النجيفي بين مذهبه ووظيفته البرلمانية .. هل يحضر الوطن-وليد سليم
Sat, 2 Jul 2011 الساعة : 9:56

أثار السيد النجيفي رئيس البرلمان العراقي زوبعة كبيرة في تصريحاته التي أطلقها من واشنطن خلال اليومين الماضيين على خلفية خوفه أو قلقه على الطائفة السنية كما يسميها هو حينما قال إن السنة العرب إذا لم يحصلوا على حقوقهم وبقوا مهمشين فإنهم ربما يفكرون بالانفصال عن باقي مكونات العراق الأخرى.
قد يبدو الأمر غريبا عندما نسمع من السيد النجيفي هذا التصريح كونه في مركز يمثل العراق بكل ما يحتويه من اثنيات عرقية وطوائف دينية بل ابعد من كل ذلك فهو في مركزه الوظيفي يمثل كل ذرة تراب عراقية وما عليها من بشر يتنفس شهيقا وزفيرا،، ولكن لا يمكن أن نأخذ باللائمة عليه فالواقع العراقي اليوم يعج بالكثير من التصريحات الرنانة ذات العيار الثقيل وكأن هؤلاء الذين يتصدرون المسؤولية في البلد لا يعون نمط تصريحاتهم لكونهم لم يحاسبوا من قَبْل على تصريح هنا او هناك، فهم يفكرون في قرارة أنفسهم بأن التصريح لا يقدم ولا يؤخر حينما يطلقه اليوم في المساء لينساه الناس في الصباح وهذا يدل على عدم مسؤولية البعض في كل تصرف يقومون به لأن أمثال هؤلاء بكل صراحة يمثلون أنفسهم وهو ما يفكرون به فعلا لذلك فلا رادع لكل كلمة تخرج من أفواههم ، وعلى الذي يتصدر المراكز القيادية في الدولة ان يعتبر نفسه ممثلا عن كل الأصوات التي صوتت له لأنه ملك لهذه الأصوات وتعبير حقيقي لهم ولا يجوز القفز على هذا الجمهور الواسع كما لا يجوز الخروج عن رأي الجماعة ومشورتهم كما تعتمده الأعراق العربية وأعتقد أن السيد النجيفي وغيره ينتمون الى هذه الأعراق ولا بد من الالتزام بكل قواعدها فليس من الصحيح ان تقبل مضايف العرب شطحات أي شخص يعتبرونه واجهة من وجهائهم ويحسبون حساب كل كلمة قبل أن تخرج على اللسان ولذلك قال الإمام علي ع (ياليت رقبتي كرقبة الزرافة او هناك قول كرقبة البعير) من أجل تدبير الكلام قبل نطقه ويكون هناك فترة زمنية أطول قبل خروجه على اللسان وهذه هي سمات الحكام الذين يحسنون إدارة الدولة بكل توجهاتها.
هنا التساؤل يطرح نفسه لماذا التوقيت الآن ؟ ولماذا من هذا المكان بالتحديد ؟ علما انه زار الكثير من الدول قبل هذا الوقت، ولابد له في زيارته هذه مر بدولة أو دولتين مرورا إلى واشنطن عاصمة القرار العالمي وبالذات بعد جلسة طويلة مع السيد جو بايدن الخبير في التفتيت الجغرافي لدول العالم!! أسئلة تحوم حولها الكثير من الشبهات وعلى السيد النجيفي أن يوضح التداخل الذي وصلت إليه هذه القضية خصوصا إن قائمته تبرر له بأن التصريح اجتزئ ، وقد يكون مقتطع من حديث كامل.
لذلك من حقنا أن نتساءل كشعب ونخب ثقافية وكوادر علمية ولا نريد أن نقول السياسية لأن الكثيرين منهم يعتمدون تبويس اللحى عندما يشطح هذا المسؤول أو ذاك بتصريح أو فعل يقوم به ، فهل هناك مخطط يختبئ خلف هذا التصريح تعمل عليه دول كبرى باحثة عن أهدافها في خضمّ الآليات والاستراتيجيات الموضوعة لهذا الغرض، أنا لا أريد ان أشكك بنوايا السيد النجيفي ولكن عندما نلوم الكثيرين من أبناء الجنوب العراقي على طلبهم بالإقليم وليس الانفصال حتى أنهم اتُهموا بالانضمام الجغرافي إلى إيران واعتبرها البعض الآخر من من حكام الدول الأخرى بأنها هلال شيعي مخيف مرعب يمتد الى لبنان عابرا الدولة السورية، من كل ذلك ألا يحق لنا أن نلومك سيادة رئيس مجلس النواب عندما تفضّل الانفصال على فدرالية الأقاليم الدستورية وهو ما يدفع في الاتجاه إلى حواضن الطائفية البغيضة كالدول التي طالما أوغلت بدماء أبناء العراق طيلة السنوات الماضية بعد سقوط النظام السابق.
لقد وضع السيد النجيفي نفسه بين المذهب والوظيفة البرلمانية وما بينهما مساحة شاسعة وكبيرة تتمثل بروح الوطن والوطنية الحقيقية ، ومن خلال تصريحه هذا هل حضر الوطن بين هذين الخيارين؟ ربما نعم!! وربما لا!!! إلا أنني لا أشكك بنواياه الداخلية فهي ملكه وخاصته ، وأجزم أن الكثير من السياسيين يمتلكون نفس الروحية التي توغل في الطائفية والتمييز بين فئات الشعب العراقي وهذا حال الكثيرين منهم فلماذا لا نلوم الجميع لأن الكل من هذا الصنف يصدح على رأسه الببغاء كما صدح منذ أيام من واشنطن.