كل حال يزول / احلام ممنوعة -زاحم جهاد مطر

Sat, 2 Jul 2011 الساعة : 9:39

يا سادة يا كرام ، لكم مني تحية وسلام ، يقول الراوي في كتابه الحاوي ، ان أهل الولاية ، العامة منهم والخاصة ، وأهل العلم والدراية ، مع مرور الايام ، كرهوا كل الاحلام ، وعاشوا على الكوابيس عكس كل النواميس ، لان الحلم ممنوع والعتب مرفوع ، حيث قرر الوالي ، بفرمان عالي ، تسجيل أحلام الناس ، ورصدِها بكل دقة وقياس ، فتوزع الجواسيس في كل الانحاء ، وانتشرت العيون في كل الارجاء ، في المقاهي والحانات ، والبيوت والصالات ، حتى ثبت للعيان ، ان للحيطان آذان ، لمعرفة ردود الافعال ، من تصرف الوالي وزمرته الجهال ، ومن رأى حلماً في نومه ، عليه ان لايتحدث به لقومه ، لان هناك من يسمع ويراقب، وينقل الخبر ويشاغب ، وعندها يكتب التقرير، بأسوء شرح وتفسير ، ويساق المذنب المكبول، الى المصير المجهول ، لايسمع منه خبر ، ولايعثر له على أثر ، وهكذا سار الحال ، من حال الى أسوء حال ، حيث لامجال للاحلام ، في مدينة الاحلام ، والذي يحلم بالصدفة ، تجوز عليه الشفقة ، لانه ان تحدث بالحلم ، وقع عليه الجور والظلم ، كما حدث لصاحبنا المسكين ، محمد ابو تحسين ، ولنسمع مايسرد من اقوال ، وما رآه من أحوال ، يتحدث الرجل ، بخوف ووجل، وبكلام يطول حيث يقول : في يوم من الايام ، حلمت بالولاة والحكام ، فرأيت الوالي الحالي ، على كرسيه العالي ، يصرخ وينادي ، على أهل البلاد انقلب عليَّ رجالي ، وسلبوا مني عرشي ومالي ، وتنكر لي أهلي وعيالي ، بدعم من العبيد والموالي ، فأفقت فزعاً ومضطرباً ، وجلست متفكراً مكتئباً ، ونهضت زوجتي اللجوجة ، وعملت لي اهزوجة ، (سهران ليلك ، مهدوم حيلك) لصاحبة الأثر ، عفيفة اسكندر ، وهي تظن وتقرر ، بان خليلة لي سبب السهر ، وانا لعلمي بالنساء ، فلا أستطيع الافشاء ، وبقيت تولول وتصول وتجول وتصرخ بأعلى صوتها وتقول : علّمني بإسم هذه الغانية ، الفاجرة الزانية ، وانا أكتم ما في نفسي ، وأفكر في موتي ورمسي ، واقول مايقوله المثل ، بكل جد لا هزل (عرب وين ، طنبورة وين) ، فانتظرت الصباح الرباح ، الى ان صاح ديك الصباح ، فخرجت الى المقهى لأبث لصديقي الشكوى ، انتظرته الى ان جاء ، وبعد شرب الشاي بعد الماء ، دقق في وجهي ونظر ، تمعن كثيراً وتفكر ، وبادر بالسؤال ، عن سوء الحال ، ولأزيح الثقل عن صدري ، فقد فوضت الله أمري ، وحدثته بكل التفصيل ، عن مجريات الليل الطويل ، وبعد ساعات ودعت صديقي ، وانا سائر في طريقي ، واذا بكتيبة من الرجال من كل الالوان والاشكال ، ، بازياء مختلفة ، واصناف غير مؤتلفة ، وقبل أي سؤال او استفسار ، أشبعوني من الضرب قنطار ، وشدوا الايادي والرجلين ، وكوروني في كيس طحين وحُشرتُ في صندوق سيارة ، وتحركت بسرعة الطيارة ، وبعد طول سير ، توقف المحرك عن الهدير ، رُميتُ على أرض صلبة ، دون صخب او جلبة ، ثم أحدهم جاءني ، والى مكان آخر قادني ، كانني مجرم قاتل ، او سفاح سافل ثم ربطني على كرسي مشحون وباغتني بضربة على العيون ، فانساني اسمي ، ونفسي ورسمي ، وجرى ذلك مرات ومرات ، حتى كرهت الذات ، ولعنتُ اليوم الذي وُلدتُ فيه ، والزمن الذي عشت فيه ، لا أرى من يكلمني ، وبين فينة واخرى يركلني ، واختلطت عندي الاوقات ، وتاهت لدي الساعات ، فلا أعرف الليل من النهار ، ولا الجهار من البهار ، الى ان جاءني المدعو كريم ، وقال الآن يبدأ السين والجيم ، انا أبو طيبة وكنيتي ابو ذيبة ، اقطع رؤوس الرجال كالعصافير ، العامة منهم والمشاهير ، فالاحسن لي ولك ، ان تخبرني بمن كان معك ، قلت سيدي ، حلم رأيته وحدي ، ولم يكن أحد معي في موردي ، وجاءتني ضربة فجائية ، افقدتني الوعي بصورة نهائية ، وبعد كم من الوقت ؟ لا أعلم ، وجدت نفسي في مكان أظلم ، الجو بارد وجاف ، ولا يوجد غطاء او لحاف ، وبقيت على هذا المنوال ، أيام وليال ، ومن ها المال ، حمل جمال ، كما تقول الامثال ، وقضيت ثمانية عجاف ، حتى وهنت الاطراف ، وتهدلت الاكتاف ، ومسحت الارداف ، ومن الركل والضرب ، ضعف القلب ، والعيون جاحظة ، والصحة نحو الهاوية راكضة ، وزوجتي تشمت بي كل صباح ومساء ، ومن باب السخرية والاستهزاء ، تقول هذا جزاء سنمار لكل من لايبوح لزوجته بالاسرار ، وهكذا يا سادة يا كرام ، ترك صاحبنا المنام ، حتى لا يفاجئ بحلم ، ويضمن لحياته السلم ، وكثيرون من أمثاله ، ومن على شاكلته واحواله ، اضربوا عن الجلوس ، في المقاهي ومجالس الدروس ، وهناك من فضّل الأرق ، لانه أفضل من الخوف والقلق ، هذا بعض ماجرى ، في ولاية رجعت القهقرى ، ولكن الدنيا يومان ، عند العاقل والنبهان ، يوم لك ، ويوم عليك ، فان كان لك فلا تغتر ، وان كان عليك فاصبر ، لان هذا يزول ، وذاك يزول ، وكل حال يزول ، والى مقام آخر ، في يوم آخر ، وفي نهاية المقام لكم مني أجمل سلام .     
 

Share |