في ذكرى أستشهاد الامام موسى بن جعفر"ع سليل الدوحة المحمديه" وراهب بني هاشم ع-حيدر عبد العباس الموسوي
Tue, 28 Jun 2011 الساعة : 10:21

اليوم تشهد بغداد الحبيبه وبحضور أكثر من 6 ملايين زائر قدموا من مختلف مدن العراق "ومعهم الزوار العرب وغير العرب شاركو لاحياء ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه" السلام سليل النبوة وحفيد العترة الطاهرة، الإمام المظلوم الصابر وليد بيت الشرف والمجد الرفيع، عاش في كنف أبيه الإمام جعفر الصادق (ع) استاذ العلماء والفقهاء ودرس في مدرسته العلمية الكبرى التي توافد عليها العلماء والفقهاء والفلاسفة المحدثون فورث علوم أبيه وتشبع بروحه وأخلاقه وشب على صفاته وخصائصه فكان مثالا في الخلق الرفيع وفي الكرم والزهد والصبر ومثلا أعلى في الثبات والشجاعة ومقارعة الطغاة.
وكانت حياته في ظل أبيه حياة تربية واقتباس وحياته بعد أبيه امتدادا واستمرارا لمسيرة أهل البيت النيرة في العلم والعمل والجهاد والقيادة والإمامة وقد عبر الإمام الصادق عليه السلام عن هذه الحقيقة واصفا ولده الامام الكاظم عليه السلام (الحمد لله الذي جعلك خلفا من الآباء وسرورا من الأبناء، وعوضا عن الأصدقاء) حياة الامام الكاظم عليه السلام مدرسة متحركة لمن يدرسها ويتأمل فيها ويستبطن أعماقها وصفحات تاريخها المشرق. كان عليه السلام الإمام العابد الذي ملأ قلبه شوقا إلى الله تعالى واستولى حب الله على نفسه (اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد).
الإمام الكاظم عليه السلام لم يكن ليعبأ بالسجن أو ليضجر منه أو يخشى تسلط الطغاة، فهو عالم فريد متعال على عالم الدنيا لا يرهبه السجن ولا يثنيه الإرهاب فكل هدفه هو التوجه إلى الله ومقاومة الطغاة والدفاع عن الحق فقد قطع علاقته بلذائذ الحياة وفرغ نفسه لعبادة الله تعالى ورصد حياته لخدمة العقيدة والدفاع عنها، كان الإمام والقائد قدوة في طريق الهدى ورائدا في طريق الجهاد ومثلا أعلا في التمسك بمنهج الحق ومبادئ الخير وكيف يعبأ بظلم الطغاة وإرهاب الظلمة وسجون الجبابرة؟
من يعتبر السجن نعمة والزنزانة المظلمة مسجدا ومحرابا للتقرب والإخلاص، وكيف يعبأ بالسجن من تكون له في ساحة السجن سجدة تمتد من بعد طلوع الشمس إلى الزوال.
الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كاظم الغيظ الذي كان منفتحا حتى على الذين أساؤوا إليه وكان له أسلوب، في اجتذاب اعدائه إلى محبته من خلال كرم أخلاقه والروحانية العالية التي عاشها واستطاع بهذا أن يحصل على ثقة ومحبة الناس كلهم لأنه عاش حياته نفعا لهم في قضاياهم الروحية والعلمية والاجتماعية والسياسية. ولقد اشتهر الامام الكاظم بكرم النفس وسخاء اليد والصدقة في السر والعلن وقضاء حوائج المحتاجين يحرر العبيد ويقضي دين الغارم ويصل الرحم (كان أبو الحسن أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفا وأكرمهم نفسا.... وكان أوصل الناس لأهله ورحمه وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل يحمل إليهم الزبيل في العين والورق والتمور فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو).
الإمام الكاظم عليه السلام كما في بعض الروايات أسر وسجن ما يقارب أربع عشرة سنة، وخرج جثمانه الطاهر من ظلمات السجون غريبا مطروحا على قارعة الطريق ينادى على جنازته بعبارات الدس والافتراء العبرة عن الحقد والظلم والغبن لأهل البيت ويسجل صرخته بوجه الظلمة في كل عصر وجيل أن ليس بوسع القيد والسجن وسيف الجلاد أن تقهر إرادة الحق أو تخفي معالم الهدى في سراديب السجون وتلقن الجبناء والمتخاذلين وصفاف النفوس الناكصين عن مقاومة الظلمة، وقد أطلق المرحوم آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله يوم شهادة الامام الكاظم عليه السلام وأسماه يوم الأسير ويوم السجين، ونحن في مثل هذا اليوم نتوجه بالرحمة والمغفرة للسيد فضـل الله ونتوجــه إلى الله تبـارك وتعالى بالـدعــاء ليفـك أسرى المؤمنين من أيدي الطـغاة الظالمين وليفرج عنهم ببركة باب الحوائـج موسى بن جعفر عليه السلام.