بين الصادق والكاظم عليهما السلام درس فكري علمي-سامي جواد كاظم

Sat, 2 Jul 2011 الساعة : 9:37

التجديد هي السمة الطاغية على كل مفردات الحياة وبمختلف مجالاتها والاكثر تاثيرا في الحياة البشرية هو التجديد للخطاب الفكري لاي فكر او معتقد من اجل ان يصارع الافكار المستحدثة ويثبت احقيته وافضليته في سيادة الافكار التي تسعى من المفروض الى هدف واحد وهو الارتقاء بالانسان وفق الطرق السليمة من غير غمط حقوق الاخرين هذه الغاية هي المعلنة فنجد بعض الايديولوجيات تستخدم هذه الغاية مطية للوصول الى غايات شخصية ضيقة والبعض منها تكون صادقة والاصدق من بينها هو الخطاب الاسلامي وطالما ان هنالك مدارس للتعبير عن هذا الخطاب فان مدرسة اهل البيت عليهم السلام هي الاصدق في التعبير عن الرؤيا الالهية لقيمة البشرية من خلال كلمات الله عز وجل في محكم كتابه ، ومن هنا فان تجديد خطاب اهل البيت موكل باهل البيت عليهم السلام لهذا نجد ان الادوار التي مر بها الخطاب الاسلامي الامامي الاثني عشري مر بمراحل تطور من خلالها مع وجود الامام المعصوم .

الان نحن نعيش في عصر الغيبة ولا بد لنا من اثبات ان خطابنا متجدد ويواكب العصر فما علينا الا التدبر والتباحث في كلمات اهل البيت عليهم السلام التي من خلالها يتطور الخطاب ولان القران معجزة خالدة وانه الى يوم الساعة فيه ما تحتاج البشرية اليه فهذا يحتم لنا اثبات ذلك للاجيال التي بدات تتاثر بافكار غريبة وقتية تلبي طموحات النفس البشرية دون عقولهم .

الامام موسى بن جعفر عليهما السلام ونحن نعيش ذكرى استشهاده فان اغلب الذين تناولوا هذه الذكرى تحدثوا عن ماساة الامام وبعض محطات حياته التي كررت في كل مناسبة من غير الالتفات الى الجوانب الفكرية العلمية لخطاب الامام عليه السلام الذي يترجم لنا مفردات حياتنا الان ويلفت انتباهنا الى نكات نحن غافلون عنها .

هذه الرواية التي وقفت امامها بتاني دلتني على كثير من الجوانب الفكرية التي تزيل الاستفسارات التي قد تراودنا اذا ما اعترضتنا حالة نقول عنها شاذة .

الرواية تقول : "أن عيسى شلقان قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عن أبي الخطاب، فقال لي - مبتدئا من قبل أن أجلس -: يا عيسى ما منعك أن تلقى ابني موسى فتسأله عن جميع ما تريد ؟ ! قال عيسى: فذهبت إلى العبد الصالح عليه السلام وهو قاعد في الكتاب، وعلى شفتيه أثر المداد، فقال لي - مبتدئا -: يا عيسى إن الله أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية، فلم يتحولوا عنها أبدا وإن قوما إيمانهم عارية، وإن أبا الخطاب ممن اعير الايمان ثم سلب. فضممته إلي وقبلت ما بين عينيه فقلت: " ذرية بعضها من بعض ". ثم رجعت إلى الصادق عليه السلام فقال لي: ما صنعت ؟ قلت: أتيته فأخبرني مبتدئا من غير أن أسأله عن جميع ما أردت أن أسأله. فعلمت عند ذلك: أنه صاحب [ هذا ] الامر. فقال: يا عيسى إن ابني - هذا الذي رأيت - لو سألته عما بين دفتي المصحف لاجابك فيه بعلم"

ان الامور البديهية التي تلفت انتباه القارئ هي الملكة التي يتمتع بها المعصوم في قراءة نفوس الغير ومعرفة ما يرومون اليه من سؤال وهذا الامر اصبح من المسلمات والمهم في هذه الرواية هو تسقيط ابن الخطاب ـ محمد بن مقلاس الاسدي ـ حيث ان لهذا الرجل احاديث منسوبة الى الامام الصادق عليه السلام البعض منها موضوعة من قبله مما ساعدت المخالفين لفكر اهل البيت عليهم السلام بالاستشهاد برواياته للطعن في المذهب لانه كان موالي لاهل البيت ابتداء ومن ثم انحرف ، والامر الاخر هو التعليل الرائع الذي ذكره الامام الكاظم عليه السلام لحالة ابن الخطاب حيث اننا نشاهد كثير من الشخصيات التي تتمتع بالعلم والايمان والورع بل انها من عائلة مشهورة بالعلم والورع فاذا به ينقلب الى انسان فاسق او غير ملتزم ولايبالي بما كان عليه من ايمان ومثل هذه الحالة عللها الامام عليه السلام بان مثل هذا هو من المعارين الذين اعيروا الايمان فلم يعتنوا به فسلبهم اياه الله عز وجل وهذه هي النعمة التي يمنحها الله عز وجل للانسان لتسهل له المضي قدما للايمان بالله عز وجل وبما جاء به كتابه .فلا غرابة اذن اذا سمعنا ان ابن العالم الفلاني او اخيه ممن انحرف عن الطريق فالايمان يعار لا لنسب او قرابة بل انه لطف الهي ليختبرنا من منا يصون الاعارة ويتمسك بها حتى لا تتلوث .

واخر ما جاء في الرواية وهو استدلال علمي شامل لكل العصور عندما قال الامام الصادق ( عليه السلام ) " لو سألته عما بين دفتي المصحف لاجابك فيه بعلم" فكلمة بعلم وحصرت بالقران الكريم يعني ان الاجابة العلمية هي اقناع الطرف المقابل طبقا للعلوم التي تنتشر في ذلك الزمان وحصر هذه المادة العلمية بانها في القران الكريم فانها تعني لابد لنا من التدبر في ايات القران الكريم وانه الصامت واهل البيت الناطق وهذا يؤكد حديث الثقلين . بعلم وليس بسرد تاريخي معولا على الاعجاز والتعبد دون العلم الذي اصبح هو الفعال في عصرنا هذا اكثر من غيره وحتى نثبت للغير بان الخطاب الاسلامي الامامي متجدد مع العصر فهذا يحتم علينا التمسك بالقران ودراسة مراحل تطور خطاب اهل البيت عليهم السلام واستنباط القواعد الفكرية العلمية التي نعتمدها في النقاش لنواكب هذا التطور
 
 
 

 
 

 
 
 

Share |