الوقوف على حافة مستنقع الخوف العراقي-جواد كاظم الخالصي
Sat, 2 Jul 2011 الساعة : 10:29

(بعد انقطاع لفترة من الزمن عن الكتابة بسبب احتضار الوالدة وانتقالها إلى رحمة التي سأفردها في مقال خاص حينما تقوى أناملي على ذلك ، أعود برسالة الحب هذه إلى كل العاملين على الساحة السياسية العراقية من أجل العراق وأهله وترابه.)
قد يبدو العنوان متشائما ويحمل في طياته الكثير من حالات الاسترجاع إلى الماضي القريب ما قبل الخمسة أعوام مضت عندما كان القتل بالمجان في الشارع العراقي ، فما أصبح صباح او تنفست الأحياء العراقية نسيم الفجر العليل حتى ترتسم أمام أعيننا مشاهد الموت والدمار والجثث الملقاة على أرصفة وشوارع بغداد هذه المدينة النائمة على ضفاف الرافدين دجلة والفرات نتيجة الاحتقان والتقاتل الذي غذّته الكثير من الدوافع السياسية وحماقات بعض السياسيين الذين تمرّسوا كثيرا في إطلاق تصريحاتهم حينما يريدون ترويض الأوضاع لمصالحهم الذاتية التي لا يمكن لها أن تنمو بعيدا عن هذه البيئة الرعناء وهي لا تُبقي ولا تذر حينما تتوهج عواملها وتعمل أدواتها لتحرق الكثير من الناس الفقراء والمظلومين من أبناء العراق البسطاء التي ما كانت لهذه الأساليب وسيلة لاختراق اللحمة الوطنية التي عاشها أبناء العراق فيما مضى.
الكل يعلم أن العراق ساده نوع من الهدوء الأمني الكبير خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة حنكة وذكاء بعض المخلصين السياسيين وتعاون الكثير من أبناء الشعب العراقي والعديد من علماء الدين الرافضين لمشاهد القتل والدمار ما أثمر عن نتائج جدية وحقيقية لبوادر الاستقرار التام في البلد (ما عدا بعض المشاكل التي تحدث هنا وهناك ربما تعكر الأجواء قليلا ) وهذا ما نقره بالفعل لكل هؤلاء المخلصين الذين يريدون الخير للعراق وأهله.
المشكلة اليوم أن هذه القلة من المشاكل والتي تكاد تكون محصورة في أماكن محددة يحاول البعض استغلالها والعبث بها من أجل إثارة الفوضى العارمة في البلد وذلك عبر التصريحات التي تكاد تكون قاتلة ليس بمعنى القتل الذي يمارسه المجرم في مسرح جريمته المحددة ليقتل ويهرب وإنما هذا القتل من نوع آخر يستبيح كل فئات المجتمع وكل تنوعاته المذهبية والعرقية لأن الكلمة مسؤولية ولابد من الوقوف عندها ألف مرة خصوصا عندما تصدر من أحد المسؤولين في البلد لأنه يمثل أرضية مجتمعية ينتمي إليها مكونه القومي أو الديني أو المذهبي وهذا ما يدفع إلى التزاحم على خلط الأوراق عندما نقوم على تأجيج الوضع بشكل عام لأن المرحلة السياسية لبلد مثل العراق حساسة جدا وناتجة من تراكمات قديمة حديثة صالحة وخصبة لتمزيق النسيج الوطني العراقي إذا ما علمنا أن الثقافة السياسية والعمل الديمقراطي لا يزالان مثل ليل كأنه طفل يحبوا ، فنحن لسنا في فضاء التحول الفرنسي إلى الديمقراطية العريقة، ولن يمر علينا خمسين عاما من تطبيق الحياة السياسية الصحية في بريطانيا، وبعيدين جدا عن ديمقراطية العالم المنفتح في أميركا. لذلك لا يمكن أن نبني بلدا على وفق التصريحات الرنانة والقاتلة للكثير من سياسيينا وهم يصدحون بها ليل نهار على فضائيات وفي صحف مكتوبة قد يكون الكثير منها يدخل في موسوعة الصحافة والإعلام الأصفر ، والأجندات التي عملت على تمزيق العراق من قبل وسائل الإعلام كثيرة جدا وخصوصا الإعلام العربي ومن ساعدهم من وسائل إعلامية عراقية خلال الفترة التي تلت سقوط النظام السابق!!! أليست هذه حقائق مرت علينا وهي تُطبِقْ على عقولنا ما دفع بعض السياسيين والدينيين لمنح عقولهم إجازة زمنية محسوبة في أجندته.
اليوم نحن نقف على مسافة قريبة من ذلك الماضي الأليم بكل تجلياته مع ما نلاحظه من صراع سياسي على الساحة العراقية، ولا بد لنا من رمي هذا الحمل الثقيل والسير بخطى متسارعة::::
من أجل العراق وأهله ،
من أجل الفقراء وما عانوه من عوز في لقمة العيش،
من أجل أطفالنا وغدهم ومستقبلهم،
من أجل شبابنا بناة مستقبل العراق ،
من أجل نسائنا وما مرّ بهنّ من حياة لازمت الحزن والبكاء والأنين على من فقدن"" لنزرع البسمة على وجوههن ونضمن لهن حياة أفضل كنظيراتهن في دول أخرى،
من أجل كبار السن من الآباء والأجداد الذين رَسَمتْ الأحداث أخاديد بانت على وجوههم ،
من أجل دجلة والفرات ليبقيا طاهرين لا تلوثهما جثث الموتى ويتغير لونه الصافي إلى حمرة الحقد والثأر والضغينة،
وأخيرا من أجل العراق وترابه الطاهر وهو يحتضن كل المقدسات وأضرحة الأئمة الأطهار والأولياء الصالحين ،،،
من اجل كل ذلك لابد أن يتعلم السياسي أن تصديه للمسؤولية ليس عبثا أو لعبا بالوقت ليقضيه ثم يذهب محملا بكيس من الأموال وكأنها غنيمة يبني بها نفسه ويؤمّن من خلالها مستقبله ومستقبل أبناءه وأحفاده ، لا يمكن أن نستغل العمل الخدمي الشريف لأبناء الشعب لتكون تجارة رابحة ملوثة بدماء الأبرياء وهو يثير في تصريحاته هنا وهناك جملة من المواجع ليكون الشعب في شغل شاغل حتى يسلب ما يريده من العراق.
ما أريد الإشارة إليه أن العراق وشعبه اليوم يقف على حافة مستنقع الخوف خصوصا إذا ما علمنا أن البعض يطلق تصريحاته لقصد أو دون قصد ليترك خلفه موجة من الزوابع التي تكتسح الطبقات المحرومة من هذا الشعب المظلوم ولا نعلم ماذا سنفعل حينها عندما تكون الزوابع رملية فتُعمي العيون أو مصحوبة برياح شديدة عاتية!! وعندها نقرأ على العراق السلام ،، فهل ينتبهون؟!!!! إنها رسالة حب خالصة إلى كل من هو داخل العملية السياسية ولديه الحرص على بلد حبيب أسمه العراق.