المشكلة السياسية بين قلة الخبرة وانعدام الرؤية/عصام الطائي

Sat, 8 Dec 2012 الساعة : 12:30

 

المشاكل السياسية التي يعيشها العالم العربي والاسلامي هو بسبب وجود التراكمات من الاخطاء والسلبيات والتقصيرات ولم تكن وليدة الصدفة لذلك يحتاج العلاج الى نحو من الصراحة والاعتراف والموضوعية لتشخيص تلك الاخطاء والسلبيات والا لو بقينا على ان كل طرف يعتقد هو الاصح وغيره على خطا لم نصل الى الغاية المطلوبة وهذه المشاكل والازمات التي تعيشها الشعوب من الالالم والمصائب والمصاعب وليدة تلك الاخطاء والسلبيات والتقصيرات المتراكمة والتي جعلت تلك الشعوب تدفع الثمن غاليا.
 
وفي برنامج في العمق على قناة الجزيرة اثناء طرح المشكلة السياسية المصرية في هذه الايام كان تشخيص احد الضيوف في غاية الدقة فقال ان المشكلة الحالية هي قلة خبرة الحكومة وانعدام رؤية المعارضة فاما انعدام الرؤية بالنسبة الى المعارضة فهو ناتج عن التخبط بعدم وجود اساليب واقعية للمعارضة تستطيع من خلالها تحقيق اهدافها ويكون الركض على تحقيق المكاسب هو الهدف المنشود وهناك سبب اخر اساسي في المشاكل والازمات الحالية هي تراكمات الحمل الثقيل من السلبيات والاخطاء والتقصيرات الذي خلفه نظام مبارك بالاضافة الى عدم السماح للمعارضة في الحكم سبب ويسبب ضعف الخبرة لدى أي حكومة قادمة يمكن ان تحكم سواء اكانوا من الاخوان او غيرهم لذلك نجد المعاناة التي يعيشها أي حاكم مهما كان اتجاه وهذا غير القوى المضادة التي تعمل جادة في افشال أي تجربة فحتى اننا نجد رجال القضاء فالبعض منهم من له الولاء الى النظام السابق لذلك يحاول ان يتدخل في الشان السياسي بينما المفروض وفق مبدا فصل السلطات ان يكون القضاء غير منحاز الى أي جهة .
 
ونفس المشكلة نجدها لدى كثير من البلدان العربية التي لا زالت تعيش عقلية الانظمة الدكتاتورية السابقة او التي التي حصل فيها تغيير كما في ليبيا وتونس واليمن حيث اننا نجد اما تاثيرات العلمانية المتطرفة كما في الاحزاب العلمانية المتطرفة التونسية او تاثيرات الاتجاهات السلفية المتطرفة كما في تونس واليمن او نجد تاثيرات القوى المضادة كما في مصر وتونس واليمن وليبيا محاولة منهم لاعاقة تحقيق اهداف الثورات في تلك البلدان هكذا غير الفساد المالي والاداري في اغلب البلدان العربية بالاخص في العراق الذي يقف عاقا في تحقيق أي تقدم منشود وهناك الضعف في النضوج السياسي لدى كثير من القوى السياسية في العالم العربي والاسلامي وهذا غير الركض الى الاهداف المصلحية التي يلهث وراها الكثير مما كان يدعي التضحية في سبيل القيم والمبادى والمثل او الى وجود النزعات القومية والعنصرية التي تحاول تحقيق اهدافها على حساب بقية المكونات الاخرى والتي لا زالت تكون عاقا في تحقيق كثير الاهداف حيث تقف تلك العقليات القومية والعنصرية حجر عثرة اتجاه أي تطور سياسي بسبب الافق الضيق وهكذا نجد اكثر من مشكلة ومشكلة حتى ان الشخصيات الدينية تجدها اما منعزلة عن الشان السياسي انعزلا سلبيا او حتى لو شاركت نجد ضعف النضوج في الوعي السياسي عندها هذا غير تقصيرات الشعوب بشتى فئاتها اتجاه المبادى والقيم والمثل كذلك لا ننسى قوى الاستكبار العالمي التي تحاول تحقيق اهدافها ولو على حساب تلك الشعوب والتي لا زالت تنهش من خيرات تلك الشعوب وان تطبيقها نظرية الفوضى الخلاقة على ارض الواقع هو خير دليل على الاثار السلبية للاستكبار .
 
