الساسة الامريكيون والمشروعية الدولية/عبد الامير محسن آل مغير
Sat, 22 Dec 2012 الساعة : 11:19

تستند المشروعية الدولية في عصرنا هذا الى الالتزام بنصوص ميثاق الامم المتحدة ومجلس الامن ومضامين المعاهدات والاتفاقيات بين الدول التي تقرها النصوص المذكورة وبنظر اغلب المحللين ومؤرخي احداث هذا العصر فقد صادرت الولايات المتحدة تلك المشروعية من خلال خروجها علنا على احكام القانون الدولي لانتهاكاتها المتكررة لسيادة الدول وبمزاعم تفتقر الى اسس تلك الشرعية وعدم الالتزام بتلك النصوص في تعاملها مع اسرائيل علنا مما حمل الكثير من فقهاء ذلك القانون قولهم بأن لم يعد للولايات المتحدة اساسا بادعائها للريادة الدولية الناجمة عن كونها دولة دائمة العضوية في مجلس الامن لخروجها الكامل على مضمون احكام نصوص ذلك المجلس ومن اهم ما يوفر الاستقرار والسلام الدوليين هو مراعاة تطبيق تلك النصوص التي تضمنت بعدم اعلان الحرب او التهديد بها اتجاه الدول الاخرى الاعضاء في الامم المتحدة وقد مارست الولايات المتحدة مختلف اوجه الخروج على تلك النصوص وكان اخرها تجسد بأنها اول من قام بمهاجمة دولا عدة دون اخذ موافقة مجلس الامن ومثل هذا السلوك يعتبر حالة من حالات الحرب أما حالة التهديد بالحرب هو ما تمارسه الولايات المتحدة وباعتراف كبار المسؤولين فيها بأنها تحرض وتمول الارهابيين اللذين يخوضون حربا بالنيابة عنها في سوريا وقيامها بوضع صواريخ باتريوت على الحدود السورية التركية وأسوء تصرف لدى الولايات المتحدة بالخروج على المشروعية الدولية بنظر فقهاء القانون الدولي ما اتبعته اخيرا بدفع وتمويل العصابات الارهابية وزجها منتهكة سيادة دول مستقلة اما اتخاذها قرارا وكما تدعي بدرج عصابة جبهة النصرة في القائمة السوداء بعد ان عاثت تلك العصابة فسادا في الارض بحق الشعب السوري وطبعا لم يأخذ كل من شيخ قطر وال سعود وتركيا بما زعمته الولايات المتحدة وهذه الدول مستمرة بدعم العصابة المذكورة وأصبحت الولايات المتحدة ألان بنظر فقهاء ذلك القانون قوة غاشمة تحاول أن تحكم الكرة الارضية وفق مصالحها وما على الاخرين ألا ان يلتزموا بما تطرحه من رغبات وبرأي اغلب المحللين بأن مثل هذا التفرد والغطرسة ساهمت الى درجة كبيرة بظهور قطب دولي ثاني تمثله روسيا الاتحادية والصين وهما دولتين محبتين للسلام ومناصرتين لحقوق الشعوب ومع ان الرئيس اوباما كان ضد تورط الولايات المتحدة في حربي العراق وافغانستان وهذا ما كرره من خلال حملته الانتخابية ورغم ان الخطط الامريكية طويلة الامد عادة الا انها تكون مرنة وتتراجع أحيانا بنظر الكثير من المحللين طبقا لما تواجهه لذا فأن الولايات المتحدة ادركت الان خطل سياستها الخارجية على اثر ما نجم من نتائج اخيرة لما سمي بثورات الربيع العربي ورغم ان جميع ما صرف من كلف على تغيير تلك الانظمة قام بدفعها شيخ قطر وآل سعود حيث هذين النظامين تخيفهم امريكا بما تسميه بالخطر الايراني الا ان أولئك المحللين يقولون بأن الرئيس اوباما هو الان في دور اعادة النظر بمسيرة امريكا السياسية على الصعيد الخارجي واذا صح ما نشرته وكالات الانباء من اختياره للسيد (جون كيري) لوزارة الخارجية فهذا يرجع بنظر أولئك المحللين الى ان جون كيري عرف عنه بأنه ناشط سياسي ضد الحرب