايا التي تخص المحافظة على امن الوطن والمواطن سواء بالامن الاقتصادي او الاستقرار السياسي او الامور الخدمية وانه نجد تخلفا مقصودا او غير مقصودا لدى النخب السياسية والسبب لان النخبة السياسية التي تتجه نحو الميول الحزبية والقومية والطائفية الضيقة يفقدوا اهم الركائز في العمل السياسي فينشغلوا بالخلافات السياسية ويتناسوا اهم المطالب الشعبية في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي مما يجعل من القاعدة الشعبية تفقد ثقتها بالنخب السياسية وهذا ما يساعد في افشال أي تجربة سياسية فبعد ان اظهر الغرب بعد احداث الحادي عشر من ايلول للانسان الغربي بان المسلم يساوي الارهاب يبدو الان يعمل الغرب على اظهار فشل النموذج الاسلامي لدى الانسان المسلم نفسه وبعد ان فشلت كل التوجهات القومية واليسارية والسلطوية في عالمنا الغربي فالان يكمل الغرب مشروعه في افشال النموذج الاسلامي بل افشال أي توجه وطني حر.
وكثير ما تكون النخب السياسية هي من تساهم في افشال نفسها من حيث تعلم او لا تعلم بسبب سوء تصرفات القوى المشاركة او المعارضة فهي تتحرك وفق اطر ضيقة تجعل اجندتها الحزبية والقومية والطائفية هي المحرك في سلوكها السياسي مما يخلق المشاكل والازمات السياسية وهذه المشاكل والازمات قد تتحول بعد ذلك الى حالات من الاقتتال والنزاعات والاختلافات وهذا يدل ايضا على ضعف على من نصب نفسه مسؤولا ويدل على انعدام الرؤية الثاقبة لدى البعض منهم والسبب الذي يزيد من تلك المشاكل هي ابعاد الشخص المستقل النزيه عن اداء أي دور مهم فكل فئة سياسية تجعل من قواعدها الحزبية والقومية والطائفية هي الفئة المتصدية وهي تمثل العنصر الاكمل والافضل في ادارة الامور حسب تصورها وتعزل اصحاب القابليات الثقافية والعلمية الكفوءة مما يؤدي الى اضعاف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فيساعد على اتساع الفساد المالي والاداري والسياسي.
ومن المعلوم ان في بداية البشرية كانت النخبة من عامة الناس وهم فئة قليلة هي التي تؤمن بمبدا التوحيد والرسل والانبياء الا ان الفئة الكثيرة هي التي تسير في ركاب الطواغيت والظلمة الا اننا نشهد الان عكس ذلك حيث النخب السياسية القليلة المتخلفة منها هي التي تعرقل المسيرية الانسانية والحضارية بسبب المصالح الضيقة والتي تبعدهم عن اداء الدور المطلوب في الواقع مما يخلق كثير من التناقضات في الواقع السياسي وهذه التناقضات تخلق لدى القاعدة الشعبية فقدان الثقة بكثير من تلك التوجهات السياسية.
والذي يقرأ الواقع السياسي في عالمنا العربي يجد نفس المشكلة التي يعيشها أي قطر من تلك الاقطار فلا قيمة لاي تغيير ما لم تكن ارادة قوية على التغيير وان هناك كثير من المعوقات بسبب الضعف في ارادة التغيير والضعف في ارادة التغيرهي سببها الاهواء النفسية والامزجة التي تكون تابعة لتلك الاهواء وان وجود تلك الاهواء تضعف العزم على التنمية يقول الامام علي ع من قوي هواءه ضعف عزمه فيضعف عزم الانسان على ارادة التغييروان مجرد ادعاء التغيير لا قيمة له ما لم تكن ارادة في التغيير ولا يحصل التغيير بدون التنازلات .
وان هناك كثير من التجارب الانسانية ساهمت في بناء دول فهناك التجربة الالمانية كيف استطاعت ان تخرج من المازق التي عاشته خلال الحرب العالمية الثانية حيث استمرت اثنا عشر سنة في بناء البنية التحية فقط قبل المباشرة في البناء باي مجال اخر وان تكون من الدول المتطورة وهناك التجربة الدانماركية فهي استطاعت من خلال الاهتمام بالانتاج الحيواني ان تجعل من صناعة الالبان بان تقفز في عملية التنمية حيث يوجد الان هناك اكثر من 120 معمل لانتاج الالبان وان تكون من الدول المصدرة الى كافة انحاء العالم مع العلم انها لا تملك من الثروات المعدنية الا الشيء القليل عندها وهناك تجربة تايلند وسنغافوره والصين وماليزيا واندونيسا والبرازيل وتركيا وايران وغيرها من البلدان.
ولا يمكن اجراء أي عملية تنمية حقيقية ما لم تكن الفئة التي تشارك في الحكم والمعارضة على مستوى عال من النضج السياسي والوعي والاخلاص وان تبحث على كل انسان مخلص لا ان يبحث الانسان المخلص على أي انجاز يريده ان يحققه فلا يجد له أي مكان فيكون اما يرجع من حيث اتى او يصاب بالاحباط او يتجه الى اعمال ليس لها صله بعمله مما يسبب خسارة كبيرة لتلك الطاقات وهذا ما يحدث في العراق فان الكثير من تلك الطاقات معطلة ولا تجد الا فئة قليلة مخلصة وهذه الفئة المخلصة تحارب من قبل الكثير من اصحاب الاجندة السياسية المعادية لمصالح العراق .
وان هناك مساحة كبيرة في واقعنا يحكمها الجهل وان تغلف بغلاف العلم والمعرفة والذي يطلع حتى على مستوى الخطاب في كثير من القنوات الفضائية يجد مصداق ذلك يقول الامام علي ع ان اكثر العلم ما تجهلون فان الشك وسوء الظن وفقدان الثقة اذا كان حاكما في واقعنا فسوف يحصل تغييب الكثير لذلك نجد ان غياب وتغيب المثقف وصاحب التجربة والاختصاص والمخلص على مزاولة ما ينبغي ان يؤديه هو علامة من علامات تخلفنا السياسي والاجتماعي والثقافي مع انه ليس كل من يدعي الثقافة هو عنصر بناء بل قد يكون اداة في الهدم .
عصام الطائي