السياسيون… وفن خلق الازمات/منير حمود

Wed, 26 Dec 2012 الساعة : 22:48

 

كثيرا من الامم تفتخر بساستها اما لانهم استطاعوا النهوض بها من اسر التخلف والجهل والسير بها قدما لتكون في مصاف الدول المتقدمة كماهتير محمد في ماليزيا أوانهم حافظوا على بلدانهم من الخراب في ظروف صعبة مرت بها والامثلة كثيرة على ذلك .
اما في العراق فاننا لا نستطيع ان نفتخر اليوم بواحد منهم اذ لاتكاد ان تنتهي أزمة يتفنن في خلقها وتسويقها هولاء السياسيون حتى نجد أنفسنا في أزمة جديدة لايكاد السامع والمطلع عليها ان يصدقها لهول الارقام والحقائق وبالتاكيد سيل الوثائق والاتهامات والتهديدات بكشف المزيد واماطة اللثام عن اسماء المتورطين بتلك القضايا وهم يشغلون مناصب رفيعة في الدولة وقضية طارق الهاشمي خير مثال، حتى أصبح هولاء السياسيون لهم السبق في هذا الاتجاه دون منازع . والعراقييون قد تعودوا على سماع نغمات النشاز هذه التي تبتدي دائما بايقاع صاخب يتلاشى رويدا رويدا بعد الاتفاق مع هذه الجهة أو تلك والتي يطلقون عليها مصطلح التهدئة وبالمناسبة ان هولاء قد تفننوا ايضا بابتداع الكثير من المصطلحات اللغوية التي اصبحت محل تندر حال سماعها من قبل الرعية ( الشفافية،المربع الاول،الشراكة الوطنية وورقة الاصلاح التي طال الحديث عنها وتلاشت وغيرها الكثير )،واصبح يقينا لدينا من ان الهدف من وراء هذا كله هو مصلحة شخصية بحتة لذاك السياسي او ذلك التكتل الحزبي غير أن الواقع يقول بانهم مشتركون جميعا بتمسكهم بشعار (( الغاية تبرر الوسيلة )) حتى بدء للاسف ساستنا باتباع أفظع الطرق من أجل الوصول الى غايتهم والتنابز علنا امام الجمهور بأقسى العبارات فالكل يتهم والكل متهم والكل يؤكد على ضرورة التحقيق في تلك التجاوزات الخطيرة والوقوف أمامها بحزم الا اننا لانرى شئيا حقيقيا مما يقال والمساومات بين تلك الكتل السياسية يندى لها الجبين .
وحقيقة الامر ان هولاء السياسيين اصبحوا وابلا ثقيلا علىينا حتى مللنا طلتهم المتكررة المتعبة والتي لايملون منها ولامن فضائحهم التي تزكم الانوف ولايخجلون ابدا من تصرياحاتهم المتناقضة التي تصب فقط في تغذية مصالهم ومصالح الجهات الحزبية التي ينتمون اليها ، تلك التصريحات التي تستند دوما على مواد دستورية يفسرونها هم حسب رؤيتهم ومصالحهم الضيقة والتي تنطلي على البسطاء من الشعب،فالوطنية قد فقدت منهم دون رجعة ومايسمى بالفصل بين السلطات مجرد كلمات مكتوبة لا يحترمها الكثير منهم وهم يرون انفسهم دوما فوق القانون،والهئيات المستلقة أصبحت لعبة يحركونها كيفما شاؤوا .
أن التجربة المريرة التي عاشها العراقييون على مدى أكثر من ثلاثة عقود من التهميش والقرارات المتسرعة الشخصية التي أدت بالعراق الى الهاوية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والى حروب طائشة حرقت معها الاخضر واليابس في العراق وبعد عهود طويلة من التسلط ومحاربة الحريات كنا نتمنى من هولاء الساسة ان يكونوا بحجم المسؤولية وبحجم التطلعات الى مستقبل أفضل واصلاح العراق على المستويات كافة وبخاصة ان العراق من البلدان القلائل التي تستطيع على النهوض من جديد بفضل الامكانيات الكبيرة التي يمتلكها الا ان هولاء كانوا ربما الاكثر سواءا على العراق وبخاصة من الناحية الاقتصادية حيث بددت الاموال الطائلة التي تضمنتها الموازنات السنوية للدولة العراقية طوال السنوات العشر الاخيرة على مشاريع لم تكن في معظمها على مستوى التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق وبخاصة تلك المتعلقة بالبنى التحتية وموضوع الكهرباء خير مثال على تبديد تلك الموازنات الضخمة على ايدي هولاء بل أن بعض المشاريع وهمية ولا يخجل هولاء لفترات طويلة من التغني بها،فهمهم الاول والاخير مايدخل في حساباتهم المصرفية السرية ومايتاقضوه من رواتب اكاد اجزم بانها الاعلى في العالم دون ان يقدموا ماهو مطلوب منهم.
نتمنى أن لايفوت الوقت ونندب حظنا كعادتنا وان يستيقظ الشعب من غفوته وان تكون الانتخابات المقبلة فرصة للتصحيح واختيار الاشخاص المناسبين لكي ينهضوا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للعراق من جديد ،ونتمنى ايضا أن تكون الحكومة أكثر صارمة في محاسبة المقصريين وان يكون عملها مؤسساتي بشكل حقيقي بعيدا عن المصالح الضيقة ،وان يكون ساستنا على مستوى المسؤولية وان يكونوا ممثليين حقيقين للشعب الذي وضع ثقته بهم .
Share |