ويعتقد هؤلاء المحللين بأن ما تواجهه الولايات المتحدة في سوريا يعتبر عقبة كأداء بوجه سياستها في الشرق الاوسط خصوصا بأن وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا ( فايبوس وهيك) يظهرون بأنهم على عجلة من امرهم برغبتهم بسرعة التدخل في الشأن السوري وهو ما صرح به كاميرون رئيس الوزراء البريطاني يوم 15/12/2012 بقوله علينا تصدير الاسلحة الى المعارضة في سوريا ومثل هذا القول يفرز معطيات عدة منها ان هاتين الدولتين تخرجان علنا على مضمون ميثاق الامم المتحدة بإعلان حالة الحرب على دولة عضو في تلك المنظمة في حين يرى بعض المحللين بان تصدير تلك الاسلحة من بريطانيا وفرنسا هي فرصة لهاتين الدولتين لبيع تلك الاسلحة لقاء تلقي اثمانها من شيخ قطر وال سعود كما انهما يعلنان توجها مناقض للتوجه الامريكي اذا كانت الولايات المتحدة صادقة فيما تعلنه بأنها ووفق الاجتماع الذي حصل أخيرا بين ممثلين روس وامريكان وحضره السيد الابراهيمي لوجود توجه نحو الحوار لحل المسألة السورية ومع ان المصداقية لدى الساسة الغربيون قد تأثرت كثيرا وعلى رأسهم الولايات المتحدة وافتضح امرها فيما يتعلق بقضايا الشرق الاوسط حيث التناقض الواضح بين تصريحات اولئك الساسة بالجنوح نحو الحل السلمي تارة واصدار اوامرهم الى عملائهم في المنطقة باستمرار دعم الاعمال المسلحة في سوريا بالمال والسلاح تارة اخرى واتضح ذلك التخبط من خلال اعتبار (جبهة النصرة) منظمة ارهابية من قبل الولايات المتحدة ودرجها على القائمة السوداء في حين تؤكد وكالات الانباء وكما ذكرنا بأن كل من قطر وآل سعود مستمرين بدعم هذه المنظمة و هذا التناقض الحاد بتصريحات الساسة الغربيون يعكس في حقيقة الامر اثار الازمة الاقتصادية الخانقة فالرئيس اوباما وابان حملاته الانتخابية يركز على اعطاء الاولوية لنهوض الاقتصاد الامريكي وهذا لا يحصل الا بالابتعاد عن التورط بأي نوع من الحروب ولحد الان يقتصر دور الولايات المتحدة بنظر اغلب المراقبين للأحداث على التحريض والتهديد والتشجيع حيث تدفع بحلفائها الاوربيين وعملائها في المنطقة بإنجاز ما مطلوب لدعم الارهاب في الاراضي السورية وفي يوم 15/12/2012 أعلنت ارسال بطرية صواريخ باتريوت الى الحدود التركية السورية ويعتبر قائد قوات الناتو بأن تلك الصواريخ للأغراض الدفاعية عن تركيا وطبعا ان مثل هذا السلوك تعتبر فيه امريكا شريكة في الحرب فقبل عام تقريبا طلب اوباما من اوردكان التمهيد لإيجاد عملية انتقالية للسلطة في سوريا وكل ما قام به اوردكان ان ارسل وزير خارجيته أوغلوا الى رئيس اقليم كوردستان العراق لتكليفه بهذه المهمة حسب ما يعتقد اولئك المراقبين ولم يستطع رئيس الاقليم انجاز مهمة خطيرة كهذه وامام ابعاد الاخطبوط الصهيوني الساعي لتحقيق مصلحة اسرائيل أولا والذي في حقيقة الامر تنفذه امريكا فأن اللاعبين الثانويين يحاول كل واحد منهم ان يستفيد من هذه الفتنة في سوريا وعلى حساب اللام شعوب هذه المنطقة فالفرنسيين والبريطانيين يحاولون تخفيف وطأة الازمة الاقتصادية التي يعانون منها من خلال دس انوفهم في مشاكل هذه المنطقة ولعلهم يصلون الى تمشية بعض صفقات الاسلحة على دولها النفطية في حين السيد اوردكان يحاول ان يعيد أمجاده تغطية على فشله بعدم انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي واما كل من آل سعود وقطر فأنهما يعتقدان حماية لنفسيهما من الانهيار ضمن عاصفة ما سمي بربيع الثورات العربية من خلال تسابقهما بأداء الخدمة لإسرائيل وان بوادر عمليات التصحيح التي تجري الان من قبل الشعوب في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن وارتفاع وتيرة الاحتجاجات في السعودية والثورة التي تجتاح البحرين وصمود الجيش العربي السوري بوجه الغزاة ستنجلي عن كل ذلك صفحة جديدة تتمثل بالوقوف بوجه اللصوص الدوليين من سارقي ثروات وخيرات هذه الشعوب وقد دون المثقفين العرب ومنذ النصف الثاني للقرن الماضي ولحد الان تحديد أساليب الولايات المتحدة في التعامل مع شعوب هذه المنطقة بواسطة ادوات تمكنهم من شعوبها سواء حكاما لدول تابعة لها او شخصيات سياسية يمكن استمالتهم بأساليب شتى وقد سمعت قبل ستة اشهر تقريبا في مقابلة للسيد (ميشيل كيلو) وهو يطلب من معارضة الخارج السوريين السفر الى دمشق والتفاوض مباشرة مع الحكومة السورية حفظا لدماء ذلك الشعب وتجنبا لهدم ما بنته الاجيال السورية فيما مضى كما يقول الا انه يوم 20/12/2012 سمعناه في مقابلة له وقد تغير كليا في الدوحة عرضتها قناة روسيا اليوم وظهر على خلاف قولة السابق داعيا الى الحسم العسكري ومحذرا من فكرة اجتياح دمشق وممنيا المعارضة بوصولها الى حلول سريعة وربما كانقلاب عسكري يخطر بباله في وقت يتكلم فيه عن الديمقراطية والديمقراطية لدى كيلو هذا تذكرنا بتوجهات عفلق ابان القرن الماضي في كل من العراق وسوريا بتطلعه بالوصول الى أهدافه السياسية عبر التأمر مثل ما حصل في شهر تشرين الاول عام 1963 في بغداد واعقب ذلك في دمشق والذي حكم بسببه بالإعدام وبالتالي فان السيد كيلو ينشد سرعة الوصول لما يريد دون التدقيق بمشروعية الوسيلة وما سينجم عنها ويتسائل المرء عن كيفية التحول لشخص كالسيد ميشيل كيلو من داعية للديمقراطية الى داعية للعنف ومراهنته على معارضة اصبحت مشتته منها جماعات مدنية تحاول كل منها ان تخون الاخرى وثانية عسكرية هيمنت عليها عصابة جبهة النصر وهي لا تعترف بما سمي بالائتلاف السوري او غيرة من معارضي الداخل او الخارج ولكن اهم ما يلفت النظر بمقابلة السيد كيلو في الدوحة انه صرح بأقوال تختلف تماما عن اقواله التي اشرنا اليها قبل ستة اشهر وهو يظهر متجنيا على الحقيقة حيث يقول أن الحكومة السورية هي التي بدأت القتال وان الإرهابيين يدافعون عن أنفسهم ومثل هذا القول بعيد كل البعد عن مصلحة الشعب السوري المهدد بالتقسيم فالجميع يعلم بان امريكا هي التي دفعت بالمسلحين عبر الاراضي اللبنانية للمباشرة بالعمليات الارهابية في سورية وان اكلنتون نفسها صرحت بالقول اننا سندفع بالمسلحين للقتال نيابة عنا ومن يقاتل نيابة عن امريكا لايروم ايجاد ديمقراطية او وطن يتمتع بالسيادة كما ان المسلحين في سورية هم قسمين الان الاول الوافدين من الخارج بعد ان امنوا وضع اسرهم خارج الوطن السوري والقسم الاكبر من المرتزقة الاجانب ومن جملة ما يحلم به السيد كيلو هو حسم المعركة والتوجه نحو الديمقراطية في حين بلد كمصر انتهى الحكم فيه لمجرد حصول تظاهرات جماهيرية فاستثمر التكفيريين ذلك وتحالفوا هم والاخوان مع الولايات المتحدة بغية أستلام السلطة وهم لا يعرفون ماهية