شعب العراق خارج النطاق/غفار عفراوي
Mon, 17 Dec 2012 الساعة : 16:48

قبل أكثر من أسبوع على قدوم شهر محرم الحرام، تبدأ الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال هذا الشهر الحزين، عن طريق نشر السواد ولبسه وانتشار المواكب في شوارع وأزقة المدن والأرياف. وصولا إلى بداية الشهر حيث إقامة المجالس الحسينية ومواكب العزاء التي تخرج إلى الشوارع حيث التطبير والضرب على الصدور والضرب على الرأس والظهر وتبلغ تلك الحالة ذروتها في أيام السابع والثامن والتاسع والعاشر.
ثم تأتي أيام الزيارة الأربعينية التي يستعد لها أهل العراق قبل أكثر من ثلاثين يوماً على يوم الأربعين من خلال إنتشار المواكب الخدمية على طريق ( المشاية ) من منازل المواطنين وحتى المقام الشريف لأبي الأحرار الحسين عليه السلام.
كل تلك الفعاليات والنشاطات تأتي من أبناء العراق لا من أبناء دولة أخرى مشهورة بالفساد الإداري والمالي، وليست الجماهير تقدم على هذه الأفعال لدوافع مادية أو للرياء أو النفاق أو لدواعي انتخابية من قبل بعض الأحزاب التي تعرض خدماتها أمام الزائرين دون أن تشير إلى اسمها أو شعاراتها أو غاياتها لأنها تخدم الناس بلا مقابل!
المواطن هو هو من يخدم في الموكب، الحزب هو هو، المرأة هي هي، في العراق هذه الدولة الغريبة العجيبة، التي تحوي أغرب شعب وأغرب قيادات وأغرب أحزاب وأغرب رجال دين وفيه كل غريب. فابتعاد أغلب الناس عن النزاهة والصدق والإيثار والتضحية وكل المثل والقيم هو شيء غريب جدا من قبل شعب يمضي أغلب أشهر السنة بالصلاة والصيام واللطم والتطبير والمواكب والمشي للزيارة وإقامة المجالس الحسينية ومجالس الدعاء والزيارة في البيوت والمساجد والحسينيات! وانتشار التسول في كل الأسواق وعلامات المرور وقرب الدور السكنية لبلد يعد من أغنى بلدان العالم من حيث الموارد الاقتصادية هو شيء غريب.
الأحزاب الإسلامية غريبة جدا بانتهاجها أساليب وسلوكيات تبتعد كثيرا عن روح الإسلام وقوانينه وتشريعاته فمنها من يروّج للسفور، ومنها من لا يمانع بشرب الخمور، ومنها من لا يقف بوجه الفساد والظلم والجور، ومنها من يتلاعب بالقانون والدستور! وفي أوقات الانتخابات تنتهج اغلبها أساليب الرشاوى للشعب المسكين المقهور.
غريب أبن بلدي في كل شي، فهو يتحدث بلا هوادة ولا توقف في أمور لا تسمن ولا تغني من جوع حتى ساعات متأخرة، وهو مستعد لقتل جاره أو أحد أقرباءه إن تعدى على احد أطفاله أو حتى على بقرته أو حصانه، لكنه يسكت ويصمت بل يصفق لمن يسرق ماله وعمره جهاراً وعلناً وعلى شاشات الفضائيات!
مسكين يا شعبي الحزين حتى القانون لا يقف معك، لأنه لا يحمي المغفلين..


