العثمانيون و الشعائر الحسينية/فيصل بن الحاج حسين الكويتي
Fri, 14 Dec 2012 الساعة : 22:57

الباحثون في الأرشيف العثماني في إسطنبول يجدون في وثائق متعددة ذعر قيادات الدولة العثمانية من "خطر" انتشار التشيع في أنحاء العراق في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. التشيع، كما هو حاله منذ استشهاد رسول الله صلى الله عليه و آله إلى اليوم، شكّل مشكلة عويصة للسلطة العثمانية آنذاك بقيادة السلطان عبدالحميد الثاني. خسر عبدالحميد معظم أراضيه في بلاد البلقان في حربه مع روسيا في 1877-1878 و خسر مع تلك الأراضي رعاياه المسيحيين. لكي يستنهض رعاياه المسلمين لانقاذ ما تبقى من دياره في الشرق، أحيا عبدالحميد ادعاءه بخلافة المسلمين و أطلق حملته الإيمانية. عيّن نفسه السلطان العثماني أميرا للمؤمنين بالرغم من أن جده محمد الفاتح يفضل لقب القيصر بعد فتحه لإسطنبول. عموما، انتشار التشيع في العراق شكل خطرا لحملة عبدالحميد التي لا تختلف كثيرا عن حملة صدام الإيمانية بعد هزيمته على يد قوات التحالف بعد احتلاله للكويت. الشيعي الحق، كما تعلمون، بطبيعة عقيدته يرفض الطواغيت. لذلك راح عمال السلطان العثماني في الأستانة بإيجاد طرق للحد من انتشار التشيع في العراق.
كانت الشعائر الحسينية هي من أهم ما ركز عليه عمال الدولة العثمانية للحد من انتشار التشيع و القضاء عليه. الشعائر الحسينية جسدت "الخطر" الشيعي في أرض الواقع في أعين الدولة العثمانية فكان لا بد لهم من محوها من أرض الوجود. العجيب أن الحسين عليه السلام محى الدولة العثمانية من الوجود قبل أن ينجح عبدالحميد من محو شعائره بعد ان امتد عمرها أكثر من 700 سنة. الأعجب من ذلك أنه بالرغم من حملة العثمانيين ضد شعائر الحسين في العراق في أواخر القرن التاسع عشر، يذكر أحد الرحالة إلى بلاد الأناضول أنه في نفس تلك الفترة رآى جماعة من الإيرانيين في يوم العاشر من محرم يقومون بإحياء بشعيرة التطبير المقدسة في قلب الدولة العثمانية في إسطنبول. * أقامت الجالية الإيرانية شعيرة التطبير في يوم العاشر من محرم بعد غروب الشمس على أضواء المشاعل و أصوات ضرب الصدور و النواعي الفارسية الحسينية.
لذلك نقول، إن شعائر الحسين حافظت على دين رسول الله صلى الله عليه و آله في ذلك الزمن و لا تزال تحافظ عليه في هذا الزمن. فيا طواغيت العصر، تعلموا من من سبقكم و حارب الشعائر الحسينية و انظروا أين هم و أين الحسين عليه السلام اليوم. كفوا أيديكم عن زوار و معزي الحسين عليه السلام لمصحلة دنياكم إن لم تهمكم مصلحة آخرتكم.
و يا عشاق الحسين، تهيؤوا لزيارة و مجالس الأربعين و تذكروا من سبقكم كالمطبرين الإيرانيين في إسطنبول و المخاطر التي عاشوها لأجل إحياء شعائر الحسين، و اصرخوا معا في مواكب المشق من أندونيسيا إلى كاليفورنيا: إنا جنودك يا حسين و هذه أسيافنا و دماؤنا الحمراء، إن فاتنا يوم الطفوف فهذه أرواحنا لك يا حسين فداء.