الصراع البارزامالكي لم يذكر في الوصية/حسام الحسني

Sat, 8 Dec 2012 الساعة : 13:12

يكاد يكون الفارق شاسعاً بين الواقع والطموح فما يشهده المشهد السياسي العراقي اليوم من صراعات داخلية بين الاطراف التي كانت متحالفة على اساس بناء العراق الجديد يعد مؤشر ضعف حقيقي في جسد العملية السياسية العراقية القائمة اساساً على التوافقات المرسومة من قبل ابرز اطراف الصراع الحالي والتي من المقدر لها ان تكون سبيلاً لبناء الدولة المنشودة , فللاسف لم اجد مفهوماً ادق ولا كلمةً ابلغ من (الصراع) لوصف الحالة المزرية التي يعيشها العراق اليوم فالتحليل المنطقي للازمة السياسية القائمة يقودنا الى معرفة مسبباتها الحقيقية والتي تتمثل بشخصين اتفقا واختلفا في ان واحد ومن سخرية القدر ان اتفاقهما واختلافهما سيحقق هدفاً واحد الا وهو الاضرار بمصالح ومكانة الشيعة والكرد في الدولة العراقية ولعلني لا اجافي الحقيقة في القول فالصراع (البارزامالكي) يعد حالة شذوذ في الارث العلاقاتي غير مؤشر ضمن وصية الاباء الخالدون فالكل يعلم ان القدر شاء ووضع ترابطاً وتوافقاً هدفياً وتكاملاً خططياً وادوارياً بين الكردي والشيعي سواءً في مقارعة النظام الصدامي المقبور او في بناء عراق ما بعد الطاغية وانطلاقاً من هذا التوافق تم بناء العملية السياسية وكتب الدستور واسس البرلمان واصبح رئيس الوزراء شيعياً ورئيس الجمهورية كردياً , اما اليوم فنحن نشهد انحدار شديد الخطورة في منحى العلاقة بين المكونين ابتداءاً من ازمة سحب الثقة ومروراً بالازمة الحالية ولا اعرف الى متى ستستمر حالة الصراع هل ستكون هذه هي الجولة الحاسمة والاخيرة ام ستكون هنالك جولة اخرى , فمن مهازل الزمان وخرائب العقول التفكير ولو للحظة بان المالكي بكل ما يمثله من اداء وممارساتً عنفيةً وسلوكياتً ديكتاتورية متفردة انه يمثل شيعة العراق فلو كان الشيعي يؤمن بتلك المنظومة الفكرية والممارساتية التي يعتنقها المالكي لما استطاع ان يصل الى رأس السلطة التنفيذية في العراق لابل انه كان قد تم استهدافه من المكونات الاخرى واجهاض مشروعه منذ التصور ولكن مايحصل اليوم وما يمثله المالكي وما ينتهجه من سلوك هو غاية وهدف للبقاء على رأس هرم السلطة من جهة وانتقاماً من التحالف الذي طالب بعزله من جهةً اخرى فالمالكي كان ومايزال يرغب وبشغف كبير ان يجعل من نفسه بطلاً شيعياً عربياً قادر على الحفاظ على مصالح العرب الشيعة وغيرهم وبالتالي تكون له الغلبة في السباق الانتخابي القادم واضعاً صوب اعينه صور من يريد الانتقام منهم وهذا بطبيعة الحال يعد تخبطاً ادائياً لرئيس الوزراء فالاضرار بمصالح الشيعة من خلال ادخالهم بحرب مع الاكراد ليس صواباً ولاحكمةً بل ان الحوار على اساس تصفير الازمات وجعل الوطن والمواطن اولاً وغايةً تجمع كافة المكونات هو السبيل الحقيقي للخروج من كافة الازمات ولعله لايخفى عن كل ذي لب ان البارزاني بكل ما يمثله من ثقل سياسي داخل الاوساط الكردية لا يعد المرتكز القراري والمصيري الوحيد للمكون الكردي فهناك مرتكزات اخرى يمكن مد جسور التعاون والثقة معها وهي اساساً غير متفقة مع البارزاني في كثير من القضايا لا سيما في ادارة الاقليم يمكن للحوار الوطني البناء ان يفتح افاق تحالفات جديدة معها تتطور فيما بعد لتشمل التمثيل الوطني والسياسي للشعب الكردي ضمن نظرية الاحلال والمبادلة وفق التغيير الحقيقي للمرتكزات والادوار فالطالباني بكل ما يمثله من ارث تاريخي سياسي وطني يعد واحد من الخيارات البديلة للتحالف الجديد كما لا يفوتنا عنفوان وطموح كتلة التغيير (كوران) برئاسة نشيروان مصطفى وما يمثله من توجه سياسي كردي جديد فالتحالفات القادمة يجب ان تكون تحالفاتً بين الاقوياء الرحماء فيما بينهم والاشداء على اعدائهم , بالمحصلة ان الخروج من دوامة تلك الصراعات يتمثل بانتهاج سلوك سياسي وطني مبني على اساس معرفة الذات ومعرفة الاخرين والعمل على تحقيق رغبات الجميع ضمن الاطر الدستورية والقانونية للعراق وان تكون هنالك رغبة حقيقية وارادة فاعلة على تصفير الازمات الشخصية وجعل الوطن والمواطن غايةً ووسيلةً لبناء دولةً عصريةً عادلة تكفل تلك الحقوق وتضمن سير نسق العملية السياسية ضمن مبدأ التداول السلمي للسلطة وفق الية انتخابية نزيهة , دولةً تسعى الى انتشال واقع العراق الحالي من الفوضى والعشوائية الى النظام والتخطيط لبناء المستقبل المنشود الذي سعى الى تحقيقه ابائنا الخالدون وحثونا الى الالتزام به من خلال وصاياهم فالتحالف الشيعي الكردي الذي بني اساساً على فتوى زعيم الطائفة الشيعية ومرجع الامة الاسلامية سماحة الامام الراحل محسن الحكيم (قده) بتحريم قتال الاكراد وضرورة التوحد معهم في مقارعة الظلم والاستبداد وصولاً الى مرحلة بناء الدولة العصرية العادلة وهذا ما اكدته لنا ايضاً وفيما بعد فتوى سماحة السيد محمد باقر الصدر (قده) وما تحثنا عليه اليوم مرجعيتنا الرشيدة متمثلةً بالمرجع الشيعي الاعلى سماحة اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني بضرورة اعتماد الحوار سبيلاً لتصفير الازمات السياسية بين الشيعة والكرد وعدم جر البلاد لاسيما المكونين الى حروب داخلية تفتك بوحدة العراق القائمة اساساً على تحالف تلك المكونات فقدر الشيعي اني يكون حليفاً استراتيجياً للكردي وقدر الاخير ان يكون حليفاً استراتيجياً للشيعي ضمن دولةً عصريةً عادلة تحفظ الوطن وتكرم المواطن .

Share |