عنف الاعلام و تحييد السلاح/حسين شلوشي

Thu, 20 Dec 2012 الساعة : 23:28

 

كان و ما زال التفوق العسكري و سباق التسلح عنصرا اساسيا في ستراتيجيات الدول العظمى والكبرى و الطامحة الى الاستقلال ،ومع التطور التكنلوجي الكبير و ثورة المعلومات التي اختصرت العالم في نهاية القرن العشرين و قلصت المسافات ،بل الغت حدود التواصل و الاتصال المجتمعي و تدخلت في التركيبات الاجتماعية كأنعكاس لمجمل التغيرات الصناعية (تكنلوجيا ) و الاقتصادية و السياسية ،و يبدو ان هذه المتغيرات ارست قواعد جديدة مضافة الى عناصر الاشتباك الدولي ، فبعد ان كان سباق التسلح يمثل اولوية مطلقة في حسابات الدول دخلت عليه اولوية اخرى تنافسه في موقع الاسبقيات كأفراز او نتيجة من و اقع عالم الاتصال الكثيف ليحل الاقناع (الاعلام )بديلا منافسا و موازياً لاسبقية السلاح .
و يبدأ سباق اخر غير الذي اعتدات عليه قارات العالم و الدول المتحكمة او الدول المتأثرة من التحكم الدولي ،و الثابت في الامر ان معظم الدول التي وقع عليها تأثير الهيمنة العسكرية و السلاح الجديد (دائماً جديد في عصره )يقع عليها الاثر لتكون في احد موقفين ،اما الدفاع (الرفض )او الاستجابة (الاستسلام ) وهي ذات النتيجة التي تأتي من الترويع و القتل بالسلاح .
و بقدر تقارب التنافس الدولي في اسلحة الردع الاستراتيجي و ربما يصل الى التكافؤ في جانب التدمير و الحاق الضرر على اقل تقدير فان السباق الجديد (الاعلام )يسير بذات الوتيرة و بنسق شبيه الى حد كبير الانتشار العسكري الذي تنفذه هيئات الاركان في الجيوش العالمية و بكلفة مادية اقل بكثير من الاولى لتحقق ذات الاهداف عبر فن الاقناع و اعتباره بديلا عن الجهد القسري (المسلح ).
لذلك تنتشر اليوم اساطيل القنوات الفضائية الضخمة بديلا عن الاساطيل و القواعد العسكرية الكبيرة ،مع مرونة اكبر لاساطيل القنوات الفضائية في الحركة و الوصول الى الاهداف الصغيرة و الكبيرة و القريبة و البعيدة في ان واحد ،فهي تعبر المحيطات و تدخل الزواريب و تفتش البيوت و تحقق الاهداف لهذه الدول بتسويق مقبوليتها لدى الشعوب المستهدفة و من وراءها تضخيم اقتصاديات هذه الدول بالصادرات و الاستثمارات .
ان الارقام المتوقعة للقنوات الفضائية الاجنبية الناطقة باللغة العربية لوحدها و القادمة من الدول العظمى و اوروبا لوحدها يصل في عام 2015 الى اكثر من خمسمائة قناة فضائية ،وبنتاج ابداعي حرفي و تقني لا يشبه بعضه بل ينافسه في مفردات الاداء و العرض و المهنية ،و تلغي قوالب و اشكال عرض الرسائل الاقناعية في المجتمعات المستهدفة .
Share |