الديمقراطية فكيف سورية وجبهة النصرة التي مارست انواع الاساليب البشعة في القتل وتفجير الاسواق الشعبية والذبح للنساء والاطفال والشيوخ في العراق وبشكل يعجز المرء في التعبير عنه وقد نقلت تلك العصابة اساليبها هذه من العراق الى سورية وهي تمارسها الان ومسيطرة على كافة العناصر الارهابية هناك ويبدوا ان من اجرى تلك المقابلة في الدوحة اراد عدم التوسع في مضمونها فلم يتطرق بالكلام عن تركيبة المسلحين خصوصا وان ال سعود وشيخ قطر طالبوا الولايات المتحدة بعدم ادراج جبهة النصرة في القائمة السوداء لأنها تعتبر امتدادا لأفكار القرضاوي وعرعور فلو كان يريد سيد كيلو الديمقراطية فعلا فالحكومة السورية طلبت من جميع المعارضين ليأتوا الى دمشق ويشاركوا في الحكم وقد بدأت بتغيير الدستور واجراء انتخابات نيابية وتشكيل الاحزاب وحكومة جديدة ولكن ما تريده الصهيونية والغرب وعملائهم في المنطقة لسورية غير الديمقراطية قطعا بل تقسيمها والقضاء على دورها الحضاري واخراجها كليا من المعادلة السياسية والعسكرية في المنطقة لذا وجدنا الدول المحبة للسلام والعدل والانصاف باشرت بدعمها وبكافة اوجه ذلك الدعم وانها بلدا منتج وشعبها عرف وعبر التاريخ كيف يستثمر ارض وطنه ويعوزها فقط مجال النقل وفتح الاسواق لتلك المنتجات واثبت الشعب السوري وجيشه البطل بقدرته على المنازلة بوجه الغزو الطائفي المدفوع من قبل الولايات المتحدة ولم يعد للعملاء ولا لمتلقي الدولار الامريكي أي مكانا لهم في حراسة مجدا بني على هامات الابطال وانما سيبقون طفيليات تتغذي على ما يقذف لها الاخرين من فائض فتاتهم واما الاعلام الغربي الذي يحاول ان يرفع من معنويات تلك العصابات بقولة بان تم الاستيلاء على الكتيبة الفلانية او المعسكر الفلاني فمثل هذا الامر لا ينطلي على احد فيدركه اغلب المحللين سيما ذوي الاختصاص في المسائل العسكرية حيث تلك المعسكرات تكون مقرات خلفية للوحدات القتالية وعندما تتوجه تلك الوحدات خارجها لممارسة مهامها فيبقى لحراستها عدد من الجنود محدودين جدا وهكذا عندما يدخلها هؤلاء الارهابيون نجدهم يصورون (الثكنة) وفيها عجله عسكرية او عجلتين وامامهم الكامرة مدعين بانهم قد احتلوا المعسكر الفلاني وطبيعي لا يستطيعون البقاء فيه ويتركوه بعد دقائق وما لفت انتباهنا قول السيد كيلو معترفا بان ما اسماها بمعركة دمشق ستكون كدخول هولاكو الى بغداد ويقصد من حيث نتائج التخريب فهو اذن يقر بهمجية عصابات جبهة النصرة وما يسمى بالجيش الحر كما ان كيلو يخشى على ما يبدو من الهيمنة الكاملة لمنظمة القاعدة على جميع اطراف ما تسمى بالمعارضة المسلحة وما له علاقة بالمسالة السورية راينا ان نذكر بان قناة الحرة يوم 18/12/2012 نشرت نبئ عن بعض عناصر القاعدة وقد كونوا مجموعة مسلحة على مقربة من مركز قضاء الرطبة وقاموا بقتل اثنان من المواطنين وقد كذب قائمقام القضاء المذكور ذلك في حين هناك ما ينقل عن امور تحصل في البادية الغربية سيما بمواجهة الحدود السورية حيث يتاح تنقل عناصر القاعدة احيانا عبر تلك الحدود خصوصا في المنطقة الكائنة جنوب مدينة القائم وباتجاه دير الزور حيث بساتين النخيل الكثيفة الممتدة عبر حدود البلدين وتلك هي من مسؤوليات قيادة قوات الانبار وقيادة قوات الحدود العراقية المتاخمة لسورية .