إنفصال كردستان العراق بين العقل والعاطفة/الدكتور خلف كامل الشطري
Mon, 10 Dec 2012 الساعة : 3:15

كنت حتى لوقت قصير (كإنسان بسيط!)من أشد المعارضين لأنفصال الأكراد عن العراق وقيام دولتهم الكردية المستقلة.قرأت قبل عدة أسابيع مقالا رائعا كتبه أحد المناضلين ضد دكتاتورية الطاغية المجرم صدام وحزبه الفاشي وهو وحسب إعتقادي ،من أكثر الناس حرصا على العراق وشعبه.المقال يحث جميع العراقيين من سياسيين في مركز القرار ومن الناس البسطاء بقبول إنفصال إقليم كردستان عن العراق وقيام الدولة الكردية شمال العراق.الكاتب يقترح أيضا بأن يكون العراق("العربي"؟)أول المعترفين بهذه الدولة الكردية الفتية ويذكر حقيقة حصلت قبل حوالي عامين تقريبا وهي إنفصال جنوب السودان عن دولة السودان.فكرت ساعات طوال بهذه "المسألة"،ولم لا!وقد درسنا في المدارس أيام الطفولة والشباب أن العراق يمتد من زاخو حتى الحدود مع الجارة الكويت. قبل عدة أيام أقامت الجالية العراقية كعادتها في أحد قاعات المدينة الألمانية التي نعيش فيها حفلة وكنت أيضا من الحاضرين ،وبين الألحان والأكلات العراقية قضينا ساعات جميلة،مرت وللأسف كدقائق ،ومع أغاني داخل حسن وحضيري وناظم الغزالي والقبانجي و زهور حسين...الخ ،عادت ذكريات الطفولة والشباب في مدينة الشطرة الرائعة(هذا بالنسبة لي طبعا!).كان عدد الحاضرين في القاعة مائة وواحد وعشرون شخصا،كلهم عرب(الأخوة الكرد لايحضرون مثل هذه اللقاءات إلا نادرا!).إقترح احد الأصدقاء قبل اللقاء (ومن ضمن الفعاليات!)بأن يتم التصويت على السؤال التالي:
هل تؤيد إنفصل كردستان العراق وقيام دولة كردية؟
لم أتوقع أن تكون نتيجة الأستفتاء صدمة لكل من أجاب ب(لا!).مائة وأحد عشر من الحاضرين من أصل مائة وأثنين وعشرين صوتوا ب(نعم!)،أي أن حوالي 92,5% مع الأنفصال.الذين صوتوا ب(لا)وكاتب المقال وبصراحة ،واحد منهم ،إعترضوا على الأنفصال وإدعوا أن هذا ضد الدستور العراقي والذي وافق عليه الأكراد أنفسهم وإن كردستان وحسب الدستور،جزء من الدولة العراقية الأتحادية..ووو الخ.قام أحد الحاضرين وهو بروفيسور بالقانون الدولي وإستاذ جامعي فذ وقال:سوف أحاول إقناع الرافضين للأنفصال بالأدلة العقلية وليست العاطفية..وإستطرد قائلا:الأكراد وكما يعلم الجميع ،شعب له لغته الخاصة وتقاليده وقد ناضل منذ الحرب العالمية الأولى لنيل إستقلاله وبناء دولته وهو من الشعوب الخاسرة بعد التقسيم التي قامت به الدول الأستعمارية بعد الحرب العالمية الأولى.نعم وألف نعم!الحق بجانبهم للأنفصال عن العراق وقيام دولتهم المستقلة!.أما مايخص الدستور العراقي الحالي والذي ينص بأن كردستان قسم من العراق الفدرالي فإن هذا النص لايعني في الحقيقة شيئا أمام(حق تقرير المصيرللشعوب!).فمجرد أن يصوت الأكراد ب(نعم!) للأنفصال ويحال الطلب إلى الأمم المتحدة فعند ذلك يحصلون على حقوقهم.وأضاف قائلا:أغلب الظن أن الأمم المتحدة ستعترف بالمناطق التي كان يسيطر عليها الأكراد عند سقوط الطاغية صدام( 9.4.2003 )كحدود جغرافية للأقليم وللدولة الكردية.وتابع:يجب على العراقيين العرب سنة وشيعة أن يقبلوا هذه الحقيقة وهي الحل الأنجع والعادل والذي سيحفظ العراق من الدمار والتشرذم وأضاف:وبعد ذلك يستطيع الجميع أن يقول بكل صراحة بأن العراق دولة عربية وسوف لم يسمع المرء بعد ذلك صراخ الأكراد وخاصة السيد مسعود البرزاني وحزبه بأن العرب العراقيين يحاولون مصادرة ("الحقوق القومية للشعب الكردي..ووو"؟ ) وسوف يتم بناء المحافظات العراقية العربية بصورة صحيحة وبنفس المستوى التي تتمتع به المحافظات الكردية الحالية من تقدم وإزدهار.وأزاد:عندما زرت العراق وهبطت االطائرة بي في مطار أربيل عوملت هناك كأجنبي من الدرجة الثانية أو الثالثة والمؤسف أن العمال الأجانب من العالم الثالث والذين كانوا معي في الطائرة عوملوا كأصدقاء وليس مثلي وأفراد عائلتي كأعداء!.كفى الضحك على الذقون والمهاترات السياسية لأغراض إنتخابية رخيصة وإنتهازية.وأردف:إن إستمر الحال هكذا فربما سيطالب الأكراد عن قريب بمناطق واسعة أخرى من العراق العربي.ومن يدري! فربما سيدعون أن البصرة وميناءها هي اراضي كردية!.وختم بقوله:الزمن هو الحكم !ولا عذر لمن أنذر!،وسياسيا تغير العالم جذريا في العقدين الماضيين!.إنه عصر حق تقرير المصير لجميع شعوب الأرض!.ومن لم يدرك هذه الحقيقة فهو لايزال يعيش في القرون الوسطى!.