وفي التاريخ الاسلامي كان هناك ازمة دائمة في الحكم فان بعض من الفقهاء من وعاظ السلاطين من يقف تارة مع الحاكم ليمنح له الشرعية بينما كان المفروض ان يقفوا ضد أي حاكم مستبد وتارة مع وجود مسمى للصبغة الدينية لاي حاكم الذي يقف مع توجه معين كان يقف اولئك الفقهاء ضد ارادة الامة فهذه كتب الاحكام السلطانية للمودودي والاحكام السلطانية لابي يعلى وغياث الامم للجويني كانت تمثل فرض ثقافة الاداب السلطانية التي هي وليدة اشكالية الشرعية وقد ولدت تلك الاشكالية نتيجة ازمة الحكم عبر التاريح فنتيجة لعدم بناء منهجية صحيحة ترضى عليها الامة سببت كثير من الانتفاضات والحروب الى التي كانت رد فعل طبيعي اتجاه كثير من المفاسد في تلك الامارات والدول من دولة بني امية الى دولة بني العباس الى الدول العثمانية وكان تعبير دولة هو بمثابة نمط الحكم للنظام الاجتماعي السائد في كل دولة.
 
وان الاداب السلطانية تنطلق من التسليم بالسلطة القائمة حيث لا تدعي السلطات لنفسها الشرعية بل هي تعتقد انها تمثل الشرعية لذلك حينما يقف هؤلاء وعاظ السلاطين مع أي حاكم فهم يقدمون له النصائح والارشادات لمساعدة السلطان الحاكم في ادارة حكمه وفي بعض الاتجاهات الشيعية المعاصرة تقف تلك الاتجاهات لتقدم مجرد الارشادات والنصائح والتوجيهات فهي اشبه بدور اصحاب الاداب السلطانية فهم اما يقفوا اتجاه الحاكم المستبد موقف الجامد غير المتحرك لتغيير سلطة الحاكم كما في الانظمة الدكتاتورية التي حكمت في السابق او يقفوا موقف اصحاب الاداب السلطانية فلم يفكروا بعملية التغيير الفعلي وانهم حتى لو قاموا بعملية التغيير سوف نجد عدم تحقيق الاهداف لانه سوف نجد المشاكل من قبل أي حاكم ينصب من قبلهم لان مجرد ادارتهم مسالة الخمس لا يمثل ادنى مستوى الطموح للامة حيث لا زالت الالية متخلفة في ادارة الخمس حيث يتسلط عليها اناس لا يمثلون مستوى الطموح فكيف بادرة الحكم وذلك بسبب وجود عقلية ونمط معين حيث تعتقد تلك الاتجاهات الدينية بافكار قد تكون بعيدة عن الواقع والواقعية وذلك بسبب الازواء عن الواقع والاكتفاء بالافكار النظرية البحتة التي لا تزود الانسان بالخبرة العملية فالشخص الذي يتفاعل مع الواقع يتعلم الشيء الكثير اما مجرد التنظير فلا قيمة له او تجد البعض يعيش العقلية الثورية التي تعتمد على الانفعال وليس التعقل السياسي او الاعتماد على الاكتفاء بالعناصرالحزبية واهمال أي دور لاصحاب الخبرة والاختصاص وهكذا نجد كل طرف له افق معين لا يحاول ان يتجاوزه مما يساعد على تكريس التخلف .
 
لذلك نستطيع ان نتوصل لاهم حقيقة وهي ان ضعف النضج السياسي لاي اتجاه سواء أكان اسلاميا او غير اسلامي هي من اكبر المشاكل وبسبب ضعف النضج السياسي سوف تخلق الازمات فانه حتى على مستوى العائلة نجد ان الاب الواقعي او الام الواقعية تستطيع معالجة المشاكل بالطرق العقلائية الواقعية اوبالاعتماد على العقل الواعي من قبل الوالدهين اما لو كان احد الوالدين غير واع او كلاهما لا يحملا الوعي سوف تخلق المشاكل والازمات والتي تصل الى القطيعة والانفصال وتحطيم كيان الاسرة وهكذا على مستوى الاحزاب والتكتلات والدول فان خلق المشاكل هو وليد الذهنيات المنحازة او المتحندقة او الضيقة في كثير من الاحيان كما في اجندة المعارضة المصرية والاتجاهات السلفية المتطرفة في تونس والقوى المضادة من قبل انظمة الحكم السابقة اواصحاب النزعات القومية والعنصرية او ارتكاب الظلم من قبل انظمة حكم الاستبداد والا لو كان هناك رشد سياسي لامكن تحقيق الاهداف بدون الطموحات الزائفة.
وان اغلب المشاكل السياسية قد تتحول الى ازمات وقد تتحول الى معضلة سياسية وتتحول بعدها الى فوضى وهذا يؤدي الى اضعاف أي تنمية لاي بلد حيث تتحول تلك الدول الى حالة من الفوضى والاضطرابات وتتحول كثير من الدول الى دول مستهلكة غير منتجة وغير فعالة باي حقل من حقول الحياة فان دول الخليج تحولت الى دولة مستهلكة والان الدور لبقية الدول العربية التي سوف تتحول كما في دول الخليج الى دول مستهلكة غير منتجة وان وجود بعض التقدم في مجال العمران في دول الخليج ليس دليلا على التقدم في الانتاج هذا غير الفوضى والاضطربات الدائمة.
 
عصام الطائي
Share |