تعرية مخطط القوى الغربية والأزمة السورية/عبد الأمير محسن أل مغير

Sun, 2 Dec 2012 الساعة : 0:10

كانت الهجمة الأمريكية الأخيرة على بلدان الشرق الأوسط متوقعة بحكم تنامي الوعي لشعوب هذه المنطقة مما حمل الولايات المتحدة ورهطها الاوربي ان يسايران ذلك الوعي لمصلحتهما وتوجيهه بالشكل الذي يخدم المخطط الموضوع من قبلهما بالتحالف مع جماعات متخلفة بغية اعادة هذه المنطقة الى الوراء بما يقارب النصف قرن فكانت سرقة الثورات الليبرالية في تونس ومصر وليبيا وتسليمها الى الاخوان المسلمين والسلفيين التكفيريين وقد ادركت هذه الشعوب وفي مقدمتها الشعب المصري بحكم وعيه المتصاعد بما يقترب من الرقي الحضاري للمجتمعات الغربية نفسها وبعد الاعلان الدستوري من قبل الرئيس الاخواني محمد مرسي رفع المصريون شعار (للثورة جماهير تحميها) مما حمل ذلك الرئيس ان يختصر فترة اعداد مسودة الدستور الجديد ويكملها من قبل اللجنة التي هياة لهذا الغرض خلال يومين من بدا المظاهرات في حين يتوجب ان تكمل تلك المسودة بعد مدة شهرين متصورا بان ذلك يستطيع من خلاله تمشية ما خطط له مع ان تلك اللجنة انسحب منها ممثلي اوسع القطاعات الجماهيرية في ذلك الشعب من العناصر الليبرالية والقومية واليسارية وحتى الاسلامية المعتدلة وعندما سؤلو عن سبب انسحابهم اجابوا بان نصوصا من افكار طالبان والوهابيين التكفيريين ينوون درجها في مسودة ذلك الدستور وكان اعلان محمد مرسي الدستوري تضمن حصر السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بيده واعلنت جبهة الانقاذ الوطني بعدم الاعتراف بذلك الاعلان ومسودة الدستور حيث وردت فيه نصوص تؤدي الى مصادرة الحريات العامة ولجم افواه الجماهير وتحويل النظام السياسي في مصر الى نظام دكتاتوري ويتوقع المراقبون ان اعتصام ميدان التحرير في القاهرة سيتحول الى مواجهات بحكم تمسك محمد مرسي وجماعة الاخوان بالموقف المعلن من قبلهم وسوف يقف الجيش المصري الى جانب الثوار لعدالة قضيتهم حيث ان مصر ومنذ بدا استقلاها ولحد الان لم تحكم من قبل حاكم كمحمد مرسي وقد ارتفعت مطاليب الجماهير صباح يوم 30/11/2012 الى المطالبة بسقوط حكومة محمد مرسي وان سقوط تلك الحكومة يعتبر اكبر انتكاسة للسياسة الامريكية في المنطقة حيث طوقت تلك الجماهير السفارة الامريكية في القاهرة وباشرت بمهاجمتها وقد علقت الولايات المتحدة اعمال تلك السفارة وكانت امريكا واسرائيل تعتمدان ضمن الخطة الموضوعة من قبلهما اعتمادا كبيرا على التحالف بين جماعة الاخوان المسلمين والقوى الغربية ليس في مصر وحسب وانما في عموم المنطقة العربية والشرق الاوسط ويعتقد المراقبون في حالة سقوط حكومة محمد مرسي سيؤدي ذلك الى افراز معطيات جديدة في هذه المنطقة تعكس تماما كافة النتائج المتوخاة من الخطة الموضوعة وسيؤدي ذلك الى سقوط حكومة اوردكان في تركيا بحكم التضامن الدقيق ولما يخدم مصالح الغرب في هذه المنطقة بأكملها بين كل من محمد مرسي واوردكان حيث ادركت الجماهير المخاطر التي تواجهها جراء الهجمة الامريكية وحلفائها الاخوانيين حيث على اثر تلك الهجمة اخذت المخاطر تحيط بدول هذه المنطقة من اقصى غربها الى اقصى شرقها فقد اعلن عن تحرك اخواني في كل من الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة كما ان الاضطرابات بدأت تسود كل من لبنان والاردن حيث صرحت وزيرة الخارجية الامريكية بقولها بان الجماهير في الاردن متعطشة للتغيير في حين ان تلك الجماهير كان مطلبها محصورا في ما يتعلق برفع الاسعار واعتبر المراقبون تصريح كلنتون تمهيدا لتنفيذ الخطة الموضوعة من قبل الغرب بإسكان فلسطيني الضفة الغربية في الاردن وسكان غزة في سيناء حيث السياسة الصهيونية تعتمد اساسا على ضم كافة الاراضي الفلسطينية وقد صرح الساسة الصهاينة بان محمد مرسي يستجيب لمتطلبات الامن الاسرائيلي اكثر مما كان يفعله حسني مبارك كما عكست الاحداث الاخيرة التي حصلت في المنطقة جراء القصف الصهيوني لقطاع غزة والذي جاء مباشرة بعد زيارة حمد بن ثاني أمير قطر للقطاع وقيامة بتحديد الاهداف التي هاجمتها اسرائيل بهدايا من الساعات واجهزة الاتصال وزعها على كبار المسؤولين في القطاع حيث نشرت تلك المعومات قنوات عد ومنها قناة الفيحاء يوم 28/11/2012 كما تناقلت الانباء ايضا بان حمد بن ثاني يقوم بأعداد خالد مشعل ليحل بمحل (اسماعيل هنية) لان الاخير هو الذي هيئ للنصر الذي تحقق في المنازلة التي حصلت بين اسرائيل وقطاع غزة وعند زوال نظام محمد مرسي يعتقد المراقبون للأحداث بن 80% مما احاط بالأزمة السورية سوف تحل لان ما جعل القوى الغربية تهيئ لحالة العدوان ضد الشعب السوري واستهداف استقلاله وسيادته يعود بالدرجة الاولى لما تبناه نبيل العربي امين عام الجامعة العربية والذي يوجه في حقيقة الامر من قبل كل من محمد مرسي وشيخ قطر والسعودية وبالتالي فان موقف الجامعة من محاولات حل تلك الازمة يعود بالدرجة الاولى لنبيل العربي من تفويت كثير من الفرص لحلها كمراقبي الجامعة العربية وافشال مهمة السيد كوفي عنان ومن ثم تطويق مهمة السيد الاخضر الابراهيمي بغية ايجاد حكومة اخوانية تضم الوهابيين والسلفيين التكفيريين في سورية وان التوجه الشعبي الاخير في مصر وتونس وليبيا يعتبر بمثابة التقويم لمسار تلك الثورات بما يخدم شعوبها ويعتبر صفعة بوجه الولايات المتحدة وهولاند وميركل وكاميرون سارقي رفاه هذه الشعوب والمتحكمين بمستقبل اجيالها بإشاعة الفقر وتسلط الحكام الظالمين وقد ادركت هذه الشعوب ما من ازمة تواجهه هذه البلدان الا والولايات المتحدة ورهطها وراء تلك الازمة سواء اكانت عسكرية او سياسيا او اقتصادية وهكذا بدأت شعوب الشرق الاوسط تعي مخاطر تفتيت دولها بالكونفدرالية في ليبيا وتقسيم اليمن الى ثلاث دويلات وسلخ سينا من مصر والاستحواذ على الضفة الغربية ومحاولة تقسيم العراق ضمن شعار كونفدرالية بايدن حيث يؤازر هذا الاتجاه مسعود البرزاني متبنيا مواقف حكام قطر والسعودية ولم يكن توقعات هؤلاء المحللين مجرد حدس وانما واقع ملموس بدأت الشعوب تحس به واخذت تقف بوجهة لسهولة تنامي الوعي بحكم توفر سرعة انتشار المعلومات والمعرفة العلمية واصبح الزمن يختصر بدرجة كبيرة في هذا المجال ويعتقد بعض المحللين ان الولايات المتحدة سوف تنخفض قيمتها الدولية الى الدرجة الثانية كبريطانية وفرنسا خلال السنوات الخمس القادمة بحكم مواقفها غير العادلة من قضايا الشعوب وربما انصع دليل على ذلك موقفها من حقوق الشعب الفلسطيني وسوف ترتفع الى منزلة الدرجة الاولى في الريادة الدولية كل من الصين وروسيا وبهذا الموقف الذي اتخذه الشعب المصري يعتبر اهم دليل لمواجهة هذه الشعوب خشية الهيمنة على مقدراتها وتفتيت دولها لصالح اسرائيل اما العملاء الصغار واللذين وصفوا انفسهم بالنعاج وهم صادقين في ذلك سوف يتجاوزهم التاريخ الانساني نحو الرقي وسيتركون في مزابله فلم يستطيع البقاء الا من تسامى في خلقة ففي هذا العصر لا تستطيع النوايا الشريرة التي تبني امبراطوريات عن طريق الخبث والتآمر والدسيسة وعند مسك هذه الشعوب لمقدراتها سوف يؤدي انعتاقها الى تفجير قدرات هائلة توظف لخير شعوبها وتسترد ما اوخذ من اراضيها وتحقق امانيها في التوحد وتحقيق النمو الاقتصادي ولم يعد لأمثال نبيل العربي واشتون من مكان لذلك التآمر على هذه المنطقة اما داعات اوردكان بقولة بان عناصر القاعدة سوف يخرجون من الاراضي السورية عند استتباب الامن في ذلك البلد وهذا اما يدل على السذاجة او الخبث فهؤلاء يهيؤون لإقامة دولة اسلامية في سورية وقد بدا الان كل من جبهة النصرة وجماعة التوحيد بتجريد ما يسمي بالجيش الحر من سلاحه كما ان الولايات المتحدة على ما يبدوا اخذت تعيد النظر بحساباتها حيث تقول السيد كلنتون وزيرة الخارجية الامريكية في تصريح لها يوم 29/11/2012 بان الاحداث في سورية ستكون بعد ستة اشهر مهيأة لمرحلة انتقالية وفسر المتتبعون للأحداث هذا التصريح بانه اما توريطا لأوردكان في القضية السورية او لتغطية خطة غربية بالتدخل لحلف الناتو بعد اقامة صواريخ (الباتريوت) على الحدود السورية التركية وقد صرح اوردكان يوم 29/11/2012 بقولة بان الحل بيد روسيا في ما يخص المسالة السورية اما الولايات المتحدة فلم يصدر عنها سواء الوعود حيث كانت تعد لما بعد الانتخابات ثم الان لما بعد تشكيل الحكومة الامريكية الجديدة على حد قوله في حين يرى المراقبون وطبقا لتصريحات كبار الساسة الامريكيين بانهم اصبحوا يدركون بان المسيطر على الجماعات المسلحة في سورية حاليا هم جماعة القاعدة وفي جميع الاحوال ان انتصار الثورة الليبرالية في مصر وسقوط نظام محمد مرسي سيؤدي الى تغيير موقف الجامعة العربية من المسالة السورية جذريا وسيكون مفتاحا لحلها بتسوية سياسية لا تعطي للسلفيين التكفيريين والوهابيين اي تحكم في تلك التسوية والمنطقة وكما ذكرنا مقبله الان على تحولات (راديكالية) معاكسة تماما للمخطط الغربي الاخواني .

Share |